في الوقت الذي يرتفع فيه مستوى الترقّب لما ستسفر عنه محاولات بعض الأطراف الرسمية وغير الرسمية لإغلاق ملف التجاوزات الحقوقية والسياسية الجديدة، التي تجسّدت في اعتقال نشطاء وصحافيين؛ تسابق بعض المجالس الدستورية الزمن من أجل إمداد الدولة بتصوّر جديد يستوعب التطورات التي أدت إلى موجة الاحتجاجات الشعبية والانتفاضات الجهوية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة. وقد نظّم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم أمس بالرباط، لقاء دراسيا حول العدالة المجالية وتحديات تدبير أشكال التعبير العمومي الجديدة، وخصّص لملف الحسيمة موقعا مركزيا في النقاشات التي امتدت طيلة يوم أمس. رئيسة المجلس، التي استقبلت أخيرا عددا من أسر معتقلي حراك الريف، افتتحت لقاء أمس بكلمة قالت فيها إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الفترة الأخيرة مرتعا لحرية التعبير، ومصدرا لتعبيرات عمومية حول مطالب مرتبطة بالسياسات العمومية. وتتسم هذه التعابير الجديدة، التي جسدتها بوعياش في كل من أحداث الحسيمة وجرادة وزاكورة… بأنها لم تعد حصرا على النخب، وليست مرتبطة ببنيات الوسائط السائدة ومجموعات الضغط المألوفة، كما «تزايد تأثير الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي في دفع وتحريك دينامية التعابير العمومية، وافتقارها في كثير من الأحيان إلى مخاطب رسمي ومركزي». وسجّلت بوعياش أيضا ارتباط هذه الأشكال الجديدة من الاحتجاجات بارتفاع منسوب الشك والارتياب إزاء الوسائط والبنيات السائدة، مع انخراط أكبر للشباب والفئات الأكثر هشاشة. معطيات من بين أخرى تحتّم، حسب بوعياش، التباحث بجدية حول مسار «التحول الديمقراطي الاجتماعي» بعد مسار التحول الديمقراطي السياسي. من جانبه، قال لحسن أولحاج، الذي يرأس حاليا إحدى لجان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إن هذا الأخير يعكف حاليا على إعداد دراسة حول الجيل الجديد من الاحتجاجات التي شهدها المغرب. وأضاف أولحاج، الذي ترأس الجلسة الأولى من ندوة أمس، أن خلاصات هذه الدراسة ستدرج ضمن التقرير السنوي للمجلس لسنة 2018، والذي يرتقب أن ينشر قريبا.