إن كثيرا من الغافلين بأحكام الشريعة الإسلامية وقواعد الفقه الإسلامي يرون أن في هذا الموضوع أو المقال تنطعا ومزايدة على الشريعة، باعتبارها في مفهومهم لا تتعدى أمر العلاقة مع الخالق في المساجد ركوعا وسجودا، وهذا القول منهم لا يعدو أن يكون مجرد اتهام باطل للشريعة، منشؤه الجهل المركب والعَمدُ المكعب، فالفقه الإسلامي المنبثق من أصول وفروع الشريعة الإسلامية الغراء شامل لكل علاقات الإنسان وتصرفاته التعبدية والمعاملاتية، فهو ينظم علاقته مع الخالق اعتقادا وعبادة وخضوعا، وينظم علاقته مع أخيه الإنسان معاملة وتصرفا واجتماعا، وينظم علاقته مع بيئته تواجدا واستغلالا. وإن من الأمور التي نظمها الفقه الإسلامي في علاقة الإنسان مع بيئته ومحيطه الجغرافي تعامل الإنسان مع الأودية والأنهار استغلالا ومساكنة؛ فتميز الفقه الإسلامي بمجموعة من الأحكام الإسلامية الصرفة التي لم تتطرق إليها أي شريعة أو قانون غير شريعة وقانون الإسلام؛ أحكام فقهية تنظيمية جنبت الإنسان ويلات وكوارث طبيعية تهلك الحرث والنسل، من مثل ما وقع في تارودانت مؤخرا '" (ندعو الله أن يتقبل الضحايا في الشهداء) فلو أعمل الناس أحكام الفقه الإسلامي في معاملاتهم وضروب معاشهم لحصَّلوا الأمن والأمان والسلم والسلام والاستقرار ولما خسروا أعمارهم ولا ضاعت أموالهم. وسأحاول أن أعرض في هذا المقال بشكل بسيط ومختصر لرؤية الفقه الإسلامي في التعامل مع الأنهار والأودية. لقد اهتمت الشريعة الإسلامية بأمر الأودية والأنهار، فأشار القرآن الكريم والحديث الشريف إلى كثير منها، في آياته المحكمة وأحاديثه الشريفة مثل: الواد المقدس وادي الصخر وادي النمل أودية المدينة ومكة. أودية جهنم سيل العرم أنهار الجنة أنهار مصر نهر طالوت نهر الجنتين وفي هذه الإشارات بيان للاهتمام الإسلامي بأمر الأودية والأنهار. ورتب الفقه الإسلامي هذه الإشارات في شكل قواعد وأحكام يمكن تلخيصها في التالي: أولا: تحديد الحيز الجغرافي للأنهار والأودية: فقد حدد الفقه الإسلامي موقعا جغرافيا للأنهار والأودية وجعله خاصا به ومحسوبا عليه وسماه الحريم، فمساحة النهر في الفقه الإسلامي ليست هي المكان الذي تجري فيه المياه بانتظام واستمرار، وإنما هي خط مجرى النهر مضافا إليه مقدار معين من مساحة ضفتي النهر معا. وقد اختلف الفقهاء في تحديد تلك المساحة على أقوال: القول الأول: حريم النهر والوادي هو مقدار نصف عرضه من كلتي ضفتيه، فإذا كان عرض الوادي مائة متر مثلا فحريم الوادي خمسون مترا من كل ضفة من ضفتيه. ذكر ذلك السيوطي في الحاوي من قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة أن حريمه مقدار نصف بطن النهر من كل جانب(1). القول الثاني: هو ملقى الطين وما يخرج منه حسب العرف في الموضع. القول الثالث: هو مدى الانخفاض الأرضي الواقع قرب الوادي، سواء كان هذا الانخفاض قريبا من الوادي أو بعيدا عنه. القول الرابع: هو مدى سماع صوت المنادي من بطن الوادي إلى من على ضفتيه، فإذا صاح رجل من بطن الوادي فإن حريم هذا الوادي من كل ضفة هو حدود بلوغ صوته لمن على الضفة. وأخذه الفقهاء مما روي عن النبي أنه صلى الصبح في المسجد بأعلى عسيب – وهو جبل بأعلى قاع وادي العقيق – ثم أمر رجلا صيتا فصاح بأعلى صوته فكان مدى صوته بريدا – وهو أربعة فراسخ – فجعل ذلك حمى طوله، وعرضه ميل وفي بعضه أقل من ميل (2). وهذا التحديد من الفقه الإسلامي لأمرين اثنين: الأول: لبيان أهمية الأودية والأنهار في حياة الناس، ولذلك دعا الإسلام إلى المحافظة عليها وعدم الإضرار بها. الثاني: لبيان خطورتها أثناء وقوع السيل وطغيان الماء، خصوصا إذا كان على غفلة من الناس. ثانيا: تنظيم استغلال مياه الأودية والأنهار: فرغم أن معظم الأنهار والأودية لا تنقطع مياهها من الجريان– خصوصا الأنهار الكبرى – ومع ذلك دعا الفقه الإسلامي إلى العقلنة والاقتصاد في استعمال مياهها ولو في أمور العبادات، فدعا إلى: عدم الإسراف في استعمال مياه الأنهار: سواء في أمر العبادات أو العادات، واعتبارا له كره المالكية الزيادة على الفرض في الوضوء، لأن فيه إسراف في استعمال الماء؛ ففي التوضيح [ فوجه الكراهة أنه من ناحية السرف في الماء ](3) وجعلوا تقليل الماء من فضائل الوضوء، وفيه قول ابن عاشر رحمه الله: تقليل ماء وتيامن الإنا والشفع والتثليت في مغسولنا ولو كان الإنسان على نهر جار، فعن عبد الله بن عمرو قال: مر رسول الله بسعد وهو يتوضأ فقال: "ما هذا السرف يا سعد؟"، فقال أو في الوضوء سرف، فقال: "نعم وإن كنت على نهر جار"(4) وقد بلغ من اقتصاد رسول الله في مياه الأنهار أنه كان إذا توضأ من ماء نهر وفضل عنه شيء منه أرجعه إلى النهر وقال: "يبلغه الله قوما ينفعهم به"(5) .. ومما عرف بين الصحابة قديما أنه في كل شيء إسراف، حتى الطهور، وإن كان المتوضئ على شاطئ النهر(6). عدم تلويث مياه الأنهار: وذلك بالنهي عن التبرز والتغوط أو إلقاء شيء من النجاسات والمواد الضارة بالبيئة، أو إلقاء مخلفات الأسماك فيها بعد الصيد. وعند الطبراني في الأوسط من طريق ميمون بن مهران عن بن عمر قال: نهى رسول الله أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة أو على ضفة نهر جار(7). احترام الحياة المتواجدة فيها: فنهى عن الصيد الجائر للأسماك بأن يصطاد الإنسان من النهر أكثر من حاجته، ونهى عن منع وقطع الشعب والفروع النهرية التي منها يتجدد طعام المخلوقات النهرية المتواجدة في الأنهار والأودية. ثالثا: تخصيص الأنهار والأودية بمجموعة من الأحكام: واعتبارا لما سبق بيانه من أمر الأودية والأنهار وأهميتها وخطورتها في حياة الناس، فقد رتب الفقه الإسلامي على ذلك مجموعة من الأحكام الفقهية يمكن تلخيصها في التالي: كراهة الصلاة في بطن الوادي: اعتبر الفقهاء بطن الوادي من الأماكن الأربعة عشر التي كرهت الصلاة فيها. وعلل الفقهاء الكراهة مخافة السيل. قال الدوادي [ ورأيت بعض الشافعية علل ذلك بخوف خطر السيل](8). مراعاة الأحوال الجوية في إيجاب الصلاة في المسجد: فقد أجاز الفقه الإسلامي لمن بينه وبين المسجد نهر يخاف فيضانه في وقت نزول المطر وتبلد السماء أن يصلي في بيته ولا يخاطر بجواز الوادي. وقد فهم العلماء ذلك من حديث محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى، وقال لرسول الله إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى، قال فجاءه رسول الله فقال: "أين تحب أن أصلي؟"