نظّمت الجمعية المغربية للعلوم الاقتصادية، بتعاون مع مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، اليوم الاثنين في الرباط، ندوة علمية حول موضوع "الأزمات الاقتصادية والمالية.. نحو قراءة جديدة ممكنة"، بحضور الأستاذ الجامعي الفرنسي جون فرانسوا بونسو أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة غرونوبل ألب فرنسا، إلى جانب سعيد حنشان الأستاذ بمدرسة الحكامة والاقتصاد في الرباط، ونور الدين العوفي رئيس الجمعية المغربية للعلوم الاقتصادية. وتطرقت الندوة للمؤلف الجماعي المعنون "اقتصاد بعد-الكينزي: تاريخ ونظريات وسياسات" الذي صدر في شتنبر من سنة 2018، ويهدف إلى تقديم التوجه الاقتصادي المستوحى من النظرية العامة للبريطاني ملجون ماينارد كينز لأول مرة باللغة الفرنسية، إضافة إلى خلق نقاش بين الباحثين الاقتصاديين من مختلف التيارات في العلوم الاقتصادية. وقال نور الدين العوفي، الأستاذ الجامعي المغربي، إن الندوة تأتي للمساهمة في النقاش الدائر حول النموذج التنموي الجديد، وأشار إلى أن المؤلف الجماعي حول "اقتصاد بعد الكينزي" يقدم قراءة جديدة للماكرواقتصاد وما إذا كان من الممكن أن يشكل بديلاً للماكرواقتصاد الكلاسيكي الليبرالي. ويرى العوفي، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الماكرواقتصاد الحالي لم يعد ملائماً لتطور الاقتصادات على المستويين الدولي والوطني، ولذلك وجب البحث عن حلول في إطار اقتصاد بعد الكينزي للإجابة عن أسئلة التنمية في سياق النقاش العمومي الجاري في المملكة حول النموذج التنموي الجديد. وأكد العوفي أن النموذج التنموي الحالي للمغرب أظهر محدوديته، ومن أجل تجاوز الأمر وجب مراجعة السياسات الماكرواقتصادية التي تعتبر قطب الرحى في الاقتصاد الوطني، من سياسات نقدية ومالية وميزاناتية ودور البنك المركزي، إضافة إلى مواجهة عدم الاستقرار المالي التي يميز العالم اليوم. ويأخذ تيار اقتصاد بعد الكينزي économie post keynésienne)) حرفياً فكرة كينز، خاصة فيما يتعلق بدور عدم اليقين في القرار الاقتصادي والطبيعة الداخلية للعملة بمبادرة من النظام المصرفي. كما أن أهم مبدأ في هذه المدرسة هو أن التدخل الحكومي يمكن أن يحقق الاستقرار الاقتصادي، وهو تيار يتخذ موقفاً معارضاً بشكل جذري من الاقتصاد الكلاسيكي الليبرالي. وتأتي هذه الندوة في سياق متسم بسعي العالم منذ عشر سنوات إلى التغلب على آثار الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، والتي كانت بحسب خبراء كارثة وقفت أمامها علوم الجامعات ونماذج مؤسسات الإحصاء والتوقعات عاجزة وغير قادرة على فهمها واستيعابها. ويهدف المؤلف الجماعي، الذي جرى تقديمه في هذه الندوة بمقر صندوق الإيداع والتدبير في العاصمة الرباط، إلى سد الفجوة الهائلة في شرح المشاكل الاقتصادية الكبرى المعاصرة من خلال الكشف عن مساهمات تيار ما بعد الكينزي الذي يضم عدداً من الخبراء الاقتصاديين الكبار.