أطلق مركز محمد بنسعيد آيت يدر للدراسات والأبحاث نداءً للتضامن مع الاحتجاجات التي يقودها الشعب الجزائري، معلناً تضامنه الكامل مع "نضال الشعب الجزائري لاستعادة سيادته التي مازالت إلى اليوم مصادرة"؛ كما أدان "أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في شؤون الشعب الجزائري الداخلية، وكل مس بحرية تعبيره، وبوحدته، أو بالأمن والسلم في الجزائر وفي كل الفضاء المغاربي". ويوضح النداء، المعنون ب"نداء المواطنة المغاربية والتضامن مع حراك الشعب الجزائري الشقيق"، أنه "رغم إخفاق كل التجارب السياسية لدول المنطقة منذ استقلالها، سواء في توحيد هذا الفضاء المغاربي، أو في دمقرطة حياته العمومية، أو في تنميته البشرية والمستدامة، فإن جذوة حلم الاندماج المغاربي مازالت حية ومشعة"، معتبرا أنها "الأمل الوحيد الذي يؤهلنا لنستمر في الوجود في عالم لم يعد يراعي ويعترف إلا بالتجمعات الكبرى التي تسندها تضامنات جهوية فاعلة ومؤثرة". وتقول توطئة النداء، الذي وقعت عليه أزيد من 150 شخصية سياسية وثقافية وحقوقية ومدنية وأكاديمية: "نحن الموقعين أدناه، مواطني المغرب الكبير والمتعدد، ورثة قيم وأحلام روادنا الذين أسسوا للفكرة المغاربية، وواجهوا إرادة التمزيق الاستعماري لأوصال شمال إفريقيا، فرفعوا عاليا راية التمفصل الإستراتيجي بين التحرر من النير الاستعماري ووحدة شعوب المنطقة في إطار مغرب مواطنة كبير، جامع ومزدهر، نرفع الصوت لنصدح بقوة، من بعدهم بإيماننا بوحدة المغرب الكبير (مؤتمر طنجة، 27-30 أبريل 1958)". ويضيف المصدر ذاته: "شعوب فضائنا المغاربي، من موريتانيا حتى ليبيا، لم تتوقف يوما عن التعبير في الفضاء العمومي، عبر أشكال متنوعة من الأعمال والمبادرات، عن تطلعاتها للكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وعن طموحاتها في أن تنعم فعليا بالحق في الحياة وبثمار التنمية المستدامة، وبكافة حقوق الإنسان الجماعية والفردية؛ في صدارتها حقوق النساء والشباب، وبتساوي الفرص بين الجميع، والكل في احترام تام لرابطة القانون، وبغاية إعادة بناء أنسجة اجتماعية متضامنة، متماسكة ومتجددة الحيوية". ومضى المصدر ذاته مسترسلا: "نحن لا يمكننا إلا أن نعتبر أنفسنا جزءا لا يتجزأ من هذه الحالة، نُلْقي بكل إرادتنا وقوانا في هذا الأفق، أفق المستقبل المغاربي الواعد"، وزاد: "شعوبنا بتطلعاتها ونضالاتها هذه لا تفعل سوى أنها تُحْيي الوعيَ المغاربي للأجيال المؤسسة؛ فبالأمس نزلت شعوب المغارب، وخاصة شبيباتها، للشوارع، دعما لانتفاضة الشعب التونسي، تحتج ضد الاستبداد وترفع الصوت مطالبة ببناء مجتمعات عصرية متضامنة وديمقراطية، وبتأسيس دول حق وقانون ترفدها إرادة وشرعية شعبيتان...وكذلك كان بمناسبة حراك شباب 20 فبراير، وحراك الريف في المغرب. وهاهو الشعب الجزائري اليوم، وخاصة شبيبته، يستأنف ذات الديناميكية التحررية، ويتلقى الدعم تلقائيا من الشعوب المغاربية وشبيباتها". "نعلن انخراطنا التام في هذا الطريق، حتى لا تتم مجددا مصادرة وتحريف سيرورات دمقرطة وعصرنة دولنا ومجتمعاتنا، بغاية إعادة إنتاج الاستبداد وتأبيده"، يورد النداء المغاربي، وزاد: "حتى لا يتم أيضا الالتفاف على اختيارات التعبير السلمي عن الإرادات الشعبية، أو تحريفها عبر تفخيخات بلطجية تكون ذريعة لتدخلات عنيفة من المستبدين وأجهزتهم الأمنية". وبخصوص غايات هذه الخطوة، يشير النداء إلى كونه يسعى إلى أن "تتم تنشئة الأجيال المغاربية الجديدة على قاعدة المواطنة المغاربية الشاملة، حتى يصبح الفضاء المغاربي منطقة سلم تكون فيها طمأنينة وأمن المواطنين والشعوب مضمونة، وحتى يتأتى للنزاع حول الصحراء أن يجد طريقه إلى حل سياسي سلمي وعادل ومنصف ومتوافق عليه". ويرى النداء أنه رغم تعقيد مسألة الصحراء، يمكن إيجاد حل مغاربي لهذا النزاع، معلنا استعداده ل"المساهمة في بلورته، بما يخدم المصلحة الإستراتيجية لشعوب المغرب الكبير وحوض الأبيض المتوسط وإفريقيا"، مردفا: "الصحراء الغربية بالنسبة لنا يجب أن تكون جسرا واصلا للمغرب الكبير لا ساحة حرب وتدمير". ووقعت على النداء سالف الذكر عشرات الشخصيات متعددة المشارب والمرجعيات، يتقدمها بنسعيد محمد آيت إيدر، إضافة إلى الحقوقي فؤاد عبد المومني، وعدنان ياسين (شاعر)، ولطيفة أحرار (ممثلة)، وأكروف صنهاجة (مناضلة نسائية بالجزائر)، والمتمسك أحمد، (سوسيولوجي مغربي)، وعليوة مهدي (سوسيولوجي مغربي)، وعمارة جان كلود (مناضل جمعوي في فرنسا- الجزائر)، وأوريد حسن، (مؤرخ مغربي)، وبلافريج عمر (برلماني مغربي)، وبنعيسى لطفي (اقتصادي تونسي) وغيرهم.