عبّر سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، عن عدم رضاه عن حجم إسهام القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي في المغرب، والذي لا يتعدى 22 في المائة فقط؛ بينما نسبة تمويل الدولة للبحث العلمي إلى 73 في المائة. واعتبر أمزازي، في كلمة ألقاها في لقاء إطلاق طلب تقديم مشاريع البحث في مجال الذكاء الاصطناعي بالمدرسة العليا للمعلوميات وتحليل النظم، أن مساهمة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي بالمغرب "ضئيلة"، مقارنا إياه بنظيره الياباني، حيث تصل نسبة تمويل مؤسسات القطاع الخاص للبحث العلمي إلى 78 في المائة. وأبرز الوزير الوصي على قطاع التعليم والبحث العلمي العلمي أن تقييم حيوية وكفاءة البحث العلمي في العالم رهينة بمدى ارتفاع نسبة تمويل القطاع الخاص للبحوث، لافتا إلى أن تمويل القطاع الخاص للبحث العلمي في المغرب يقل بحوالي الثلثين عن المعدل المتوسط في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCDE حيث يصل إلى 61 في المائة. وبالرغم من ضعف مساهمة القطاع الخاص في تمويل مشاريع البحث والتنمية في المغرب، فإن المملكة تحتل الرتبة الثالثة في القارة الإفريقية من حيث الاستثمار والابتكار، بعد كل من مصر وجنوب إفريقيا، بغلاف مالي يناهز 14 مليون درهم، حسب تقرير اليونسكو لعام 2018. أمزازي شدد على أن الاستثمار في البحث العلمي لن يحقق النتائج المطلوبة، ولكن يكون رافعة للتنمية الاقتصادية وخلق الثروة، ما لم يتم تحديد نوع البحث العلمي الذي يحتاج إليه البلد بدقة، قائلا "البحث العلمي لا يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق النمو ودافعا للدينامية الاقتصادية والاجتماعية إلا إذا كان مَصدرا للابتكار، لأن الابتكار اليوم هو المصدر الرئيس لخلق الثروة". ويأتي إطلاق وزارة التعليم العالي طلب تقديم مشاريع البحث في مجال الذكاء الاصطناعي بعد إطلاق برنامج "ابن خلدون" في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية؛ وخصصت الوزارة للبرنامج الجديد غلافا ماليا بقيمة 50 مليون درهم، ويعوَّل على البرنامج المذكور لتحقيق إقلاع في مجال الذكاء الاصطناعي بالمملكة. ولا تتعدى الميزانية التي تخصصها الدولة للبحث العلمي نسبة 0,8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، واعتبر أمزازي أن هذه الميزانية لا ترقى إلى المستوى الذي تطمح إليه الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والتي تدعو إلى رفع ميزانية البحث العلمي إلى 1 في المائة على المدى القصير، ثم إلى 1,5 في المائة في أفق سنة 2025 و2 في المائة سنة 2030. وأوضح أمزازي أن الذكاء الاصطناعي يكتسي أهمية بالغة ويعد خيارا إستراتيجيا بالنسبة إلى المغرب، كونه يساهم في خلق فرص كبيرة للابتكار وفي التنمية وخلق الثروة. وأبرز أن نجاح هذا المشروع الإستراتيجي يقتضي وجود شراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويله، حتى يكون قادرا على مواكبة التحديات الوطنية، لا سيما فيما يتعلق بتطوير الصناعات الجديدة؛ كصناعة السيارات والطائرات والصناعة في مجال الطاقات المتجددة. أمزازي نبّه إلى ضرورة مواكبة التحولات التي يعرفها العالم اليوم، حيث تنقرض المهن التي يقوم بها ذوو المهارات الضعيفة، في حين تتولد وظائف جديدة تتطلب مهارات عالية، موضحا "أن المهارات العالية هي السبيل الوحيد لمواجهة البطالة، حيث أصبح إيجاد وظيفة بالنسبة إلى الذين يفتقرون إلى الكفاءات الرقمية أمرا مستحيلا".