لا تغيير يلوح في الأفق داخل مخيمات تندوف التي تعيش اليوم على وقع احتقان سياسي غير مسبوق جراء حملة الزج بالمعارضين في السجون؛ فقد كشفت لائحة اللجنة التي تشرف على انعقاد المؤتمر الخامس عشر لجبهة "البوليساريو"، المقرر شهر دجنبر المقبل، عن استمرار الشيوخ أنفسهم المتحكمين في إطالة أمد النزاع. ولم تختلف لائحة اللجنة التحضيرية التي أفرجت عنها قيادة "البوليساريو" عن قائمة أعضاء اللجان التحضيرية للمؤتمرات الماضية للجبهة، حيث يترأسها خطري آدوه الذي سبق أن قاد التنظيم الانفصالي لفترة مؤقتة بعد وفاة محمد عبد العزيز، وينوب عنه حمة سلامة، وهو أحد المتحكمين في دواليب القرار. وتعقد "البوليساريو" مؤتمرها الوطني الخامس عشر في ظل استمرار تصاعد الاحتجاجات في الجزائر الداعمة والحاضنة الرئيسية للجبهة، وسط غموض يلف مصير النظام العسكري الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد، بالإضافة إلى جمود ملف الصحراء مع استقالة المبعوث الأممي السابق، هورست كوهلر، وفشل الأممالمتحدة في إيجاد شخصية بديلة لتعويضه. كما تواجه قيادة التنظيم غليانا في تندوف جراء حملة القمع الممنهج لعدد من معارضيها، آخرها اعتقال ثلاثة نشطاء خلال شهر يونيو الماضي دون تقديمهم إلى المحاكمة إلى حد الآن. ويرى البشير الدخيل، أحد القيادات المؤسسة للبوليساريو، أن وضع قيادة الجبهة "لم يتغير وظل جامدا منذ سنة 1975، بل أكثر من ذلك تظهر لائحة اللجنة التحضيرية وجود قرابات عائلية ظلت متحكمة في مسار التنظيم". وأوضح البشير الدخيل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن انعقاد المؤتمر المقبل يأتي في مرحلة مفصلية تمر منها البوليساريو، في ظل فشل الأممالمتحدة في إيجاد مبعوث جديد نظرا لتعقد الملف وتوالي جمود مواقف الجبهة. يضاف إلى ذلك السيناريو الجزائري الذي يلفه الغموض، ما من شأنه أن ينعكس على مستقبل البوليساريو، يورد الدخيل، مشيرا إلى أن خطورة الوضع "تكمن في موقع الجبهة اليوم، لا هي قادرة على الدخول في حرب مع المغرب ولا وضع سلاحها جانبا والقبول بمقترح الحكم الذاتي". القيادي السابق في البوليساريو أكد أن المؤتمر المقبل "لن يحمل أي جديد ما دام أن قيادة الجبهة غير قادرة على التحرر من عقدة النظام العسكري أو الحزب العسكري المتحكم في جميع الأمور"، معتبرا أنه "لا يمكن أن نشهد أي تغيير إرادي من طرف هذه القيادة الحالية أو المقبلة، لأن بنية النظام يستحيل أن تفرز نخبا جديدة تخالف الوضع السائد". وخلص المصدر ذاته إلى أن إفرازات هذا النظام العسكري انعكست على واقع حقوق الإنسان في تندوف وانتشار السجون المستقبلة للفكر المعارض والشباب الحالم بالتغيير. وكان إبراهيم غالي قد وصل إلى قيادة البوليساريو صيف سنة 2016، بعد وفاة محمد عبد العزيز في شهر ماي من السنة نفسها. وشهدت فترة غالي استمرار تحكم قلة قليلة من قيادات الجبهة في دواليب التنظيم الانفصالي والمساعدات الإنسانية، وتراجع مستوى الدعم الدولي بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة، بعد سحب عشرات الدول لاعترافاتها ب"الجمهورية الوهمية".