قالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH)، إن "مختلف الأشكال الاحتجاجية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة تلتقي في ارتفاع منسوب الشك والارتياب إزاء الوسائط والبنيات السائدة، كما أنها تعتمد أشكالا وأنماطا جديدة للتواصل والتعابير، وتشهد انخراطا مكثفا للشباب والفئات الأكثر هشاشة"، مسجلة أنها "لم تعد محصورة على النخب فقط". وأضافت بوعياش، التي كانت تتحدث اليوم الجمعة في لقاء للتفكير حول "التعابير العمومية وتحديات العدالة المجالية"، أن "شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت أرضية التداول والتوافق والتعبئة، وهي أيضا فضاء لحرية التعبير ولمختلف التعابير العمومية حول مطالب ذات صلة بالسياسات المتخذة"، مشيرة إلى "صعوبة اخضاعها لمقتضيات قانونية، سواء للحد من انتشارها أو تقييدها". وأوضحت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في لقائها بالرباط، أن "غياب مخاطب رسمي ومركزي زكى من حدة الاحتجاجات"، مسجلة أن "السلطات العمومية مطالبة بتوفير آليات الحوار والتفاعل للتجاوب مع مطالب أفراد ومجموعات انتقلت من مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح قائمة الذات". واعتبرت بوعياش أن "الولوج إلى الجيل الثاني من حقوق الإنسان، خاصة التعليم والصحة، ليس مسألة توزيع فحسب، بل هو بالخصوص مسألة حرية وولوج إلى الفرص"، مشددة على أن "هذا التباين بالضبط هو المحدد لعدم المساواة المجالية"، موردة بهذا الخصوص أن "عدم المساواة لطالما شكلت تحديا دائما للسلطات المركزية". وأردفت المتحدثة أن "هناك أزمة ثقة وشرعية تجمع المؤسسات بالمواطن، فهو يعتبرها في كثير من الأحيان بعيدة عن انشغالاته، وبطيئة في عملها، أو غير فعالة حتى"، مؤكدة أن "تحديات اليوم تجاوزت المؤسسات من ناحية صياغة أجوبة موضوعية بخصوص التباطؤ الاقتصادي وتوفير شروط الحماية الاجتماعية الكافية وضمان قواعد الشفافية". وقالت بوعياش إن "مطالب الرفاه تتواتر أكثر فأكثر، وبسبب تزايد عدم المساواة، سواء على الصعيد العالمي أو الوطني، أصبحت هذه الأزمات أحد عناصر القوة المحركة التي تنطلق منها شرارة التعابير العمومية الاجتماعية الجديدة"، مسجلة أن "السلطات العمومية تواجه تحديات كبرى، خاصة على مستوى الهامش". ودعت رئيسة (CNDH) إلى "التداول بجدية في أزمة العدالة المجالية، ووضع ميثاق اجتماعي جديد يتم إعداده على المستوى المحلي والقطاعي والجهوي، وفق مقاربة تشاركية، يكون انطلاقة لحلول عملية قابلة للتحقق، وضمان فعالية توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية".