بعد غموض في موقفيهما كدولتين معنيتين بقضية الصحراء، عبرت كل من موريتانيا وإسبانيا عن تصورهما لحلحلة هذا النزاع المفتعل بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية؛ إذ اختارتا الوقوف على مسافة واحدة من طرفي الأزمة الرئيسين، وذلك خلال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في مدينة نيويوركالأمريكية. وقال وزير خارجية موريتانيا، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في كلمة ألقاها باسم بلاده أمام الدورة ال 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن نواكشوط تُتابع عن كثب قضية الصحراء وتدعم جهود الأممالمتحدة لإيجاد تسوية ترضي الأطراف المعنية وتسهم في ترسيخ الاندماج والتكامل الاقتصادي لدول اتحاد المغرب العربي. وكان ولد الشيخ عقد سلسلة من المباحثات، الأسبوع الماضي، مع المسؤولين المغاربة في العاصمة الرباط، خلال زيارة تعد الأولى له من نوعها، جاءت بعد عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الموريتانية إثر تبادل السفراء بين البلدين. ويُلاحظ المتتبعون أن موريتانيا تختار "حيادا غامضاً" من قضية الصحراء بينما يعتبره المغرب "حياداً ايجابياً"، في وقت تعتبره البوليساريو "حياداً داعماً"، لأن نواكشوط لا تتردد في استقبال كبار قادة الانفصاليين. ويُمكن تفسير الموقف الموريتاني هذا من خلال تصريح سابق لمحمدين ولد باباه، آخر وزير دفاع موريتاني في حكومة المختار ولد داداه، جاء فيه: "موريتانيا ليست منحازة للمغرب حيث ما زالت تقول بتقرير المصير، أعتقد أنها حشرت نفسها في زاوية الأممالمتحدة، وهي ربما تتمنى أن تحل القضية في غيابها. وعموما يمتاز تسييرها لهذا الموقف بقدر كبير من الخلخلة، ونحن نجهل تعهداتها لكل طرف لكن ظاهر الأمور يشير إلى أنها تسعى لأن تظل بالحياد". من جهته، قال رئيس الوزراء الإسباني الجديد، الاشتراكي بيدرو سانشيز، في كلمة أمام الجمعية العامة، إن "إسبانيا تشعر بالقلق إزاء الأزمة المستمرة في الصحراء القريبة منا جداً". وأوضح سانشيز أن مدريد تُدافع عن الدور المركزي للأمم المتحدة لحل النزاع، وترغب في المساهمة في الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي "من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين يضمن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي". ولا يحمل موقف بيدرو سانشيز أي مستجدات جديدة تُجاه قضية الصحراء؛ إذ هو الموقف نفسه الذي سبق أن عبرت عنه الحكومة السابقة على لسان الناطقة الرسمية باسم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإسبانية، آنا رودريغيز، التي أكدت أن إسبانيا "لم تغير موقفها" من قضية الصحراء، وتجدد "استعدادها الكامل" لمواصلة جهودها من أجل الإسهام في تطوير العلاقة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وكان رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، أكد أن دولة الجزائر تتحمل مسؤولية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ووضعية المحتجزين بمخيمات تندوف. العثماني الذي كان يتحدث أمام المشاركين في الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدةبنيويورك، تأسف للوضعية المأساوية للمحتجزين في مخيمات تندوف، محملا المسؤولية السياسية والقانونية والإنسانية في ذلك للجزائر، باعتبارها البلد المضيف للانفصاليين.