العيون .. تطوير الشراكة الفرنسية المغربية في صلب مباحثات السيد لارشي مع مسؤولين محليين    المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تعزيز التبادلات التجارية محور مباحثات السيد البواري مع الوزير الفرنسي للتجارة الخارجية    وزير التجارة: الشناقة يتحكمون في أسعار اللحوم الحمراء والأرباح تتجاوز 40 درهم للكيلوغرام    نجم تشيلسي الصاعد إبراهيم الرباج … هل يستدعيه الركراكي … ؟    أتلتيكو يحبط ريمونتادا برشلونة بتعادل مثير في كأس الملك    توقع تساقطات مطرية وانخفاض في درجات الحرارة بهذه المناطق    إنجاز طبي بالمغرب.. أول عملية ناجحة لعلاج قصور الصمام الثلاثي بالقلب    بدء تصوير مسلسل "قيصر" أول عمل درامي سوري بعد سقوط نظام بشار الأسد    بوريطة: محاولة نواب من البرلمان الأوروبي دخول العيون "تشويش بلا تأثير"    المنتخب الوطني النسوي يتعادل وديا مع هايتي (1-1)    قضية "بائع السمك" تصل إلى البرلمان عقب إغلاق محله في مراكش    قيوح يتباحث مع وزير خارجية الرأس الأخضر سبل توطيد التعاون الثنائي بين البلدين    خلفا لأحيزون.. تعيين محمد بنشعبون رئيسا لمجلس الإدارة الجماعية لاتصالات المغرب    مجموعة MBC و"شاهد" تكشفان عن مفاجآت الموسم الرمضاني 2025    احتفاءً بالإبداع.. مهرجان همسة للأدب والفنون يُخصص جائزة ل "ذوي الهمم"    تنظيم سوق تضامني لدعم تجار سوق بني مكادة المتضررين من الحريق    السياقة الاستعراضية بطنجة تقود سائق ميرسديس للتوقيف    نزار بركة يتفقد مشاريع تحلية المياه وتدبير الفرشة المائية بالحسيمة    تأسيس جمعية للتضامن المهني بالشمال عقب حرائق الأسواق وانقلاب شاحنات الخضر    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    دلالات التطرف الرقمي في تغطية الفعل الارهابي    بعد بيعه بأسعار رخيصة.. سلطات مراكش تغلق محل "مول الحوت عبد الإله" لبيع السمك    لقاء دراسي بالناظور يناقش تعزيز حقوق الإنسان و النهوض بها    الملك يبعث تهنئة إلى أمير الكويت    أمن العرائش يمسك بتاجر مخدرات    "خلطات تسمين" توقف 3 أفراد    القضاء يخفف عقوبة "طلبة مرتيل"    حفل نسائي يحيي طقوس "شعبانة" المغربية في ستوكهولم    دراما وكوميديا وبرامج ثقافية.. "تمازيغت" تكشف عن شبكتها الرمضانية    فتح باب الترشح لجائزة المغرب للشباب في دورتها الثانية    السلفادور تجدد تأكيد دعمها لوحدة المغرب الترابية وسيادته على صحرائه    ندوة بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة حول دور المقاولات الاجتماعية والخضراء في التنمية المستدامة    مدرب رينجرز الجديد: "عصام الشرعي لديه أخلاقيات عمل جيدة وهذا أمر مهم بالنسبة لي"    توقيف خمسة أشخاص يشتبه تورطهم في العنف المرتبط بالشغب الرياضي    اختتام المحطة الثانية من الدورة التكوينية للمدربين والمدربين المساعدين بكل من مدينتي الرباط والدارالبيضاء    فرنسا تمهد لمعاقبة نظام الجزائر وتتوعدها بإجراءات انتقامية في نظام التأشيرات    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: نظرات حول الهوية اللغوية والثقافية للمغرب    قائمة منتخب المغرب في مواجهة النيجر وتنزانيا تعاني من نزيف الإصابات    "ألبوم صامت" ينبه لقلق الموسيقيين من الذكاء الاصطناعي    السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يزور العيون لتأكيد دعم فرنسا لسيادة المغرب على الصحراء    حسنية أكادير تنفي أخبارا حول ميزانية النادي ومدربه    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    وصفها بالإيجابية.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا    مهمة علمية جديدة تبحث عن مواقع المياه على سطح القمر    الوقاية من نزلات البرد ترتبط بالنوم سبع ساعات في الليل    دراسة: المريخ كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    









