قال مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، إن "المجلس الأعلى للسلطة القضائية اليوم، وهو يحتفي بالذكرى الثانية لتأسيسه، مطالب أكثر بتفعيل مضامين الوثيقة الدستورية التي ارتقت بالقضاء إلى سلطة مستقلة بضمانات وآليات متعددة، وفلسفة جديدة، وأسست لمجلس أعلى للسلطة القضائية بتركيبة موسعة، واختصاصات مهمة ومتنوعة، كما حددت وظيفة القضاة دستوريا في التطبيق العادل للقانون وحماية حقوق الأشخاص والجماعات، وحرياتهم وأمنهم القضائي". فارس الذي كان يتحدث صباح اليوم بمناسبة اتفاقية توأمة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ببلجيكا، أضاف أن "الدستور جعل حق التقاضي ومجانيته وعلانيته، وحقوق الدفاع، وقرينة البراءة، وشروط المحاكمة العادلة داخل أجل معقول، والحق في اقتضاء التعويض لمن تضرر من الخطأ القضائي، حقوقا دستورية لا مجال للمساومة بشأنها، وألزمت الجميع، أفرادا ومؤسسات عمومية، باحترام الأحكام القضائية والعمل على تنفيذها". وأوضح المتحدث، أمام الوفد البلجيكي، أن "سنة 2013 كانت شاهدة على توقيع وثيقة من أجل بناء هذا المستقبل، عندما احتضنت محكمة النقض قضاة بلجيكيين ومغاربة، بحضور مسؤولين قضائيين متميزين، إيتان كوتيل، الرئيس الأول السابق لمحكمة النقض، وجان فرانسوا لوكليرك، الوكيل العام السابق لديها، حيث أعطينا انطلاقة حقيقية جادة للتعاون القضائي والقانوني في تجسيد حقيقي للرؤية الحكيمة التي تعبر عن قناعة وخيار استراتيجي بأن الغد ينتمي إلى هؤلاء الذين يعملون من أجله اليوم بجد وجرأة وشجاعة، في إطار مشاريع إصلاحية حقيقية تستثمر القيم العميقة المشتركة بين الإنسانية". ولفت فارس إلى أن "توأمة اليوم تجسد مرة أخرى هذه الإرادة وتضع لبنة جديدة في بناء هذا الصرح القوي المتماسك، وكلنا وعي بحجم الرهانات المشتركة التي تجمع بين بلدينا على العديد من المستويات القانونية والقضائية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتلزمنا بمثل هاته المبادرات والآليات العملية الجادة". وقال الرئيس الأول لمحكمة النقض: "اليوم نحن أمام محطة حاسمة تلزمنا بالكثير من العمل المنهجي وفق مخطط استراتيجي وتعبئة كل الجهود والطاقات من أجل التدبير المعقلن للإكراهات والمعيقات بروح إيجابية وفكر خلاق منفتح على كل قنوات التواصل والتعاون المثمر، وهو ما سعينا إلى تجسيده من خلال السهر على تفعيل بنود هذه الاتفاقية الرامية الى تدعيم دولة القانون من خلال تكريس سلطة قضائية مستقلة سهلة الولوج وناجعة وفق المعايير الدولية، وذلك عبر التركيز على ثلاثة مجالات ذات بعد قانوني ومؤسساتي وهيكلي". وأضاف المتحدث أن "الرهان الكبير هو تحدي إنجاح هذه الشراكة والوصول إلى الأهداف المرجوة منها داخل الآجال المحددة لها بكل جدية ومسؤولية، من خلال الاستفادة من التجربة المتميزة لشركائنا وأصدقائنا ببلجيكا التي اكتسبوها على امتداد سنوات طوال منذ انطلاق أشغال مجلسهم الأعلى سنة 2000، وذلك من أجل الوصول إلى تطوير الإطار القانوني والتنظيمي للمجلس الأعلى ليكون منسجما مع الممارسات الفضلى بالتجربة الأوروبية، ودعم قدرات ومؤهلات أطر المجلس الأعلى وباقي المؤسسات المرتبطة بالقضاء". "نجاح نعتمد فيه أيضا على دعم ومواكبة الاتحاد الأوروبي الذي يولي عناية خاصة لهذا التعاون بالنظر للموقع المتميز للمملكة كبوابة لإفريقيا وكنموذج طموح متفرد للإصلاحات الجوهرية الحقيقية ذات البعد الإنساني الكبير"، يقول المتحدث، ويختم: "لي اليقين أن هذا الإرث المشترك الذي حملته إلينا منذ عشرات السنين علاقات صادقة وتعاون مسؤول مع شخصيات متميزة، لا يمكننا إلا أن نلتزم بالحفاظ عليها لنضع بصمتنا على مستقبل ينبني على قيم الانفتاح والحوار والتقدير المتبادل".