قال محمد الحسيني كروط، المحامي بهيئة الرباط، إن النقيب السابق محمد زيان ينشر ادعاءات في موقعه الإخباري "الحياة اليومية"، في "محاولة غير مشروعة للتأثير في قرارات رجال القضاء التي يحظرها القانون الوطني الأسمى، والقانون الجنائي وقانون الصحافة وقانون مهنة المحاماة، وسائر التشريعات الدولية". وأبدى المحامي بهيئة الرباط استغرابه لهسبريس، متسائلا: "كيف لنقيب سابق أن يمعن في خرق أعراف مهنة المحاماة وهو الذي يفترض فيه أن يكون أول الملتزمين باحترامها والسهر على حسن تطبيقها". وجاء رد كروط بعدما نشر موقع زيان مقالات اعتبرها مستهدفة لشخصه كمحام، وتتناول بكثير من "الجسارة والفضول"، بتعبير المحامي بهيئة الرباط، علاقته بموكله في إحدى القضايا التي ينظر فيها القضاء. وأضاف المحامي ذاته أن "هذه العلاقة مشمولة بالسرية ولا يجوز لأي كان أن يتدخل فيها أو يملي عليه فيها أهواءه ولا ميوله الشخصية". واستطرد كروط في تعقيبه مستدلا بأحكام الوثيقة الدستورية للمملكة وأحكام التشريع الوطني، متسائلا: "لماذا ينشر محمد زيان معطيات مغلوطة ليس لها من مرامٍ سوى التأثير على قرارات رجال القضاء وتغليط الرأي العام؟". وأكد المحامي بهيئة الرباط أن الفقرة الأخيرة من المادة 109 من الدستور المغربي تحظر محاولة التأثير غير المشروع في أعمال القضاء، وهو التوجه نفسه الذي سارت عليه التشريعات الوطنية، خصوصا الفصل 266 من القانون الجنائي الذي يعاقب زجريا كل من حاول التأثير بصفة غير مشروعة على القضاء، وكذا الفقرة الأخيرة من المادة 303 من قانون المسطرة الجنائية، علاوة على المادة 75 من قانون الصحافة التي تمنع انتهاك السرية والمس بقرينة البراءة وتمنع نشر، بأية وسيلة من الوسائل، هذا النوع من الدعاوى. وأردف كروط أن قانون مهنة المحاماة كان صريحا في موضوع السرية بين المحامي وموكله، التي يحاول النقيب زيان مصادرتها وخرقها، موضحا أن الفصل 36 من قانون المهنة ينص على أنه لا يجوز للمحامي أن يفشي السر المهني في أي قضية، بل إن السرية هنا تتسع وتتمدد لتشمل علاقات المحامي بموكله على جميع المستويات، بما فيها اللقاءات والزيارات والمراسلات المتبادلة بينهما، وهو ما يكفله القانون صراحة، واستقر عليه العمل القضائي، إذ جاء في القرار رقم 38 المؤرخ في 30 أكتوبر 2008 في الملف عدد 68/2006/3 الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط والمنشور في مجلة الإشعاع العدد 36 الصفحة 251، أن "السر المهني يمتد ليشمل كل ما يتناهى إلى مسامع المحامي وكل ما قرأه أو شاهده بصفته محاميا". وتساءل المحامي ذاته: "لماذا يسمح زيان لنفسه بالتدخل في علاقة زملائه في المهنة بموكليهم؟ وهل يسمح زيان لنفسه بأن يكون موضوع استفسارات في الإعلام عن الجهة التي توكله لمؤازرة وهيبة خرشش؟ ولماذا يؤازر أو ينوب عن هذا الطرف أو غيره؟". وخلص كروط إلى أن الهدف الوحيد من تعليقات ومقالات زيان المتواترة التي تشير إليه بالاسم حول قضية شرطية ابن جرير إنما هو التشهير بأطراف الدعوى، ومحاولة التأثير على قرارات رجال القضاء، متسائلا بكثير من الامتعاض عن الغاية من الإمعان في نشر مثل هذه المقالات "المتحاملة"، بتعبير المحامي بهيئة الرباط. ورد المتحدث ذاته على ما وصفها ب"ادعاءات" النقيب السابق محمد زيان التي نشرها إعلاميا، بخصوص الجهة التي انتدبته للدفاع عن رئيس الأمن بالجديدة، معتبرا أن هذه الادعاءات جاءت مشوبة بالتحريف، مؤكدا أنه صرح في الجلسة بأنه ينوب عن المشتكى به ولا يمثل الإدارة، التي ليست طرفا في النزاع حتى يمثلها، "ومحضر الجلسة شاهد على هذه التصريحات". وأضاف المحامي بهيئة الرباط أن المناقشات في غرفة المشورة جرت في جلسة سرية طبقا للمادة 236 من قانون المسطرة الجنائية، "وحتى إذا كان النقيب زيان حريصا على خرق السرية، فكان حريا به أن ينشر الحقيقة كاملة بدون تحريف ولا تغليط"، يشدد على ذلك المصدر ذاته. وختم المحامي كروط بأن النقيب السابق محمد زيان تقدم بهذا الطلب الغريب إلى المحكمة التي لم تأبه به نهائيا، مضيفا أن مثل هذه المطالب غير المبنية على أساس ليس لها من مبرر سوى محاولة إقحام المؤسسة الأمنية في نقاشات إعلامية والتشهير بها، قبل أن يستطرد بأنه يبقى من حق مصالح الأمن أن توكل محاميا للنيابة عن موظفيها في إطار مبدأ حماية الدولة الذي ينص عليه الفصل السابع من النظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني والفصل التاسع عشر من قانون الوظيفة العمومية، خصوصا وأن هذه القضية تحركها خلفيات معروفة وغير بريئة. وشدد المحامي بهيئة الرباط على أن النقيب زيان تجاوز حدود صلاحياته القانونية، وضرب عرض الحائط بكل القوانين الوطنية التي تؤطر سرية علاقة المحامي بموكله وتحظر الامتناع عن التأثير في أعمال ومقررات القضاء.