عانقي خطاي واشهدي ! دائما كنت أشاهد في الأفلام الرومانسية أن البطلة تكون نائمة وعندما يحل الصباح، يوقظها البطل في أولى صباحات شهر العسل لهما، مداعبا خدها بتحريك خصلات شعرها، فتفتح عينيها مبتسمة في سعادة من ملك الكون، فتقول له بصوت ناعم وهادئ: "صباح الخير ! " بطلي أنا ذاك الصباح كانت شمس أورشليم. هي من داعبت خدودي متسللة بين ستائر الغرفة وجعلتني أفتح عينيّ على أحلى صباح. "صباح الخير زهرة المدائن! " ضربنا موعداً مع المرشد السياحي بعد الإفطار في قاعة الاستقبال... وأنا أفطر، ألقيت التحية الصباحية على المجموعة التي دخلت عليّ لتوها آنذاك وعلى أصدقائي من خلال العالم الأزرق الافتراضي محددة مكان تواجدي، فكانت "اللايكات" والتعليقات غزيرة من بينها: "القدس مرة واحدة !" تعليق رسم على محياي ابتسامة فخر فتمنيت لو أن كل أصدقائي وأحبتي كانوا معي نتشارك مغامرات هذه الرحلة سوياً. أخذت أرتشف قهوة الصباح كي 'أصحصح' وأستعد في نشاط لبرنامج أول يوم. أول ما تبادر لذهني هو تخيل شكل القدس نهاراً. من شدة ما تنقله لنا القنوات الإخبارية يوميا، تخيلت أني سأصادف في طريقي حواجز وأسلاك شائكة، عساكر ودبابات في كل مكان، منازل مدمرة وما إلى ذلك من آثار الحروب والنزاعات... فأنا شخصيا وربما غيري من بعض شباب جيلي لا نعرف عن القدس وتاريخها إلا ما درسناه في مقررات الثانوية بين صفحات كتب التاريخ التي تؤرخ لوعد بلفور وسنة 1948م، وما تلاها من حروب وانتفاضات... لا نعرف إلا شعارات كنا نهتف بها في كل مرة نسمع عن انتفاضة جديدة تجعلنا نثور ونوقف الدراسة لبضعة أيام بحجة معاناة إخواننا العرب، فنأخذ الأبواق واللافتات ونصرخ حتى نملّ ونشتاق إلى فصولنا الدراسية فنعود مجدداً. لم أذكر يوماً أن أستاذاً من أساتذة التاريخ الذين درسوني بالثانوية، خصص لنا وقتا جانبيا على هامش تلك الأحداث وتحدث لنا عن القدس قبل 1948م، عن القدس قبل ميلاد عيسى عليه السلام، عن سكان القدس الأولين كما فعلوا معنا عندما تحدثوا لنا عن سكان المغرب الأولين وعن تعاقب الأزمنة والأمم علينا إلى يومنا هذا. نخرج ونصرخ، وأنا أوّلهم، ونتظاهر بحميّة الصوت ولا نعرف سوى قصة صغيرة مفادها أن قوماً غرياء حلّوا على تلك الارض المقدسة فاستلبوها غصبا، لهذا وجب علينا نحن الجيران التنديد والشجب والتظاهر في مليونيات ننافس من خلالها باقي الجيران من الدول الأخرى، كما وجب علينا مقاطعة منتجات ذلك المغتصب دون أن نكون أمة مستقلة بذاتها قادرة على الإنتاج الفردي للبديل الذي سيمكنها من الاستغناء عما يبيعه لها هذا المغتصب ! فجأة وجدتني أتساءل بسذاجة الطفل الذي يتعلم لأول مرة: "ما أصل كل هذا وما نهايته؟" قاطع المرشد السياحي ذلك الوابل من من الأفكار الذي حطه سيل التساؤلات على عقلي الصغير كجلمود صخر ثقيل كان يجب عليّ أن أفتته قبل الرحيل معلناً عن بدء أول رحلة. سألنا فرداً فرداً عن الأحوال:" شو؟ كل شي تمام؟ ارتحتوا؟" فأجبته شخصياً: " إيه تمام تسلم.. لكن قل لي من فضلك، من هم السكان الأصليون لهذه المنطقة؟" سؤال كان وقعه عليه أشد من "كافيين" القهوة ليبدأ به نهاره كمرشد، في انتظار أن تكمل بقية المجموعة فطورها. أجابني أن القصة تعود لآلاف السنين قبل الميلاد حيث كانت المنطقة خاضعة لنظام شبيه بنظام المدن اليونانية الذي كان بعد الميلاد. فقد كان ذلك النظام معروفاً آنذاك بدويلات المدن، فكل مدينة كانت دولة لوحدها، وأول اسم كان لمدينة القدس هو "يبوس" نسبة إلى القبيلة الكنعانية التي سكنت هذه النطقة حوالي 3000عام قبل الميلاد. وقد وردت هذه التسمية لمدينة القدس في العهد القديم حيث تم الحديث عنها كمدينة يسكنها اليبوسيون. وظهر كذلك اسم آخر للمدينة، وهو "أورسالم" على مجموعة من اللوحات الطينية التي عرفت بنصوص " اللعنات المصرية" التي تعود إلى حوالي 1900عام قبل الميلاد، بمعنى مدينة الإله سالم "إله السلام" الذي أقام اليبوسيون معبداً له في مكان بقعة الحرم حاليا بالمنطقة. كما أن ذكر المدينة قد ورد في رسائل "تل العمارنة" عام 1400قبل الميلاد، وكان ملكها يعرف آنذاك ب"عبدي حيبا" وكان تابعاً للإدارة الفرعونية. أما في ما يخص اللغة، فقد كانت اللغات السائدة وقتها هي اللغات الكنعانية. وهي عبارة عن مجموعة من اللغات السامية التي استخدمت في فلسطين والساحل الغربي للبنان و كذا الجنوب الغربي لسوريا على لسان الكنعانيين بعد هجرتهم إليها. وكانت هذه اللغات عبارة عن مجموعة من اللهجات المتقاربة فيما بينها من حيث الصفات اللغوية. فهناك الكنعانية المنقرضة التي لم تعد مستعملة، وأخرى ضيقة الاستعمال، وتشمل المجال الديني. وتتكون هذه اللغات الكنعانية من: اللغة الفينيقية التي كانت مستعملة في الساحل الغربي من فلسطين وفي الساحل السوري واللبناني. وقد انقسمت هذه اللغة بدورها إلى: اللغة البونيقية، وهي لغة قريبة من اللغة الأمازيعية في شمال إفريقبا حيث كانت تستعمل هي كذلك أبجدية تيفيناغ. اللغة المؤابية لمملكة مؤاب. اللغة العمونية للملكة العمونية التي نشأت شرق نهر الأردن (مدينة عمان حالياً). اللغة الأدومية جنوبفلسطين وجزء منها في الأردن. وكانت اللغة الكنعانية هي لغة اليهود مثل باقي سكان فلسطين وعموم الشام قبل السبي البابلي. وقد أطلقوا على لهجتهم العبرية من باب التمايز لا أكثر... جمل وشروحات شدت انتباهي إليها وأنا أجلس أمامه كتلميذة نجيبة تدون كل حرف مما قاله حتى لا تفوتها هذه المعلومات. فنهمي وفضولي للمعرفة اتّقدا يشكل عجيب ذلك الصباح مع أول رشفة لقهوتي الصباحية. انزعج بعض أفراد المجموعة قليلاً، وأعذرهم في ذلك صراحة. فربما لهفتهم للتجول في دروب وشعاب القدس كانت كبيرة. لكن لم تكن تضاهي لهفتي بقدر ما كنت أريد أن أعرف المزيد عنها من أصحاب المكان على لسان المرشد وبقية السكان. خرجنا من الفندق مشاةً على طول شارع صلاح الدين، متجهين نحو سور القدس صوب باب الساهرة أو الزاهرة، فكشف لي ضوء النهار ما حجبته عني سدول الليل من بهاء وعراقة وأصالة. أين الدمار الذي تخيلته؟ أين الأسلاك الشائكة؟ أين العساكر والدبابات التي كانت تحكي لنا عنها القنوات الإخبارية؟ لم أجد شيئا من هذا سوى سيارة مصفحة كانت تابعة لمخفر الشرطة الذي كان قرب الفندق. وما عدا ذلك فعلى طول الشارع محلات تجارية ودكاكين للسكان المقدسيين، نظافة منقطعة النظير وهدوء صباحي جميل، أفراد يلقون على بعضهم التحية: " صباح الخير أبو فواز ! " وآخرون يرونها عليهم: " أهلين أبو الشباب ! ".. معمار أبى إلاّ أن يحافظ على أصالته التاريخية وبساطته العريقة ليكون شاهدا على قدسية المكان. كنا نتمشى جنباً لجنب قرب المارة ولا تتوقف أعيننا عن المسح البصري الطوبوغرافي لكل ما كان حولنا من معالم. أما أنا فكنت كالزئبق من كثرة حركيتي. كنت أريد أن أفعل كل شيء دفعة واحدة، أردت المشي ومصافحة كل فرد من المارة، أردت أخذ صور مع كل شيء وأي شيء أصادفه في طريقي، أردت التكلم بالعربية والعبرية معاً لأعرّف عن نفسي "أنا سائحة من المغرب"، أردت أن أستمع وأدون شروحات المرشد وأردت معانقة البلاط والتربة وكل صخرة ولَبنة على تلك الأرض مخاطبة إياها بأعلى صوتي: "أرجوك كوني شاهدة فقد جئت إليك ! أرجوك كوني شاهدة فقد كسرت قاعدة فيروز التي اكتفت برحيل العيون إليك، وسجلتُ الحضور جاعلة خطاي ترحل إليك رغم كل شيء ! أرجوك كوني شاهدة عليّ أني صلت رحمك كما سأكون شاهدة على كل ماسأراه وأعيشه في أحضانك ! أرجوك اذكريني..." كان باب الساهرة هو نقطة انطلاق سيراً على الأقدام مروراً بأبواب عتيقة أخرى كباب حطة وباب الرحمة وباب الأسباط وباب المغاربة... كلها أبواب كانت منضوية قلبَ سور عظيم أعاد تشييده ملك عثماني أعظم خلد به اسمه على مر العصور في تلك الأرض الطاهرة، هو السلطان العثماني سليمان القانوني... طالما أعجبت بذلك الملك الذي كان يفترش خريطة العالم تحت أقدامه ويقف عليها كي يرى حدود امتداد امبراطوريته. أنا أيضا نقلت عنه هذه العادة حيث أصبحت أفترش خريطة العالم وأقف عليها، ليس كسلطانة، ولكن كمشروع سائحة تختار البقع الغابرة من العالم لتزورها ضمن أهدافها المستقبلية... مررنا في طريقنا بوادي سلوان أو وادي جهنم الذي جفت ينابيعه منذ زمن، لكن الأساطير التي تحدثت عنه لم تنتهِ بعد ولم تسمح للمداد الذي يسيل كي يخلده أن يجف إلى يومنا هذا. ذلك الوادي الذي يفصل مدينة القدس عن جبل الزيتون حيث شهدت قمته آخر وقوف للنبي عيسى عليه السلام متأملا هذه الأرض الطاهرة من أعلى نقطة تمكنه من أخذ آخر صورة بصرية تذكارية لها في آخر مشهد قبل رحيله ملبيا نداء المولى عز وجل ومرتقيا إليه. هناك حيث وقف مناديا ومودعاً يرثي أورشليم في كلمات داعية للتوحيد ولم الشمل، أحبها قلبي من إحدى أسفار الإنجيل، وددت لو كتبت بماء الذهب على رأس ذلك الجبل: "...