خطاب الكراهية والعنف اللفظي الذي تبنَّتْهُ جماهير الوداد المغربي والترجِّي التُّونسي... مرعب! حربٌ كلامية استباحت كل المقدَّسات.. وأدْمَتْ قلوبَ الأحرار... تحوَّلت لغة المنافسة الكروية ومتعة الفرجة إلى لغة حرب ومعارك كلامية استُبيحت فيها الأعراض، بين أشقاء/ أعداء، تُحسّ بأنهم قد يقتلون بعضهم البعض فداء تعصُّبٍ بغيض... لكرة منفوخة بالريح! خطاب مُستفِزٌّ يُدمي.. لم أستطع إتمام قراءته، ناسفٌ لنفسه، متعصِّب.. جاهل.. أنانيٌّ يُغَلِّبُ الأنا، وينسِف المشترك.. والجوار.. إنها كرة قدم.. لعبة.. وليست معركة تحرير! ولو استعملتم كل هاته الطاقة والحماس في البناء، لكنَّا في مصَّاف الدول المتقدمة التي لم نشهد لها يوما صراعا مثل هذا، وتقدم لنا كمسلمين دروسا في الانضباط والأخلاق.. والخلاف الحضاري الذي لا ينسف كل جميل لحظة تعصب وغضب. ليست لدينا لغة رياضية بقواعدها الأخلاقية.. نخلط كل الأوراق.. اعشقوا الكرة كما تحبون.. شجعوا فرقكم.. استمتعوا بلحظات الفرجة وروح التنافس.. اختلِفوا.. في حدود اللياقة والأخلاق. أعطوا للأمور حجمها الحقيقي.. التفتوا، فهناك مشاكل حقيقية يتخبَّطُ فيها البَلَدانِ، من تخلف وفقر وبطالة وفساد وتوزيع غير عادل للثروات، واتحاد مغاربي ولد معطَّلا، يعاني السَّكتة، هؤلاء أعداؤكم الحقيقيون، فوجهوا الطاقات نحوهم، واعملوا من أجل التقارب وبناء الوطن الكبير.. ألم تتعبوا فرقة وشتاتا؟ لا تنسوا أنها تونس.. مهد ثورة الياسمين.. بلاد القيروان والزيتونة.. وابن خلدون.. وأنه المغرب.. بلد القرويين.. وابن تاشفين والخطابي.. والمنصور الذهبي.. فلا تُشوِّهوا الذاكرة.. ولا تنسفوا المشترك، فقد أتعبتم قلوبنا.. الزائر للمغرب أو الزائر لتونس سيذهله التشابه بين البلدين، وقد وجدتُ روح المغرب في عمق تونس/ الزيتون. فتبا لبعض صحافة صفراء من الجانبين، تصطاد في الماء العكر، وتخرج عن السياق الرياضي والكروي، وعوض أن توجه الرأي العام، تنساق وراء الحروب الفيسبوكية الجبانة! أختم لكم بمقطع من تدوينة مجهولة الكاتب والمصدر، تعثرت بها وقد أشفت بعض قلبي: لعن الله كرة تجعل تونسيا يصف المغرب ببلاد العبيد، ومغربيا ينعت تونس بدويلة تحقيرا يا أجهل جيلٍ شهدته عصور أمة الإسلام، تعرفون متى تصبح دولة عظيمة دويلة فعلا؟ ودولة أحرار دولة عبيد فعلا؟ عندما يخرج فيما أجيال من أمثالكم.. إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ". كل المحبة للشعبين الشقيقين المغربي والتونسي.