لقد اتصل بي الأستاذ أحمد بن صديق منذ قرابة ثلاثة أسابيع وأسر لي بأنه ينوي توقيع عريضة، تعاطفا معي، من قبل شخصيات حقوقية وحزبية وثقافية وإعلامية، للتعبير عن تضامنها معي ومطالبة حكومة السيد بن كيران، التي لم تكن قد تشكلت بعد، للتدخل لدى السلطات السعودية لرفع المنع الذي طالني، بطلب من جهات عليا مغربية، والسماح لي باستئناف نشاطي السياسي والإعلامي، والمساهمة في الحراك السياسي الذي تشهده بلادنا، وكان جوابي بأن شكرته على هذه المبادرة الكريمة واعتذرت له، لأنني أفضل التريث إلى حين انجلاء المشهد السياسي، ثم لأنني أعتقد أن قضية وطننا ومحنة شعبنا أكبر من قضيتي ومحنتي وأن هناك أشكالا نضالية متعددة. ومساء أمس، عاود السيد بن الصديق الاتصال بي هاتفيا وعبر حسابي على الشبكة الاجتماعية الفايسبوك ليطرح مبادرة أخرى، وهي أن يوجه رسالة إلى السيد سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، بصفتي دبلوماسي سابق، داعيا إياه التدخل لإنصافي ورفع الظلم عني لأعاود نشاطي الإعلامي والسياسي، فكان جوابي الأخير كجوابي الأول، مؤكدا له بأن قضيتي ونضالي من أجل حرية وطننا وكرامة شعبنا وليس من أجل قضية شخصية لا يمكن ولا يجوز أن أحمل فيها المسؤولية للسيد العثماني غداة استلامه مقاليد الوزارة، في حين أن مأساتي كان وراءها الوزير السابق الطيب الفاسي الفهري، وهي مأساة العديد من الدبلوماسيين. وقد أنهيت حديثي مع السيد بن الصديق بأن شكرت له مبادرته الكريمة ورفضت نشر الرسالة التي وجهها إلى السيد العثماني بشأني. إلا أنني فوجئت صباح أمس، الجمعة، برسالة تركها لي السيد بن الصديق على صفحتي في الفايسبوك يخبرني فيها بما يلي: "لم أتمالك نفسي ولم أتريث وطغى علي سؤال لم أجد له جوابا: إذا انقضى أجلك اليوم أو غدا وسألك ربك وأنت واقف أمامه إن أخاك علاء الدين كان مظلوما فماذا فعلت لنصرته؟ هل أقول إني وريثت يا رب؟ أم أني نافحت عنه وصرخت في وجوه من ظلموه وهذه حجتي؟ فمالت نفسي إلى الثانية لأنها أقوى حجة". لقد أوضحت للسيد بن الصديق موقفي من مبادرته الأولى والثانية، ورغم ذلك أصر على نشر رسالته الموجهة إلى السيد العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون بشأني، وإنني أنشر هذا البيان لأؤكد للرأي العام الوطني بأن قضايا الوطن أكبر من أي قضية ومحنة الشعب أكبر من أي محنة، لذا أجدد رفضي لأي مبادرة تتحدث باسمي وبدون موافقتي مهما تكن منطلقاتها وأهدافها.