أثارت عريضة منسوبة لدفاع الزميلة الصحافية هاجر الريسوني، يتهم فيها الشرطة بإرغام المتهمة على إجراء فحص طبي، مع وَسْمِ هذا الإجراء بطابع التعذيب، ردود فعل كثيرة في صفوف المتتبعين لهذا الملف، بيد أن مصدرا أمنيا اعتبرها مدعاة للسخرية والاستهجان. فقد أعرب مصدر أمني في حديثه لهسبريس عن استغرابه الشديد مما اعتبره "اجتهادا غير مسبوق وبدعة قانونية جديدة وردت في البلاغ المنسوب لفريق الدفاع تتمثل في (العنف اللئيم) كعنصر مادي ومعنوي من العناصر التأسيسية لجريمة التعذيب"، مضيفا أن "الصك الدولي المُجرّم لأفعال التعذيب وكذا النصوص التشريعية الوطنية ذات الصلة يجب ملاءمتها وتحيينها لكي تستوعب هذا المقتضى/ البدعة الجديد(ة) الذي لا نظير له في أي قانون من القوانين المقارنة". واستعرض المصدر الأمني أيضا جملة من الملاحظات في الشكل قبل الجوهر بخصوص عريضة فريق دفاع هاجر الريسوني، متسائلا: "هل يتعلق الأمر ببلاغ كما هو وارد في العنوان أم مجرد بيان كما جاء في آخر فقرة أم إن الأمر يتعلق بعريضة تتضمن دفوعات شكلية وموضوعية مرفوعة إلى هيئة المحكمة أم إن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد تدوينة موجهة للرأي العام؟". وخلص المتحدث ذاته إلى ترجيح طابع "التدوينة" بالنظر إلى الطريقة التي كتبت بها الوثيقة المنشورة، واعتبارا أيضا لطريقة تداولها إعلاميا عبر رسائل التواصل الفوري على الهواتف المحمولة وعبر صفحات مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي. وأردف المصدر الأمني أن "شكاية التعذيب المزعوم هي آخر صيحة في موضة تسييس الملفات الجنائية، التي يراهن عليها من تعوزهم الحجج القانونية، ويفتقدون لملكة المرافعة في باحات المحاكم، والذين لا يستطيعون مقارعة القانون بالقانون، فيهرعون إلى صفحات فيسبوك باحثين عن ريادة افتراضية، وعن نصر وهمي يتم قياسه بعدد اللايّكات على منصات التواصل الاجتماعي". "فشكاية التعذيب المفترض والمزعوم، لا تتحقق بمجرد إجراء فحص طبي، لأن الطب والتعذيب لا يلتقيان في ارتكاب الجريمة وإنما في إثباتها، كما أن الخبرة الطبية لا يتحقق بها أي عنف سواء مادي أو معنوي. ويمكن الاستئناس في هذا الصدد بالاتفاقية الدولية ذات الصلة أو بدليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب المعروف ببروتوكول إسطنبول"، يورد المصدر ذاته. "كما أن شكاية التعذيب هي من الشكايات التي ينبغي فيها التخصيص وليس التعميم، بمعنى أن المتهم بالتعذيب هو من يرتكبه أو يسكت عن ارتكابه، وبالتالي فإن القول بأن دفاع هاجر الريسوني سوف يشتكي (الشرطة) هو مزايدة كلامية، وتراشق إعلامي، لأن الشرطة كجهاز وكمرفق عام هي أول من يبادر بتطبيق القانون في حق موظفيه إذا ثبت في حقهم اقتراف أفعال تقع تحت طائلة التعذيب"، يشدد المصدر الأمني. وعدّد المتحدث ذاته كذلك جملة من الملاحظات المسجلة على ما اعتبرها " تدوينة الدفاع"، إذ قال إنه يستغرب كثيرا كيف أن كتابات منسوبة لفريق محامين لا تميز بين وضعية وصفة الأشخاص خلال مرحلة البحث التمهيدي، مستدلا بالعبارة التالية: "في تصريحاتها عند الشرطة أنكرت هاجر الريسوني كل التهم التي وجهتها لها النيابة العامة"، والحال أن المعنية بالأمر خلال البحث معها أمام الشرطة القضائية كانت مجرد مشتبه فيها، وتخضع لاستجواب حول الأفعال الإجرامية المنسوبة إليها، ولم تصل بعد إلى مرحلة الاتهام، التي تحدد فيها النيابة العامة فصول المتابعة وتؤسس فيها صك الاتهام". كما شدّد المصدر الأمني على أن "الحديث عن الإنكار هو مجرد مناورة إعلامية، لأن الثابت في محاضر القضية الموقعة والمذيلة بخط يد هاجر الريسوني هو اعترافات تلقائية ليس فيها ما يفيد الإنكار". وأضاف أن الحديث المنسوب لهيئة الدفاع، الذي يزعم وجود حالة الاستعجال الطبي عندما زارت هاجر الريسوني عيادة طبيب الإجهاض، "كلام مردود عليه بدليل سجلات الطبيب نفسه التي تؤكد أن المعنية بالأمر زارت العيادة في يومين متواليين (الجمعة والسبت)، وأنها لم تحضر في اليوم الموالي إلا بعدما اتصلت بها هاتفيا الممرضة لتخبرها بوصول الطبيب وتطلب منها الحضور! فأين هو طابع الاستعجال؟"، يتساءل المصدر الأمني. وختم المصدر الأمني تعقيبه على بلاغ الدفاع بأنه يتأسف "كيف يمكن للبعض أن يغيّر مواقفه 360 درجة في أقل من 24 ساعة؛ ففي البداية كانت شهادة الفحص الطبي تعتبر دليلا قاطعا ولها حجية علمية دامغة بعدما تم تأويلها إعلاميا بشكل يخدم مصالح المتهمة في هذه القضية. لكن، بعدما صدر بلاغ النيابة العامة الذي استعرض نتيجة الخبرة الطبية التي تؤكد وجود حمل ووقوع إجهاض، صارت شهادة الفحص مجرد بطاقة طبية ووثيقة تفتقر إلى القيمة القانونية! هل هي برغماتية من الدفاع أم مجرد التفاف حول الحقيقة؟" يستفسر المصدر الأمني. وبخصوص الحديث عن إدخال أفراد عائلة المتهمة في هذه القضية، والنفحة السياسية التي وردت في بلاغ فريق الدفاع، فقد استنكف المصدر الأمني عن الخوض فيه، معتبرا ذلك "مجرد حشو وعبور في كلمات عابرة"، بتعبير المتحدث ذاته.