أورشاليم يا أورشاليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.. هوَ ذا بيتكم يترك لكم خراباً، لأني أقول لكم أنكم لا ترونني من الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب" كنت أهمس في قرارة نفسي بهذه الكلمات وأنا في طريقي إلى قبر مريم البتول عليها رحمة ربي والسلام. هناك حيث ووريت الثرى امرأة من أعظم النساء التي شرفها الله جل وعلا واختصها بأن تحمل معجزة من معجزاته الربانية إلى الخلق ليكون بكلمته "كُن" آخر المبعوثين من الأنبياء إلى تلك البقعة الطاهرة. وقفت مقشعرة البدن على قبرها الشريف متأملة متعظة، فغبت عن الكون لوهلة حيت تخيلتها وهي تحاور كلمة الله الذي جاءها حاملا معه أمراً إلهيا ثقيلاً على امرأة تعتبر رمزاً للعفة والشرف عند قومها الذي قد يصعب عليه تصديق وإدراك هذه المعجزة. كان يجب عليها أن تتحمل كل مشاق الحمل والولادة وحيدة في مكان قصي اختاره لها الاله الرحيم الذي كان معها آنذاك في وحدتها، ناظراً إلى حالها مُنزلاً عليها غيث رحمته الواسعة، وهي امرأة ضعيفة لا تملك أية خبرة ولم تتعرف بعد على الحياة الزوجية التي في كنفها تتم هذه الأشياء. كان عليها أن تتحمل بعد ذلك كل النعوت القاذفة لعرضها وشرفها رغم يقينها ببراءتها وطهرها وهي آتية قومها تحمل صبيا في المهد هو ابنها ، لتكون أما عزباء رضيت بأمر ربها وتشربفه لها بأن تنجب أحشاؤها ذلك الرسول الكريم والمبعوث الأخير لبني إسرائيل. أقرأتها سلامي وسلام كل المغاربة، ورفعت كفيّ إلى إله السماوات مبتهلة برحمتها ورحمتنا جميعا، وختمت دعائي بقراءة الفاتحة على روحها الزكية راجية إياه عز وجل أن يلحقني بها وبالذين أنعم الله عليهم من عباده، غير المغضوب عليهم ولا الضالين... فور خروجنا من قبر سيدة النساء مريم عليها السلام توجهنا نحو باب الأسباط صعوداً إلى أحد المرتفعات للولوج إلى الأقصى. هناك حيث صادفنا في طريقنا مقبرة بوابة الرحمة التي دفن فيها الكثير من المسلمين العظماء، من بينهم الصحابي الجليل عبادة ابن الصامت، أول قاضٍ للإسلام في بيت المقدس، والذي عينه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثناء خلافته الراشدة للمسلمين. في كل خطوة كنت أمشيها كان يخيل إليّ أنه قد مر بقربي من نفس الطريق أحد الأنبياء أو أحد الصحابة الكرام، وبدخولنا من باب الأسباط نكون قد صرنا داخل أرض الأقصى المبارك بمدارسها ومسطباتها وجوامعها وساحاتها وحدائقها المكسوة بأشجار الزيتون... كل زاوية من ذلك المكان تحمل سحرا خاصاً يجذبك إليه، فيمزج في لوحة حية خالدة على مرأى من الزائر كل تلك الحقب الزمنية في تناغم منقطع النظير، حيث يؤرخ للفترة ماقبل الميلاد وما بعد الميلاد مروراً بالفترة الإسلامية وأخيراً الفترة المعاصرة... كان ظاهراً علينا أننا سياح أجانب عن المنطقة. فكل السكان المقدسيين الذين صادفتهم خطانا متجهين للصلاة آنذاك، كان لديهم فضول لمعرفة من أي بلد نحن. في كل مرة أخبر فيها أحدهم أنني مغربية يطير بي وبالمجموعة فرحا وترحيباً ولا يصدق أننا من قلب المغرب نفسه.. فمعظم السياح المغاربة الووافدين إلى هذا المكان، هم من الجالية المغربية المقيمة في الديار الأوروبية حسب تعبيرهم وناذراً ما يزورهم سياح من المغرب نفسه. حتى أفراد