تبذل بعض مكونات الحركة الحقوقية بالمغرب جهودا كبيرة من أجل إقناع الجهات المسؤولة بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام مرحليا في أفق إلغائها نهائيا، داعية إلى الضغط على المغرب للتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية للأمم المتحدة الذي يعتبر جميع التدابير الرامية إلى إلغاء عقوبة الإعدام تقدما في التمتع بالحق في الحياة. وتكتفي الدولة المغربية منذ مدة طويلة بالحكم بالإعدام دون تطبيقه إلا في حالات ناذرة، بمعنى أن تطبيق عقوبة الإعدام في القانون الجنائي المغربي معلق. والمغرب لم ينفذ حكم الإعدام منذ 1993 حيث كان آخر من نفذ فيه هو الضابط تابث، ولا يتجاوز عدد المحكومين بهذه العقوبة 120، وطيلة الفترة بين 1956 و 1993 لم ينفذ الحكم إلا في 41 منها. ورغم مراهنة المطالبين بإلغاء العقوبة على ما يسمى بتوافر جميع عناصر التوافق لفائدة إصلاحات قانونية عميقة مثلما هو الشأن بالنسبة إلى مدونة الأسرة و مشروع قانون الجنسية و مشاريع إصلاح القانون الجنائي، لم يجد مطلب إلغاء العقوبة أي تأييد من طرف مهتمين وخبراء و علماء الشريعة وأهم الأسباب التي اعتمدوا عليها في معارضتهم لهذا الإلغاء هو أن هناك جرائم كبرى تستحق عقوبة الإعدام وأهمها القتل العمد. نبحث في هذا الملف تعارض أو عدم تعارض الاتفاقات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان مع تطبيق العقوبة المذكورة، ومع مبادئ الشريعة الإسلامية وفائدة هذه العقوبة وفعاليتها في ردع الإجرام. من خلال هذا الملف نحاول الإجابة على الأسئلة التالية: هل باتت الحركات الحقوقية تؤثر بشكل كبير في إصلاح السياسات الجنائية؟ وما الفرق بين عقوبة الإعدام وبين السجن مدى الحياة غير القابل للعفو؟ أليس من الصعب على القضاة أحيانا الفصل بين الجرائم التي تستحق هذه أو تلك؟ ألا يتصور البعض أن الإعدام أقل قسوة من السجن مدى الحياة ؟ ثم هل جريمة القتل هي مسؤولية الجاني وحده؟ ألا تتحمل الأسرة والمجتمع و الظروف جزءا ولو يسيرا من المسؤولية عن هذه الجرائم؟ وهل من المناسب أن يتصرف القانون مع المجرم بنفس طريقته الدموية؟ أما عن الهدف الردعي من العقوبة فهل يحتاج الناس إلى رادع بهذه القسوة كي لا يرتكب أحد منهم جريمة؟ وهل يمكن اعتماد مقاربة العلمانية بخصوص الإعدام في بلد إسلامي مثل المغرب؟ وهل يمكن قبول الدفاع عن بقاء العقوبة بإسم الإسلام ؟.