بصدمة وغضب علّقت ساكنة سيدي علال البحراوي على وفاة طفلة في قلب النيران، مساء أمس الأحد، وقدماها تطلّان من سياج نافذة إحدى غرف منزل والديها. شاهد عيان قال إن الساكنة اتّصلت بالوقاية المدنية لمدّة ثلاث وعشرين دقيقة، وكان الخطّ يقطَع، وأضاف أن الاتصال كان طيلة 13 دقيقة والدخان لا يزال يتصاعد ولم يقدموا. وأضاف المتحدّث أن بعض من شهدوا الحريق ذهبوا إلى مقر الوقاية المدنية الذي يبعد بدقائق عن مكان الحادث ووجدوهم مستلقين في حديقة المقرّ وهم يلعبون لعبة الورق، ثم استرسل متسائلا بصوت أجش: هل هذه دولة؟ أي دولة تحترق فيها فتاة أمام عينك، ولن تقدُم حتى تحترق وتسقط، ثمّ تأتي بسيارة إسعاف وكأنها هي التي ستطفئ النار. وأكّد الشاهد أن الساكنة منذ رأت الدخان حاولت اقتحام المبنى؛ لكنها لم تستطع فتح الباب، ثم جدّد قوله: الدولة من قتلت هذه البنت، والوقاية المدنية هي التي أودت بحياتها، ولو جاؤوا عندما اتصلت بهم الساكنة لأنقذوها. بدوره، قال شاب من شباب الحيّ، الذي وقعت فيه الفاجعة، إنه بعدما سمع "الصراخ" خرج من بيته ليرى النيران تلتهم المنزل. وأضاف أن بعض أبناء الحي حاولوا اقتحام المنزل عبر بابه ولم يستطيعوا، كما أن كل النوافذ كانت مسيَّجة، والوقاية المدنية لم تجب على الاتصالات. وحمّل الشاب "المسؤولية الكاملة لوفاة هذه الفتاة للمطافئ"، وزاد موضّحا: هم سبب التأخير، ولو جاؤوا وحطَّموا الباب وأخذوا الفتاة في سيارة الإسعاف لقلنا إنهم قد قاموا بعملهم، ولكن لا يوجد شيء مستقيم في هذا البلد. وذكر الشاب أنه على الرغم من قرب مقر المطافئ من مكان الحادث، وعلى الرغم من أن الاتصالات بدأت بعد الساعة الخامسة، فإن المطافئ لم تأت إلا في الساعة الخامسة وأربعين دقيقة، بعد أن اشتعلت النار في الفتاة، ثم استعاد ذكراها وهي تقول: "اعتقوني"، أي أنقذوني، وأمها تكاد تُجَنّ لرؤيتها ابنتها تحترق أمام عينيها. رجل من رجال حي النصر، الذي وقعت فيه الفاجعة، قال إنه جاء مهرولا عندما رأى النار، واتّصل بالمطافئ أربع مرات منذ الخامسة وعشر دقائق، ولكن هاتفهم وكأنه لا يشتغل، ثم أضاف أنه ذهب إلى مالك مقهى مجاوِر اتصل بالدرك، ثم رجَّح فرضية أنهم هم من اتصلوا بهم. قبل أن يستدرك مشدّدا على أن رجال المطافئ لو جاؤوا في الوقت "لأنقذوا الفتاة على الأقلّ". فيما أكّد شاب من شباب الحي نفس ما قاله سابقوه، بقوله إنهم اتصلوا بالوقاية المدنية 13 مرة، ولم تجبهم، وحمّلهم "كامل مسؤولية وفاة هذه البريئة". من جهته، نفى مصدر من الوقاية المدنية بالخميسات أن تكون سيارة الإطفاء قد تأخّرت، مضيفا أنه بين أوّل اتصال وبين خروج المركبة دقيقة واحدة، حَسَب ما توثّقه السّجلّات، وزاد قائلا إن أوّل اتّصال لإخبار الوقاية المدنية بالحادث كان مع الساعة الخامسة وثلاث عشرة دقيقة. ونفى المصدر بشكل قاطع أن يكون رجال الوقاية المدنية قد كانوا يلعبون الورق في وقت الحادث، أو أن تكون حاوية الشاحنة فارغة؛ لأن الأمر يكون محطّ مراقبة دائمة. وأضاف المتحدث ذاته أن رجال الوقاية المدنية وصلوا بعد خروجهم من مقرّ الوقاية المدنية بثلاث دقائق، ثم في ظرف ربع ساعة أُطفِئ الحريق، ليكون الفاصل بين الخروج وإطفاء الحريق 17 دقيقة وفق تقرير داخلي. وقال المصدر إن الفتاة الراحلة كانت في بيت النوم، ثم زاد مؤكّدا أن رجال الوقاية المدنية لو تأخّروا حقيقة لاحترق المنزل بأكمله، بينما الواقع هو أن الحريق تمّ حصره في غرفة واحد، وهي الغرفة التي كانت فيها الضحية لوحدها. وأضاف المصدر سالف الذكر أن التحقيق حول سبب الحريق لا يزال مستمرّا. بدورها أكدت السلطات المحلية لإقليمالخميسات أنه وفور إشعار مصالح الوقاية المدنية بمدينة سيدي علال البحراوي، انتقلت في الحين إلى عين المكان. وأضاف أن عناصر الوقاية المدنية عملت جاهدة للوصول للطفلة التي لقيت مصرعها حرقا، وذلك على الرغم من المجهودات المبذولة للوصول إليها، حيث حال دون ذلك الشباك الحديدي الموضوع على النافذة والنيران التي انتشر لهيبها جراء وجود مواد شديدة الاشتعال بالغرفة. وأشارت المعطيات الأولية المتوفرة لدى سلطات الخميسات، إلى أن الضحية كانت تلعب بشباك غرفة المنزل المطلة على الشارع وقت نشوب الحريق جراء انفجار شاحن كهربائي من عينة رديئة كان يستعمل بداخل الغرفة.