بقيت ساعتان من عمر زيارتي للمغرب وكنت اريد ان اقضيها مع خالي وابنة خالي وجميلة الجميلات. ذهبنا للعشاء في آخر محلات تفتح أبوابها في مراكش وهي اسم يشبه الربندز وهي مليئة بالشماكرية وشمامي السيليسيون وداعرات آخر الليل وعشاق جميلين يقتسمون الطحال . طلبت طحال وهو مطلب يعز في فرنسا فهم لايخرجونه من المجازر . أكلنا وضحكنا ونحن عائلة زادنا الضحك نستعين به على الهم. نادينا عمر صاحب البيكوب الذي يتكلف بنا في مراكش فانا أصاحب خالي لكي لايقل علي الحياء وأصاحب ابنة خالي لكي لايخلى دار بويا وهي مدربة كاراتيه وأنا لاارفع يدي أبدا على احد لسبب أعود اليه في مقام آخر. في الطريق الى المطار أدار عمر أزرار الراديو ، وصدح العربي باطما "فين غادي بيا اخويا" ، وكأن الراديو يستقصدني. فنظرت الى الاربعة الذين معي في البيكوب فوجدت فيهم نصف الحكومة فابنة خالي مطربة ويحق لها وزارة الثقافة خاصة وان أعصابها من حديد وهي كاراطمانة فتحق لها وزارة الرياضة وخالي فيه أربعة وزراء ، ومنشط سلطان ، وعمر فيه وزير النقل ، فنحن نهاتفه في الرابعة صباحا ويأتي وفوق هذا معنا سفيرة الجمال المغربي اما انا فغير مبدعة ولاشان لي بالشأن العام. بلغنا باب المطار وكان مغلقا وأنا اطوف المطارات في العالم ولم اجد يوما مطارا مغلقا فحييت شابا وسيما كان ينتظر واسمه برهان وهو طبيب تونسي صار صديقي فيما بعد فقلت له عن امر اغلاق المطار فقال لي بابتسامته العريضة : المهم ان الطائرة فيها كيروزين. فقلت له : تصور ياصديقي لو حدث عطب بالطائرة وقال لنا ان نهبط لندفع ، كيف سيكون حالنا. فقال وهو طبيب : نصام بالزكام فقط من شدة الريح في السماء. فعرفت ان الضحك هي اولى الاسس التي تؤسس عليها وحدة المغرب العربي. وقبل ان يفتح المطار استوقف نظري فضاء للمدخنين في الهواء الطلق مصنوع من الفيرفورجي وبه بلداكان بلا ستائر وكراسي من الفيرفورجي ، وهذا كله في الهواء الطلق وفي الجابون حيث التدخين ممنوع في الشوارع يضعون في الشوارع محلات مغلقة للتدخين ولكن شعبنا عبقري وعليه ان يعلم الجابون اصول الشغل واحوال منع التدخين. فتح المطار ودخلنا وجاء موعد الوداع وانا امنع على الجميع البكاء في وداعي ، وأبكي عند اللقاء لما في ذلك من تأثر ولا أبكي الموت لان كل نفس ذائقتها وبكيت ولادة طفلتاي ليس من الم المخاض بل من رهبة إعطاء الحياة. توادعنا وعاد برهان وبدأنا ننتظر كودو، وكان كودو سيدة غير انيقة في مطار دولي بحثت عن القلم ولم تجده وذهبت للبحث عنه ثم بحثت عن الطابع ولم تجده والسياح ينتظرون ووكالة تنمية السياحة تملئ رؤوسنا بالارقام الخيالية التي سنصلها في عشر سنوات . عبرنا المحطة سالمين ووصلت الى توقيع الجوازات وسالت السيدة عن بطاقة التعريف الوطنية فقلت لها ضاعت مني ونائب القنصل اخبرني انني يمكن السفر بدون البطاقة فقالت: لايمكن تلزمني في الرقم. فقلت لها : ياسيدتي الرقم على جواز السفر و في السفارة يخبرون الجميع انه يمكن السفر بدون البطاقة. ونادت رئيسها وقال : ماعليهش وهنا وقعت المشكلة فانا اتوفر فقط على توصيل بطاقة الاقامة لانني بالطبع فقدت الاصلية وهنا اتاكد من عبقرية الشعب فالسيدة الشهباء تطلب مني البطاقة القديمة وتنادي رئيسها ويقول : ماعليهش وهنا اعرف انني وجدت المنقذ من الضلال. ووصلت الى قدم الطائرة وطلب مني رجل طيب ورقة الصعود اقصد الورقة التي فيها رقم المقعد ولم اجدها في ارتباكي وقلت له : الطائرة شبه فارغة فقال : اريد ورقة الصعود فافرغت محتوى حقيبتي على الارض ووجدت الورقة واسعدت الموظف النزيه وشكرته. وصعدت الدرج والمغاربي برهان ينتظرني ويحمد الله على سلامتي وهنا رفعت يدي وحييت اناسا مفترضين وقلت : عائدة اليك ياوطني في قصارة لاتنتهي اضاءة. الخرافة تبدأ في الطائرة وتلك حكاية اخرى،