، فأشار له إلى المكان من البيت فصلى فيه رسول الله (9) فإذا بدأ الغيث بالنزول ثلى الرجل في داره ولو أن الوادي لم يجر سيله أو لم يفض وقت صلاته مخافة أن يفيض بعد جوازه وانتهاء صلاته، فلا يجد سبيلا لداره أو مخافة أن يجرفه السيل، وذلك لارتباط سيلان الوادي بنزول الغيث. وفهم الفقهاء ذلك من قوله تعالى "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض"(10) فتفيض أنهار الأرض أثناء نزول الماء من السماء. استحباب إسراع الحاج في جواز الوادي: خصوصا وادي محسر، حينما يرد عليه الحاج من عرفات، فاستحب للحاج الإسراع في عبوره لعدة تعليلات، منها مخافة ورود السيل على الحجاج فجأة. وقد وقع ذلك هذا العام حيث سقطت الأمطار يوم عرفة وفاضت الأودية حتى صعب على كثير من الحجاج عبورها. جاء في الدر الثمين لميارة رحمه الله [ فائدة : هذا أحد المواضع الثلاثة التي فيها يسرع الحاج والثاني بين الميلين الأخضرين في السعي بين الصفا والمروة، والثالث ببطن محسر واد بين مزدلفة ومنى، وذلك في الرجوع من مزدلفة إلى منى صبيحة يوم العيد لرمي جمرة العقبة، فالإسراع أحد مثلثات الحج ](11) وقال في موضع آخر [ ويحرك دابته ببطن محسر وهو قدر رمية بحجر ويسرع الماشي في مشيه ](12) وعبر عنه بن عاشر بقوله: قف وادع بالمشعر للإسفار وأسرعن في بطن وادي النار ولو أن الفقهاء عللوا ذلك بتعليلات مختلفة إلا أن الخوف من ورود السيل على الحجاج معتبر في التعليل. وما جاء ذكر الوادي في شيء من أمر المسلم إلا واستحب له الإسراع في قطعه، حتى إن القرآن الكريم لما ذكر الوادي في الجهاد عبر عن جوازه بالقطع فقال "ولا يقطعون واديا". والقطع الجواز بسرعة، وكما في الإسراع في بطن الوادي بين الصفا والمروة أو ما يعرف فقهيا ب"الرمل" كما سبق ذكره في مثلثات الحج، ففي اتحاف الخيرة المهرة عن زيد بن خالد الجهني قال: رأيت رسول الله انتهى إلى الصفا فبدأ به نهارا فوقف عليه ثم نزل فمشى حتى انتهى إلى بطن الوادي فرمل، ورمل الناس معه حتى جاوزوا الوادي ثم مشى(13). كراهية مبيت المسافر في بطن الوادي: كره الفقهاء للمسافر أن يبيت ليلا في بطن الوادي أو على قارعة الطريق، واستحبوا له أن يبيت تحت شجرة على جنبهما لا وسطهما، جلبا للأمن وحفظا للأرواح والمتاع. وقد ضرب النبي قبته في حصار بني النضير على شفير الوادي، وأقام فيه ستة أيام، وهو مكان يعرف الآن بمسجد الشمس أو مسجد الفضيخ. وفي موطأ مالك عن خالد بن معدان يرفعه: "إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق ويرضى به ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها، فإن كانت الأرض جدبة فانجوا عليها بنفيها، وعليكم بسير الليل فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وإياكم والتعريس على الطريق فإنها طرق الدواب ومأوى الحيات"(14) قال الزرقاني في شرحه لقوله: "فإذا كانت الأرض جدبة فانجوا عليها" [ أي اطلبوا النجا من تلك الأرض بسرعة السير عليها ](15). النهي عن الإقامة والسكن في حريم الأنهار والأودية: نهى الشرع الحكيم عن السكن قرب النهر والوادي، خصوصا المساحة التي سماها "الحريم"، فجعلها من الأماكن الخطيرة التي لا يمكن الاستقرار بها، وسماها "الأودية العفاء" [ وهي التي لا مساكن بها إلا ما فضل عن منافع أهلها من المسارح والمرعى ](16)، ولم يجز البناء فيها إلا إذا كان البناء فيه مصلحة للنهر أو لسكان المنطقة، من قبيل الرحى والنواعير والقناطر ومواضع الأحمال والأثقال أثناء توقف المراكب (على