في ظرف قصير، استعان القضاء المغربي بمضامين قانون المسطرة الجنائية في علاقته بعقوبة الإعدام، لمرتين، فبعد حكم ابتدائية سلا على ثلاثة من منفذي العملية الإرهابية بإمليل، قضت محكمة مراكش بدورها بإعدام المتورطين في جريمة "لاكريم"، ما يفتح الباب أمام عودة العقوبة بقوة، خصوصا في التجاوزات التي تلقى صدا ومتابعة واسعة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي. ورغم أن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام يعود إلى سنة 1993، في قضية "الحاج ثابت"، إلا أن مطالب إنزالها على رقاب المجرمين تظل قائمة على الدوام، كلما استغرق الفعل في البشاعة؛ فيما ترتفع أصوات الحقوقيين الرافضين لاعتمادها، على اعتبار أنها ليست حلا وأثبتت فشلها في العديد من الدول، وتقترح إجراء تغييرات جذرية مرتبطة بالتعليم والتربية من أجل تجاوز ارتفاع الجريمة. وترتبط عقوبة الإعدام بحوالي 36 مادة جنائية في القانون المغربي، وتختلف طبيعة الأفعال المؤدية إلى العقاب بها، لكنها تلتقي في التنافي مع البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الرافض لعقوبة الإعدام في العالم، وهو ما يجيب به المغرب على الدوام بأن العقوبة متعلقة بطبيعة المجتمع الذي يوافق عليها ويريد الإبقاء عليها. عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال إن "القاضي ملزم بتطبيق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية في هذه الجرائم، لذلك فالقضاء المغربي يقوم بتطبيق القانون لا غير"، مشددا على كون "اجتهادات القاضي مرتبطة بتقدير هول وبشاعة الجريمة، على النحو الذي يكون لديه القناعة التامة بأحقية إنزال عقوبة الإعدام بالمتهم أمامه من عدمها". وأضاف رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الحديث عن خلل في المنظومة الجنائية باعتمادها على الإعدام مبالغ فيه، لأن إلغاء العقوبة يأتي في سياق تطور منظومة السياسة الجنائية المغربية، على ضوء الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والالتزامات الاتفاقية التي تبناها المغرب"، مسجلا أن المملكة "لم تصادق بعد على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". واستطرد الخضري: "المجرمون بلغت بهم العدوانية واللاإنسانية ارتكاب جرائم بهذه البشاعة وإزهاق أرواح خصومهم بهذا الكم من الشر، لذلك فإننا صراحة لا نأخذ بعين الاعتبار الرأفة بهم أو الذود عم حقهم في الحياة، بل نراعي حق الناس في الحياة. كما أن مبادئ حقوق الإنسان تعنى بمجتمع وبجمهور يقدر هذه المبادئ ولا ينتهكها"، مشيرا في السياق ذاته إلى تفضليه مقترح المؤبد مع الأشغال دون الحق في العفو، "كبديل لعقوبة الإعدام غير الإنسانية".