احتكرت السينما الهوليودية سنين "جائزة الأكاديمية" أو "الأوسكار" العالمي. وعلى مدار تاريخها، وطيلة 92 عاما، لم يحصل على هذه الجائزة الثمينة سوى بلد عربي واحد هو الجزائر، ولا يذكر تاريخ هذه الجائزة ترشيحات عربية بارزة إلا محاولة وحيدة في عام 2015 كانت للفيلم الموريتاني "تمبكتو"، الذي وصل القوائم النهائية، لكنه لم يحصد الجائزة. وإلى اليوم ما زالت السينما العربية بانتظار تتويج آخر، إلى حين ذلك التقينا أحمد الرّاشدي، المنتج والسيناريست والمخرج العربي الوحيد، الذي حاز "الأوسكار" العالمي، وكان قد حصد التتويج بعد استقلال الجزائر بسبع سنوات فقط، عن فيلم "زاد" أو"Z" في فئة أفضل فيلم ناطق بلغة غير الإنجليزية (أفضل فيلم أجنبي). وعلى منصة مسرح دولبي في هوليوود بلوس أنجلوس سنة 1970 صعد الشاب الجزائري أحمد الرّاشدي لتسلم الأوسكار تحت تصفيق كبار النجوم وأهم المنتجين السينمائيين العالميين. أولا، ما رأيك في مهرجان سينما الشاطئ المقام على ضفاف شاطئ سيدي العابد بالهرهورة؟ فكرة المهرجان جميلة جدّا، وتمنحنا، نحن المخرجين، فرصة ثمينة لمشاهدة الأفلام المغاربية. وبرأيي، هذا المهرجان ليس مرحلة مسابقة وتنافس، بل مرحلة تقييمية للسينما المغربية. وبصفتي حكما من اللجنة، فقد رأيت أشياء أبهرتني، فالفيلم المتوّج بجائزة لجن التحكيم "نعيمة وأولادها" للمخرج الفرنسي أوليفيي كوسماك فيلم بمستوى عالمي. وحسب تقديري، هذه نقطة مرحلية تسجل في تاريخ السينما المغاربية والعربية ككل. لم يظهر في السينما العربية أبدا في الخمسين سنة الماضية فيلم كفيلم "نعيمة وأولادها". المهرجان فرصة للتلاقي والعمل للوصول إلى ما يسمى سينما عربية بدل أفلام عربية. بهذه اللقاءات والتبادلات يمكننا فتح المجال أمام أهل الثقافة. وبما أننا لم نعرف كيف نفتح الحدود، نفتح المجال أمام السينمائيين المغاربة للتصوير في الجزائر، وأمام السينمائيين التونسيين للتصوير في المغرب للنهوض بالسينما المغاربية، لأننا استهلكنا طاقات كبيرة في السينما العربية. إذا ما مزجنا بين السينما المغاربية، هل سيشكل الأمر طفرة نوعية في السينما العربية؟ السينما العربية خلقت في مصر وعاشت لما يزيد عن قرن من الزمن، لكنها أصبحت كلاسيكية. التجديد الآن سيحصل إذا كان مصدره المغرب، فإذا جاء من المغرب سيشكل الأمر طفرة نوعية، دون الاستغناء طبعا عن السينما المصرية، التي لها تاريخ وتجربة كبيرة في هذا المجال، لا أقول طبعا للسوق، لأنّ السينما مكلفة وتستحق السوق، فإذا كان الإنتاج المشترك يجب أن يتوفر على ميزتين: تكون المساعدة والدعم من كل بلد، كما يفتح السوق أمام البلدان المشتركة في العمل، فمثلا بين المغرب والجزائر أصبحنا 80 مليون متفرج. هل وصلت السينما العربية أو الأفلام العربية، حسب تعبيرك، إلى مرحلة تكون قادرة على منافسة السينما العالمية؟ السينما العربية مدرسة بخصوصيات معينة، مثل السينما الإيطالية، التي تتوفر على خصوصية وحيدة تظهر في أفلامهم، وإن شاء الله تصل أفلامنا إلى هذه المرحلة. فيلم "نعيمة وأولادها" المتوج بجائزة أحسن فيلم، هل يتوفر على معايير يمكن أن تقوده إلى "الأوسكار" على غرار فيلمك؟ فيه أكثر من المعايير التي يجب أن تتوفر في أفلام "الأوسكار". هناك أفلام مغاربية رأيتها من المغرب والجزائر وتونس بإمكانها الوصول بسهولة إلى مرحلة "الأوسكار" لو توفرت الشروط طبعا، وهي أن يخرج الفيلم في سينما أمريكا على الأقل لأسبوعين، حتى يستطيع الجمهور الأمريكي التعرف عليه، بالإضافة إلى توفر الشروط المالية والإمكانيات المحتاجة لدعم الأفلام القوية المتوفرة في الأفلام المغاربية لإتاحة فرصة التنافس على التنافس على "الأوسكار". نصيحتك للمخرجين العرب، خاصّة الشباب منهم. مرّة التقيت بمخرج أمريكي هرم في السينما العالمية، اسمه إيليا كازون، بمهرجان القاهرة، فطرحت عليه السؤال نفسه، فأعطاني ثلاث نصائح، تقاسمتها مع الجميع، الأولى: سألني عن الصبر، وإن كنت أعرف كيف أنتظر، فأجبته: أنا جدي أيوب. فسألني: من هو؟ فحكيت له قصة أيوب الصابر. فأجابني: انسه، ليس هذا هو الموضوع، عليك أن تنتظر دون ملل إلى أن يتفاهم البنك مع المنتج، والمنتج مع الممثلين والطاقم التقني، وربما تدور العجلة سنة أو سنتين.. النصيحة الثانية: عند تقديمك السيناريو للمنتج لخصه في ثلاث جمل، إذا قال لك بعد الثالثة: أكمل فهنيئا لك. أما إذا أخبرك بأنه سيعاود الاتصال بك بعد قراءة السيناريو فغيّره. الثالثة: سألني إذا كنت أستطيع أن أقوم بعمل آخر غير السينما، فأجبته: لا أستطيع. فردّ علي: إذا كنت تستطيع عمل شيء آخر فاترك السينما.