شكل موانئ صغيرة)؛ فأجاز ذلك على سبيل الارتفاق والمصلحة العامة للمسلمين. جاء في حاشية عبد الحميد الشرواني على التحفة لابن حجر الهيثمي [ الانتفاع بحريم الأنهار كحافاتها بوضع الحمال والأثقال، وجعل زريبة من قصب ونحوه لحفظ الأمتعة فيها، كما هو الواقع اليوم في ساحل بولاف ومصر القديمة ونحوهما، ينبغي أن يقال فيه إن فعله للارتفاق به ولم يضر بانتفاع غيره ولا ضيق على المارة ونحوهم، ولا عطَّل أو نقص منفعة النهر كان جائزا ولا يجوز أخذ عوض منه على ذلك ](17) كما منع الفقه الإسلامي بناء مسجد على حريم نهر ابتداء، واختلف الفقهاء في المبني هل يهدم أم يترك. قال الهيثمي في تحفته على منهاج النووي [ ( وحريم ) النهر كالنيل، ما تمس حاجة الناس إليه لتمام الانتفاع بالنهر وما يحتاج لإلقاء ما يخرج منه فيه لو أريد حفره أو تنظيفه، فلا يحل البناء فيه ولو لمسجد ويهدم ما بني فيه كما نقل عليه إجماع المذاهب الأربعة. ولقد عم فعل ذلك وطم حتى ألف العلماء في ذلك وأطالوا لينزجر الناس فلم ينزجروا، قال بعضهم ولا يغير هذا الحكم وإن تباعد عنه الماء، بحيث لم يصر من حريمه أي لاحتمال عوده إليه، ويؤخذ منه أن ما صار حريما لا يزول وصفه بذلك بزوال متبوعه وهو محتمل](17) وفي حاشية الشرواني على التحفة [( قوله ولو لمسجد) أي ولو كان مسجدا لا يجوز على حريم النهر، لكن قالوا إذا رأينا عمارة على حافة نهر لا نغيرها لاحتمال أنها وضعت بحق، وإنما الكلام في الابتداء وما عرف حاله ](17) وفيها أيضا [ ( قوله ولو لمسجد يهدم) قال الشيخ في حاشيته ومه وجوب هدمه، لا تحرم الصلاة فيه لأن غاية أمره أنها صلاة في حريم النهر، وهي جائزة بتقدير عدم البناء، فمع وجوده كذلك. ومعلوم أن وقف البناء غير صحيح لاستحقاقه الإزالة، وعليه فلو كان للمسجد المذكور إمام أو غيره من خدمة المسجد أو ممن له وظيفة فيه كقراءة فينبغي في استحقاقهم المعلوم كما في المسجد الموقوف وقفا صحيحا لأن الإمامة والقراءة ونحوهما لا تتوقف على مسجد ](17). حق الزوجة في رفض سكنى الوادي: كما أعطى الفقه للزوجة الحق في رفض سكن الزوج إن كانت الدار في بطن الوادي أو في حريمه، لأنه مدعاة لاستمرار الخوف والهلع من فيضانه على حين غفلة وفجأة؛ بل أجاز الفقهاء للمرأة حق رفض الانتقال مع زوجها لسكن فيه مضرة ظاهرة لها، ومنهم من قيد هذا الشرط بتعامل الزوج مع زوجته، فإن كان محبا لها ومحسنا إليها لا يحق لها رفض الانتقال، وإن كان غير ذلك فلها حق الرفض، لأنه إن كان محبا لها فسيمنعه ذلك من الإقامة بها في مكان غير مأمون. جاء في نوازل الشيخ التاودي [ فللزوج أن يسافر بالزوجة ولكن بالشروط المقررة، ولا شك أن منها ألا يقصد الزوج المضرة، وألا يكون على الزوجة في ذلك مضرة ](18) ولا خلاف أن الإقامة في الوادي المحتمل سيله فيه مضرة ظاهرة بل مهلكة للحرث والنسل. التخفيف عن المتضررين من كوارث الأنهار والأودية وتعويضهم: حيث اعتبر الإمام مالك ما يخلفه الماء من ضرر وغرق في المحاصيل والمزروعات جائحةً من الجوائح، خصوصا إذا وقع ذلك بعد عقد بيع وشراء، فوضع عن المشتري الثلث تخفيفا عنه ومراعاة لضرره، جاء في المدونة [ قلت: وماء السماء إذا انقطع عن الثمرة أهو عند مالك بمنزلة ماء العيون؟ قال: لم أسمع من مالك في ماء المطر شيئا إلا أنه قال: ما كان من فساد الثمرة من قبل عطش الماء وضع عن المشتري قليلا كان أو كثيرا، فأرى ماء السماء وماء العيون سواء، إذا كان إنما حياتها سقيها، قال: وأما ما سألت عنه من عفن الثمرة والنار والبرد والغرق وجميع ما سألت عنه فكذلك كله جائحة من الجوائح يوضع عن المشتري إن اصابت الثلث فصاعدا ](19) وهو نص فقهي في مراعاة أحوال الناس في الكوارث الطبيعية من سيول وفيضانات يحصل فيها الغرق أو حرائق تصيب المحاصيل أو عواصف ثلجية تطبق على المزروعات. وحاول التخفيف عن المتضررين عند حصول ذلك خصوصا إذا تجاوز الضرر ثلث المحصول والمزروع [ قال: وأخبرني عثمان بن الحكم عن يحيى بن سعيد أنه قال: لا جائحة في ما أصيب دون ثلث رأس المال، قال يحيى: وذلك في سنة المسلمين، قال: وأخبرني عثمان بن الحكم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: الجوائح كل ظاهر مفسد من مطر أو برد أو جراد أو ريح أو حريق ](20). ومن مواساة الشرع للمتضررين من سيل النهر والوادي أنه جعل غرقى الوادي شهداء(21) فإذا تقرر عند أهل الغريق أنه معدود من الشهداء كان فيه شيء من التخفيف والمواساة لهم والتعويض الأخروي في كون الشهيد يغفر له وينال الدرجات العلى في الجنان. النهي عن بيع وكراء ماء الأودية والأنهار: وهو المعروف من قول مالك [ الماء لا يؤخذ له كراء ](22) وكان رحمه الله لا يعجبه أن يبيع الرجل ماء النهر الذي يجري في أرضه ولا أن يمنع الناس منه، قال [ لا يعجبني بيعه ولا ينبغي لأهله أن يمنعوا منه أحدا يصيد فيه ولا يمنع من شرب بشفة ولا سقي كبد ](22) فهذه مجموعة من الأحكام الفهية باختصار التي تنظم علاقة الإنسان مع الأنهار والأودية، وإلا فإذا أردنا التفصيل فإننا سنقف على عدد كبير من الأحكام الفقهية المنظمة للتعامل الإنساني مع الحياة النهرية والبحرية ما يبين بشكل قاطع وجلي تنظيم الفقه الإسلامي لحياة الناس، كتنظيمه لعبادتهم أو أشد تنظيما، تنظيما يحفظ لهم أعمارهم وأرزاقهم ويثبت لهم الاستقرار والأمان. الهوامش: 1 – الحاوي في الفقه ( 1 / 135 – 136 ). 2 – ذكره أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم ( 4 / 132 ). 3 – توضيح شرح مختصر ابن الحاجب ( 1 / 122 ). 4 – مسند الإمام أحمد ( 12 / 23 ) قال أحمد شاكر إسناده صحيح. 5 – انظر المجروحين لابن حبان من رواية أبي الدرداء ( 2 / 501 ) وتذكرة الحفاظ لابن القيسراني صفحة 86 وفي معرفة التذكرة لابن القيسراني أن رسول الله توضأ على نهر فلما فرغ زرع وضوءه في النهر، صفحة 110. 6 – السنن الكبرى للبيهقي 1 / 197. 7 – المعجم الأوسط 2392. 8 – التوضيح ( 1 / 274 ). 9 – تخريج صحيح ابن حبان لشعيب الأرناؤوط حديث رقم 1612. 10 – سورة الزمر الآية 21. 11 – الدر الثمين صفحة 480. 12 – الدر الثمين صفحة 487. 13 – اتحاف الخيرة المهرة ( 3 / 204 ). 14 – كتاب الاستئذان باب ما يؤمر به من العمل في السفر حديث رقم 1900. 15 – شرح الزرقاني ( 4 / 488 ). 16 – مواهب الجليل ( 7 / 457 ). 17 – التحفة على شرح المنهاج ( 6 / 207 ). 18 – نوازل التاودي صفحة 458. 19 – المدونة ( 3 / 591 ). 20 – المدونة ( 3 / 586 ). 21 – ابن عبد البر في التمهيد ( 19 / 202 ) من رواية جابر بن عتيك. 22 – المدونة ( 3 / 311 ). *باحث في سلك ماستر فقه المهجر/ جامعة محمد الأول بوجدة