في رسالة تحمل الكثير من الدلالات، تجاهل الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني، في كلمة له بالجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، أي إشارة إلى نزاع الصحراء رغم حديثه في كلمة مطولة عن مختلف القضايا الإقليمية التي تشغل بال المنطقة. وتطرق الرئيس الموريتاني إلى العديد من القضايا الإقليمية بالمنطقة، من قبيل فلسطين وليبيا وسوريا، واليمن والسعودية والسودان والصومال، لكن كلمته خلت من أي إشارة إلى قضية الصحراء رغم أن موريتانيا تعتبر طرفاً في النزاع وتحضر جولات الأممالمتحدة باستمرار. وشنت الآلة الدعائية لجبهة البوليساريو هجوماً قوياً على محمد ولد الشيخ الغزواني، وقالت: "ليس من المعقول أن يتجاهل الرئيس الموريتاني من على منبر الأممالمتحدة أي ذكر للقضية الصحراوية رغم أنها أقرب جغرافيا لبلاده من كل القضايا العالمية التي ذكرها في كلمته". واعتبر "إعلام الجبهة" أن هذا التجاهل بمثابة "استمرار سياسة النفاق الاجتماعي التي يتعامل بها النظام الموريتاني مع قضية الصحراء"، مشيرا إلى أنه "كان من أضعف الإيمان التذكير بموقف الحياد الإيجابي الذي تتبناه موريتانيا من قضية الصحراء". صدمة البوليساريو من كلمة ولد الغزواني دفعت الآلة الدعائية للجبهة إلى مهاجمة النظام الموريتاني الجديد، حيث ذكرت بمواقف الرئيس الموريتاني خلال حملته الانتخابية عندما أكد أنه "يرفض تماما منح الصحراويين الجنسية الموريتانية، سواء منهم المتواجدين بمخيمات تندوف أو مناطق أخرى"، في إشارة إلى مناورات البوليساريو. ورغم حضور الأمين العام لجبهة البوليساريو في حفل تنصيب رئيس موريتانيا، إلا أن المغرب يعتبر وصول ولد الغزاوي إلى الرئاسة فرصة مناسبة لتجاوز الخلافات وسوء الفهم الذي طبع علاقات الرباطونواكشوط في فترة محمد ولد عبد العزيز. الموساوي العجلاوي، باحث في الشؤون الصحراوية والإفريقية، قال إن موريتانيا جرت عادتها ألا تتطرق إلى نزاع الصحراء في المحافل الدولية الكبرى، معتبرا أن تجاهل ولد الغزواني للنزاع الإقليمي "لا يمكن تفسيره بمراجعة نواكشوط لمواقفها من مسألة الصحراء المغربية". وأشار العجلاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن "ما جرى في السنتين الأخيرتين بشأن العلاقات المغربية الموريتانية يكمن فقط في تحول التعبير الدبلوماسي لموريتانيا مع وصول إسماعيل ولد الشيخ إلى وزارة الخارجية". وتقوم المعادلة الجديدة للنظام الموريتاني، وفق الأستاذ الجامعي ذاته، على أساس "الاهتمام بموضوع الصحراء، لكنه يتمنى حلا يُرضي الجميع"، في إطار الاستمرار في موقفه السابق المتمثل في "الحياد الإيجابي". واعتبر العجلاوي الحملة الإعلامية التي تقوم بها البوليساريو "بمثابة أوراق ضغط على محمد ولد الشيخ الغزواني، ومحاولة لتبرير الوضع الداخلي في تندوف المهترئ، خصوصا في ظل استمرار تعقد المشهد السياسي الجزائري، الذي سيكون له انعكاسات كبيرة على مؤتمر البوليساريو المقبل". وذكّر المصدر ذاته بأن "من وضع إبراهيم غالي على رأس البوليساريو هو الجنرال طرطاق الذي يقضي اليوم حكما بالسجن النافذ 15 عشر سنة، أي إنه صار جزءا من العصابة".