تبرز الكثير من المؤشرات أن المغرب يسير في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام، هذا ما أكده عدد من المتدخلين في الندوة التي نظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان خلال يومي 11 و12 أكتوبر الجاري بالرباط، وأوضح بعض المتدخلين أن المغرب عطل منذ 1993 تنفيذ عقوبة الإعدام التي أصدرتها المحاكم المغربية في أوقات وظروف مختلفة، وهو ما يعتبر مؤشرا إيجابيا في نظر المدافعين عن حقوق الإنسان، ويتجاوب، بشكل أو بآخر، مع الدعوات الأممية الحقوقية الرامية إلى إلغاء هذه العقوبة في مختلف الدول، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت خلال دورتها 62 قرارا غير ملزم يدعو إلى إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، صوتت لفائدته 104 دولة أعضاء في الأممالمتحدة مقابل 54 دولة ضده وامتناع 29 دولة أخرى عن التصويت منها المغرب. وأكد وزير العدل عبد الواحد الراضي خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة أن موقف الامتناع عن التصويت الذي اتخذه المغرب يندرج أساسا في إطار إنضاج التفكير في الموضوع، موضحا عدم قيام المغرب بتنفيذ الأحكام الصادرة بالإعدام يجسد كونه يوجد في وضع تأمل وإيقاف التنفيذ. وأبرز الوزير في الكلمة التي ألقتها نيابة عنه المستشارة السعدية بلمير أن المغرب انخرط منذ سنوات في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وأن توجهه في الالتزام بالمواثيق الدولية المتعلقة بعقوبة الإعدام ينبني على تصور استراتيجي له أربع مؤشرات تشمل دعم وزارة العدل لكل تفكير رصين حول العقوبة، وكون عقوبة الإعدام ظلت ضمن اهتمام واضعي السياسة الجنائية سيما خلال المناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية المنعقدة بمكناس خلال شهر دجنبر 2004 والتي خلصت إلى توصيتين الأولى ركزت على ضرورة الحد من الحكم بالعقوبة وانتهاج التدريج في إلغائها، والثانية تمثلت في اشتراط تحويل النطق بالإعدام من الأغلبية إلى إجماع هيئة الحكم، والمؤشر الثالث يتمثل في كون مشروع القانون الجنائي سار في اتجاه تخفيض عدد الجرائم التي يحكم فيها بالإعدام إلى 11 حالة، والمؤشر الرابع يهم حرص وزارة العدل على التنصيص صراحة، في الاتفاقيات الثنائية في المادة الجنائية، على استبدال عقوبة الإعدام بالعقوبة الأشد المقررة لذات الفعل في قانون الدول المطلوب منها التسليم.. وقال أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن تنفيذ عقوبة الإعدام في المغرب لم يتم إلا في حالات نادرة. كما صدر في شهر يوليوز من سنة 1994 عفو ملكي استفاد منه جميع المحكوم عليهم بالإعدام، حيث حولت هذه العقوبة إلى السجن المؤبد. ومن المؤشرات الإيجابية أيضا عن توجه المغرب نحو إلغاء عقوبة الإعدام، أن هيئة الإنصاف والمصالحة أوصت في تقريرها النهائي بالمصادقة على البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلقة بمنع عقوبة الإعدام، حيث صادق جلالة الملك محمد السادس على هذه التوصيات وكلف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بمتابعة تفعيلها. وتفيد المعطيات المتوفرة أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب بلغ ما بين سنة 1973 وإلى نهاية سنة 2007 ما مجموعه 133 حالة، ولم يشمل التنفيذ إلا حالتين كان آخرها سنة 1993، وتشير إحصائيات وزارة العدل إلى أن مجموع عدد الحالات التي حكم فيها بالإعدام انتقل من 146 حالة سنة 2004 إلى 125 حالة في دجنبر 2007. وقد توزعت أشغال هذه الندوة ثلاث جلسات قدمت خلالها سبعة عروض تهم عقوبة الإعدام وحقوق الإنسان، وعقوبة الإعدام في الفقه الإسلامي، وعقوبة الإعدام في القانون المغربي، وعقوبة الإعدام من زاوية علم الإجرام، والنقاش حول عقوبة الإعدام من منظور عالمي.