الشرطة الإسرائيلية المكلفة بأمن مدخل الأقصى فرحوا لما عرفوا أنني سائحة مغربية من قلب المغرب. منهم من ذكّرَته رؤيتي وكلامي معه باللهجة الدارجة بالبيت الذي فتح فيه عينه عند مولده وحيث قضى أول أيام طفولته بالملاّح قبل أن يرحل، ومنهم من ذكّرَته بآبائه وأجداده المدفونين بالأراضي المغربية... شعرت صراحة بالفخر كوننا شعب حقق وبامتياز ذلك الانفتاح والتعدد الذي مكنه من احتضان كل الأطراف وكل الديانات والثقافات تحت جناح السلم والتعايش على أرضه. شعرت بالفخر كوننا تلك الدولة الفطنة التي استطاعت بحنكة ملوكها أن تكون الأم الرؤوم التي توحد وتضم تحت ذراعيها حتى الإخوة الأعداء، حيث أن التواجد في حضرتها يُخرس الأحقاد والضغائن ليترك المكان خالياً حتى يصدع صوت السلام على أرضها... ولا أعتبر ذلك نفاقا بقدر ما أعتبره مايجب أن يكون. أما الصراعات السياسية في نظري تعود بالأصل للأطراف المتنازعة فيما بينها، هي وحدها من تعرف حقيقة المسألة وكيف وصلت الأمور فعلاً إلى ماهي عليه، حتى وإن تواجد صوريا "حكم من أهله وحكم من أهلها" لأصلاح ذات البين... لا أحب استعمال الألفاظ السياسية الرنانة التي تجعل أقواما تثور وأخرى تصفق. لكنني حقيقة الأمر شعرت فعلاً بالفخر، كوني مغربية وابنة تلك الدولة التي تشبه " الدار الكبيرة" أو "الخيمة الكبيرة" في مسمياتنا الشعبية. تلك الدار التي ترمز لحفاوة الاستقبال والكرم. تلك الدار التي لا تغلق أبوابها رغم، مشاكلها الخاصة وانشغالاتها، في وجه أحد مهما كان. وإنما أبوابها مفتوحة دائما على مصراعيها تأوي جدرانها أصحاب المكان وكذا الغريب قبل القريب. تلك الدار التي تأبى إلا أن تزيد من أفرادها ليشكلوا عائلة كبيرة فيها الآباء والأبناء والإخوة والجيران وأبناء العمومة حتى المتخاصمون منهم يتصالحون في كنفها بغض النظر عن كل شيء. هكذا هو بلدي وهكذا أفخر به ولا أفهم في لغة السياسة الجوفاء، لأني ببساطة لست طامحة في كراسيها على حساب معاناة فئة ما دون الأخرى أو العكس... هي مواقف حصلت معي من كلا الطرفين جعلتني أعتز بهذا الشعور الذي يضع صاحبه وبلاده في خانة التميز والتفرد دونا عن البقية من الدول التي منها من يعاني من الكثير من أمراض العصر كالتطرف والتعصب إلى إحدى الكفتين اليمينية أو اليسارية، أو "الدين فوبيا" عموما و "الإسلام فوبيا" خصوصا وغيرها من أمراضِ تمنع الشعوب من العيش في سلام الروح الذي يحققه الانفتاح والوسطية والاعتدال.. فما أجمله من شعور عندما تكون عزيزاً وسط فئتين مختصمتين يتقاسمانك حبهما رغم كل شيء... أكملت خطاي متجهة صوب مسجد قبة الصخرة الذي يتوسط ساحة الأقصى المبارك، وأنا أحمل معي كل تلك المشاعر داخل قلبي الصغير المتلهف للدخول للصلاة تحت قبته الشريفة، فقد كنت في حاجة ماسة آنذاك أن أضع ناصيتي على أرضه الطاهرة ،ساجدة لرب السماوات حتى أخرّ له للأذقان، شاكرة إياه في كل صلاة، وأهمس له في أنفاس تعبدية بامتناني لهذا التفضل الرباني ولهذه النعمة التي أنعم عليّ بها...