وصلت أعمال العنف المشتعلة في دويلة جنوب السودان مستويات خطيرة جدا أجبرت دولة في حجم الولاياتالمتحدةالأمريكية على إرسال قوات مسلحة تحت شعار حماية المصالح الأمريكية وضمان أمن وسلامة مواطنيها هناك، ولكن في العمق تحوم شكوك أن للبيت الأبيض مآرب أخرى في إرسال تلك التعزيزات إلى جنوب السودان. المعطيات المؤكدة لحد الآن تفيد أن الدويلة دخلت حربا أهلية حقيقية أساسها عرقي صرف، وإن كان غطاؤها سياسي بين رئيس ونائب سابق له نجح في تعبئة جزء من المؤسسة العسكرية المهترئة في هذه الدويلة المفرخة تفريخا لتشتعل نيران الحرب بين الإخوة - الأشقاء. نقول أساس ما يحدث عرقي بالنظر إلى تدخل الاثنيات في هذا الجزء من السودان الشقيق. قد لا يكون كل ما سبق الحديث عنه في هذا الركن أقل أهمية، ما سنواصل به الحديث في نفس الموضوع، ذلك أن اقتطاع مساحة أرض من بلد عربي واحد، وتفريخ دويلة صغيرة لأسباب لا يمكن لأحد أن يقنعنا بأنها كانت موضوعية، وتخدم مصالح شعب جنوب السودان نفسه، بل الأسباب الحقيقية كانت تكمن أساسا في تقسيم السودان، وهي أسباب لا تزال قائمة للأسف الشديد، بما يضمن ويحقق تفتيت السودان إلى كيانات على أساس اللون والعرق وحتى القبيلة، وهو المخطط الذي تم الاشتغال عليه لحقب طويلة من الزمن إلى أن بدأ في التحقق خلال السنين الماضية. الآن لا بد أن نطرح السؤال الذي يجب أن يأخذ صبغة المساءلة، فها هي السودان قسمت واقتطعت منها قوى غربية دويلة تكاد تكون وهمية، هل انتهى المشكل في جنوب السودان، وتحولت الدولة المفرخة إلى دولة آمنة، ديموقراطية، تضمن العيش الكريم لمواطنيها؟! الجميع يدرك الأجوبة الحقيقية. بالعكس تماما فإن هذا الجزء من السودان أضحى أكثر لا استقرارا من الأمس، وأضحى مفتوح على جميع أشكال اللاأمن واللااستقرار، بل وأضحى بكل تأكيد ساحة أخرى من مساحات الانفلات الأمني في المنطقة، وهي الساحات التي تمثل تربة صالحة لنمو التطرف والإرهاب. إن ما يحدث في جنوب السودان الشقيق يجب أن يمثل عبرة لمن يجب أن يعتبر، لمن يعتقد أو يوهم نفسه بأن اقتطاع جزء جنوبي آخر من قطر عربي آخر يمثل حلا ما لمشكلة ما. أظن أن كلامي واضح جدا لا يحتاج إلى تفصيل.