مفهوم المواطنة بين النظرية والممارسة
نشر في هسبريس يوم 06 - 01 - 2012

لا يزال مفهوم المواطنة يأخذ حيزا كبيرا في اهتمامات المثقفين والمفكرين والسوسيولوجين وعلماء النفس، ويرجع هذا الاهتمام إلى الدور الذي لعبه هذا المفهوم في تكوين وتأسيس ملامح بعض الحضارات العريقة، كالحضارة اليونانية والرومانية التي اعتبر فيها مفهوم المواطنة ركيزة أساسية لتأسيس مجتمع المدينة الفاضلة والديمقراطية، كما يرجع الاهتمام بهذا المفهوم إلى التطور الذي عرفته المجتمعات الغربية خلال القرنين 18 و 19 فمع إعلان استقلال الولايات المتحدة في عام 1786 والمبادئ التي أتت بها الثورة الفرنسية في عام 1789، وبروز دور الفرد داخل المجتمع، وتكريس مبدأ العلمانية. سيعرف مفهوم المواطنة تداولا كبيرا في أدبيات الفكر الغربي، حيث يعرفه قاموس علم الاجتماع بأنها:
"مكانة، أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي، ومجتمع سياسي- الدولة."و يعرفه علم النفس بأنها : "شعور بالانتماء و الولاء للوطن و القيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية و حماية الذات من الأخطار المصيرية"و تعرف دائرة المعارف البريطانية الموطنة بأنها: "علاقة بين الفرد والدولة، كما يحددها قانون تلك الدولة، بما تتضمنه من حقوق – متبادلة – في تلك الدولة.
لكن ما إن يتم طرح هذا المفهوم في التدوال السياسي العربي إلا وتطرح مجموعة من الإشكالات والقضايا المعرفية والفلسفية والعوائق الإيديولوجية والتي من بينها: هل يوجد مرادف لمعنى المواطنة في أدبيات الفكر العربي الإسلامي إذا اعتبرنا أن مفهوم المواطنة مفهوم غربي المنشأ، تعكس جذوره التطور التاريخي والاجتماعي الغربي. وقد اكتسب هذا المفهوم معان مختلفة نظرا لارتباطه بتطور الجماعة السياسية في الغرب والتشكيلات الاجتماعية داخلها، بدءا من مجتمع " المدينة " اليونانية، وما هي أهم العوائق الأيديولوجية والسياسية والثقافية التي تحول دون تأسيس هذا المفهوم في التربة العربية الإسلامية؟
إن أولى العوائق التي يمكن البدء بها العائق الثقافي والفكري، فالحضارة العربية لم تعرف رجات وقطائع كما شهدتها أوربا خلال تاريخها وخصوصا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فقد عرفت أوربا فصل الدين عن السياسة والسماء على الأرض، وتكريس مبدأ العلمانية وتأسيس أخلاق دنيوية منفصلة عن عالم الآلهة، كما عرفت أوربا التنظيم العقلاني للعمل، وبروز الفرد الحر الذي لا يخضع لجماعة معينة إنما لسلطة العقل والمنطق السليم، وكل هذا كرس مبدأ المواطنة الذي يعترف بأحقية الفرد في العيش الكريم والحرية والمساواة والحق في المشاركة السياسية والمجتمعية، وإذا قارنا هذا الوضع في الحضارة العربية فالفارق كبير فلازال الديني يخضع للسياسي، ولم يتم الفصل مع هذا المشكل بشكل نهائي رغم وجود حركة اجتماعية وسياسية تطالب بتكريس مبدأ العلمانية وفصل الدين عن الدولة، كما أنه في المجتمع العربي لازالت سلطة الجماعة والقبيلة حاضرة بشكل كبير ولا أدل على ذلك كيف أن السلطة السياسية في المجتمعات العربية لازالت تتوسد بالقبيلة من أجل قضاء أعراضها السياسية والاقتصادية، ونحن أمام هذا الوضع كيف يمكن أن نؤسس لمجتمع الديمقراطية والمواطنة ومجتمع الحق والواجب.
