أعلن رئيس الوزراء الجزائري الجديد نور الدين بدوي، الخميس، أنه سيشكل حكومة مؤقتة تضم خبراء وغيرهم للعمل على تحقيق التغيير السياسي استجابة لاحتجاجات استمرت أسابيع وحث المعارضة على الانضمام للحوار. وعرض بدوي خططه في مؤتمر صحفي في العاصمة الجزائر بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة تمد بقاءه في السلطة بعد فترة حكم استمرت 20 عاما. وجاء قرار بوتفليقة بعدما شارك عشرات الآلاف من الجزائريين في احتجاجات بالشوارع للمطالبة بإصلاح نظام سياسي راكد يسيطر عليه قدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب الاستقلال بين عامي 1954 و1962. وأعلن بوتفليقة تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر أن تجرى في أبريل نيسان وقال إنه سيتم عقد مؤتمر وطني لمناقشة التغيير السياسي. لكن بوتفليقة لم يتنح ويخشي الكثير من النشطاء أن يكون قراره نوعا من الخداع. وقال حسن زيتوني، (25 عاما) وهو أحد المحتجين، لرويترز "الجزائريون كانوا يتوقعون أن يقدم بدوي إجابات وهو ما لم يفعله". حكومة جديدة قال بدوي الذي حل محل أحمد أويحيى يوم الاثنين إن حكومته الجديدة ستتشكل في أوائل الأسبوع المقبل. وأضاف بدوي (60 عاما) وزير الداخلية السابق "هذه الحكومة ستكون لها فترة قصيرة دورها هو أن تكون سندا للندوة الوطنية والذي يتفق عليه الجزائريون". وتابع قائلا "فيما يخص الحكومة نحن بصدد تشكيلها والتشاور فيما يخصها ونقول بصدق بأن هذه التشكيلة سوف تكون تشكيلة تمثل كل الطاقات وخاصة الشُبانية من بنات وأبناء وطننا لنكون في مستوى هذه الطموحات التي عبر عنها المواطن الجزائري". وقال المحلل السياسي فريد فراحي إنه لم يقتنع وأضاف "يشبه الأمر صب مزيد من الزيت على النار. المتظاهرون غير راضين عن الأمر وسيعبرون عن ذلك الجمعة". ولم تتوقف المظاهرات السلمية منذ أن بدأت وإن كانت الحشود الأكبر تتجمع أيام الجمعة. وقال الجيش إنه لن يتسامح مع الفوضى، لكن الجنود بقوا في الثكنات. واتسم رد فعل قوات الأمن في أغلب الأوقات بضبط النفس. وحث رئيس الوزراء المعارضة على قبول الحوار. لكن محامين ونشطاء اختارهم المحتجون لقيادة المساعي للإصلاحات استبعدوا التفاوض، أو على الأقل في الوقت الراهن. وتعهد بوتفليقة، الذي قلما يظهر علنا منذ إصابته بجلطة في عام 2013، يوم الاثنين بعهد جديد يرضي الجميع. لكن مبادرته لم تفلح في إرضاء كثير من الجزائريين الذين يريدون انتقال السلطة لجيل أصغر صاحب أفكار مبتكرة. وتظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص من كل طبقات المجتمع على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية ضد الفساد والبطالة والطبقة الحاكمة. وحركت الاحتجاجات المشهد السياسي الراكد منذ فترة طويلة والذي اتسم بصعوبات اجتماعية واقتصادية على مدى عقود وبسيطرة المؤسسة العسكرية النافذة على السلطة من وراء الكواليس. وشارك متظاهرون من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعضهم على مقاعد متحركة، اليوم الخميس برفقة أسرهم في احتجاج بالعاصمة طالبوا فيه بالتغيير السياسي الفوري وتحسين ظروف المعيشة. المزيد من الاحتجاجات الحاشدة ورفض الناشط نجيب بلحيمر التعهدات التي قطعها رئيس الوزراء الجديد وقال "لهذا السبب يتعين علينا الخروج في مسيرات حاشدة غدا". ويعتقد جيل الشباب أن بوتفليقة والدائرة المقربة منه منعزلون عن الشعب حيث زادت نسبة البطالة عن 25 بالمئة بين من هم أقل من 30 عاما. وتجنبت الجزائر إلى حد كبير تبعات انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بزعماء عرب آخرين في الشرق الأوسط. وكان لدى الحكومة في ذلك الوقت ما يكفي من السيولة من عائدات النفط لاحتواء الإحباط إذ مكنتها من تقديم قروض بفائدة منخفضة وسكن مجاني. وينسب جزائريون من الجيل الأكبر سنا لبوتفليقة الفضل في إنهاء الحرب الأهلية بين قوات الأمن والإسلاميين في التسعينيات ويراهنون عليه للحفاظ على الاستقرار. *رويترز