إلى "عزلة" إقليمية ودولية، يمضي نزاعُ الصّحراء بثقلِ تعقيداتهِ في ظلّ تأخّر تعيين مبعوث أممي خاص جديد إلى الصحراء، مع اكتفاء الماسكِينَ بخيوطِ الملف بالبحث عن مخارج لإرسالِ موفدٍ جديد للأمم المتحدة إلى الصّحراء بشكلٍ محتشمٍ، بينما يبدو أنّ الإدارة الأمريكية لم تعد تولي اهتماماً خاصاً للنّزاع، في ظلّ عدمِ استقرارِ مكاتبها وتشابك الملفات والأجندات. وماعدا زيارات ميدانية تقوم بها وحدات عسكرية تابعة للمينورسو من أجلِ الاطلاع على آخر تطورات المنطقة، يبدو أنّ الوضع في الصّحراء ماضٍ إلى السّكون، متجاوزاً بذلك حالة "الاستنفار" التي تطبعُ عادة عمل مبعوثي الأممالمتحدة، خاصة خلال شهري أبريل وأكتوبر، مع مناقشة تقرير مجلس الأمن حول الصّحراء. وعلى مدى أزيد من 27 سنة، حاولت بعثة المينورسو وعدد من مبعوثي الأممالمتحدة إلى الصّحراء التوسط لإيجاد حل لهذا النزاع طويل الأمد، الذي يؤثر على العلاقات المغربية الجزائرية، في حين تركت موريتانيا النزاع جانباً، واستمرت جبهة البوليساريو في محاربة المغرب إلى أن توصلت الأممالمتحدة إلى وقف إطلاق النار عام 1991. ويربط المحلل السّياسي هشام معتضد التأخر المتعلق بتعيين المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة إلى الصحراء بجوانب تقنية وسياسية، ويقول إنّ "الجانب المتعلق بالمسطرة الإدارية المنظمة لبروتوكولات التعيينات المتعلقة بالمناصب العليا في الأممالمتحدة قد يجبر الساهرين على هذا الملف على تدبيرهم للمدة الزمنية". وبالإضافة إلى هذا الجانب الإداري/القانوني، المتعلق بالمسطرة المهنية داخل أروقة الأممالمتحدة، هناك عامل مهم وقف عنده الباحث السّياسي ذاته، وهو المرتبط بالجانب السياسي؛ ذلك أن "تدبير ملف تعيين المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصحراء لن يتم خارج الاستشارة الدبلوماسية مع القوى الدولية من جهة، والأطراف المعنية بالملف من جهة أخرى". ويرى الأستاذ الجامعي المقيم في كندا أنّ "الملف يشكل بؤرة توتر جيو-استراتيجية جد حساسة في المنطقة"، مشيراً إلى أن "القوى الدولية تبحث دائما على ضمان قدم تأثير في المنطقة عبر المبعوث الخاص الأممي إلى الصحراء". أما فيما يتعلق بأطراف النزاع، يقول معتضد، "فلكل دولة أسلوب وتكتيك دبلوماسي خاص للتأثير في مسار تعيين المبعوث الأممي إلى الصحراء، وهو ما يعقد أكثر إخراج الاسم الجديد الذي سيتولى تدبير هذا الملف في المرحلة القادمة". وزاد المحلل نفسه أن "المنطقة توجد داخل المربع الذهبي للمطامع الدولية من حيث التموقع الجيو-استراتيجي، ولذلك فالكل يسارع من أجل التموقع داخلها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من أجل ضمان قوة تأثير في المنطقة"