إضافة إلى العائق الثقافي والفكري ، التوظيف السياسوي الذي ترفعه الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات للمواطنة حيت يفرغها من محتواها، بحيث نجد مثلا أن معظم دول العالم الثالث تتظاهر وتدعي بكونها تكفل حقوق مواطنيها، علما أنها لا تحترم أبسط حقوق الإنسان، رغم أنها تنص على هذه الحقوق ضمن وثائقها الدستورية، وذلك فقط من أجل نيل رضى متخذي القرار على الصعيد الدولي، "إن ممارسة مبدأ المواطنة على أرض الواقع يستوجب توفير حد أدنى من الحقوق الأساسية للمواطن، حتى يصبح للمواطنة معنى. إذ لا معنى لوجود حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية على الورق، لا يتوفر الحد الأدنى من ضمانات ممارستها على أرض الواقع" فالمشكل لا يتمثل في غياب نصوص دستورية أو قانونية تضمن حقوق الإنسان، بل المشكل يتجلى في عدم تطبيق هذه النصوص في الواقع، بحيث تبقى هذه النصوص جامدة، بل تفقد معناها، إذ لم تطبق وتتحول إلى قاعدة يستند إليها الأفراد في حياتهم العملية.
كما أنه من بين العوائق التي تحول دون التفكير في قضايا المواطنة ، مشكل الفقر ، حيت يعد الفقر من كوابح المواطنة، لأن من لا يجد قوت يومه، يصعب عليه أن يطالب بحرية التعبير وبقية حقوقه السياسية، باعتبار أن تفكيره واهتمامه ينصرفان بالدرجة الأولى إلى توفير لقمة العيش. إن الفقر وإكراهات الحياة المعيشية يمثلان عائقا من عوائق الديمقراطية بشكل عام، ومن عوائق المواطنة بشكل خاص، ذلك أن الفقير ينشغل بتوفير الخبز له ولأهله، قبل أن يمارس حق الانتخاب أو الاقتراع أو يشارك في تظاهرة أو ينضم إلى حزب سياسي أو ينشط داخل جمعية....إلخ. وبالتالي فإن الفقر قد يدفع الأفراد إلى التنازل عن حقوقهم كمواطنين. فالإفقار والتهميش وعدم إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، يرسخ لديهم الإحساس باللاعدالة واللامساواة، الشيء الذي يؤثر بشكل أو بآخر، على مدى إحساسهم بالانتماء للوطن، ويضعف لديهم الشعور بالمواطنة بما لها من حقوق وما عليها من واجبات.
وفي ظل هذا الوضع تبقى التربية على المواطنة وترسيخ مبدأ المواطنة في صفوف الأفراد والشباب وتأهيل مؤسساتنا التعليمة من أهم الوسائل البيداغوجية، فالمؤسسات التعليمية تأتي في مقدمة الوسائط التربوية – لاسيما في مراحل التنشئة الأولى – من خلال المقررات الدراسية والأنشطة المدرسية...الخ، التي يمكن من خلالها إكساب الأفراد قيم المواطنة ( قيم الحوار، التسامح، العقلانية، الحقوق، الواجبات....) . إضافة إلي دور الإعلام ومختلف الوسائط المعلوماتية في ترسيخ مبدأ المواطنة.
ولا يمكن حصر التربية على المواطنة في شكل مادة دراسية فحسب، بل هي أكثر من ذلك، فهي نهج ينبغي تطبيقه على صعيد كل المواد الدراسية، وذلك من خلال تعليم الناشئة القدرة على التعليل والمناقشة والحوار واحترام الآخر، وتمكينها من معرفة المبادئ الأساسية للقانون، ومعرفة ثقافة المجتمع ونظامه ومؤسساته، وكذا تدريبها على التفكير في حل مشاكل المجتمع والبحث عن السبل الناجعة لتنميته وتطويره عبر المشاركة في مختلف أبعادها الاجتماعية والسياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.