يتجّه المنتظم الدّولي إلى إخْراج ملفّ الصّحراء من جديد في جلسات أممية ستخصّص هذه المرة للبلدان المساهمة في البعثة الأممية "المينورسو"، التي تنتظرُ تجديداً أمريكياً لمباشرةِ مهامها بالصّحراء، في ظلّ تأخر تعيين مبعوث خاص جديد، بعد تقديم هورست كولر استقالته لأسبابٍ مرتبطة بوضعه "الصّحي". ويُرتقبُ أن تحدّد أطرافٌ دولية الصّيغة التي ستعملُ بها بعثة المينورسو في الصّحراء، في ظلّ عدم توصّل الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى صيغة تُعيد تفعيل القناة الأممية للتّنسيق ما بين الأطراف المتنازعة. وبرمج مجلس الأمن الدولي جلسته الثانية لملف الصحراء بتاريخ السادس عشر من أكتوبر، وهي الجلسة المخصصة للبلدان المساهمة في البعثة الأممية "المينورسو"، والتي سيحضرها كل من رئيس البعثة كولن ستيوارت، ورئيس قوات البعثة الجنرال الباكستاني ضياء الرحمان. وماعدا زيارات ميدانية تقوم بها وحدات عسكرية تابعة للمينورسو من أجلِ الاطلاع على آخر تطورات المنطقة، يبدو أنّ الوضع في الصّحراء ماضٍ إلى السّكون، متجاوزاً بذلك حالة "الاستنفار" التي تطبعُ عادة عمل مبعوثي الأممالمتحدة، خاصة خلال شهري أبريل وأكتوبر، مع مناقشة تقرير مجلس الأمن حول الصّحراء. وعلى مدى أزيد من 27 سنة، حاولت بعثة المينورسو وعدد من مبعوثي الأممالمتحدة إلى الصّحراء التوسط لإيجاد حل لهذا النزاع طويل الأمد، الذي يؤثر على العلاقات المغربية الجزائرية، في حين تركت موريتانيا النزاع جانباً، واستمرت جبهة البوليساريو في محاربة المغرب إلى أن توصلت الأممالمتحدة إلى وقف إطلاق النار عام 1991. وقال الخبير في قضايا الصحراء نوفل البعمري إنّ "التّجديد لا يتعلق بتعيين المبعوث من عدمه، بل مرتبط من جهة باتفاق وقف إطلاق النار الذي طالب بإنشاء آلية أممية تكون مهمتها حفظ الأمن والسلام في المنطقة، بالتالي فوجودها مرتبط بالتهديدات الأمنية التي قد تتعرض لها المنطقة من طرف البوليساريو". وأضاف البعمري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "سبق لمجلس الأمن أن سجل قيام الجبهة بانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، وكانت موضوع إدانة أممية لما تشكله من تهديد حقيقي في المنطقة وجرها إلى الحرب". واعتبر المحلل ذاته أنّ "تجديد البعثة الأممية مرتبط بالتهديدات الإرهابية خاصة، إذ ثبت وجود عناصر من مليشيات الجبهة ضمن تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا، وأعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية جائزة مالية لمن يدلها على القيادي العسكري في المليشيات ضمن العناصر الإرهابية التي تتحرك بمخيمات تندوف والساحل المسمى أبو وليد الصحراوي، الذي أصبح قائدا مليشياتيا". واستطرد المحلل بأنّ "تواجد البعثة والتّجديد لها مرتبط بهذه التهديدات والتحديات الكبيرة لمواجهة مخاطر انزلاق المنطقة إلى العنف". وبخصوص مدة التّجديد، يؤكّد البعمري أنّها "خاضعة بالأساس للرؤية الأمريكية ولتوافق أعضاء مجلس الأمن". ويعود الخبير في الصّحراء إلى سياق سابق متعلقٍ بتواجد جون بولتون كمستشار للأمن القومي، والذي أزيح من منصبه، مردفا: "كل هذه العوامل ستؤثر أثناء النقاشات التي ستجري للتقرير ولمسودة قرار مجلس الأمن".