قال تلفزيون النهار اليوم الأحد إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تقدم بأوراق ترشحه رسميا لخوض انتخابات الرئاسة، مؤكدا سعيه لإعادة انتخابه رغم الاحتجاجات الحاشدة على ذلك. ولم يرد تأكيد رسمي، لكن وكالة الأنباء الرسمية نشرت "تصريح الممتلكات الخاصة" لبوتفليقة، وهو شرط أساسي من متطلبات خوض الانتخابات. وخرج عشرات الآلاف من المحتجين في أنحاء الجزائر اليوم الأحد مطالبين بوتفليقة بالتنحي. وتقترب أعداد المحتجين سريعا من مستويات يوم الجمعة الماضي عندما ملأ المحتجون وسط العاصمة الجزائر في واحد من أكبر الاحتجاجات، النادرة في الجزائر، منذ انتفاضات الربيع العربي في عام 2011. وقالت المحطة التلفزيونية الخاصة إن بوتفليقة، (82 عاما)، معتل الصحة منذ سنوات، قدم أوراق ترشحه للمجلس الدستوري في الجزائر العاصمة اليوم. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إنه ليس من المطلوب أن يقوم بذلك بنفسه. ونادرا ما يظهر بوتفليقة علنا منذ إصابته بجلطة دماغية في عام 2013، ووفقا لوسائل إعلام سويسرية كان في مطلع هذا الأسبوع في سويسرا لإجراء فحوص طبية لم يتم الكشف عنها. وقال شاهد لرويترز إن شاحنات من حملة بوتفليقة وصلت إلى المجلس الدستوري ظهر اليوم الأحد. ويقول معارضون إن بوتفليقة لم يعد لائقا للنهوض بمهام الرئاسة، مشيرين إلى اعتلال صحته وما يقولون إنه انتشار للفساد وافتقار إلى الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لمعالجة مشكلة البطالة التي يتجاوز معدلها 25 في المئة بين الأشخاص دون الثلاثين من العمر. لكن محللين يقولون إن الحركة الاحتجاجية تفتقر لقيادة وتنظيم في بلد ما زال يهيمن عليه المحاربون القدامى الذين شاركوا في حرب الاستقلال عن فرنسا في الفترة من عام 1954 حتى عام 1962. ودعت المعارضة الجزائرية، التي تعاني عادة من الضعف والانقسام، إضافة إلى جماعات المجتمع المدني لمزيد من الاحتجاجات إذا ترشح بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ عشرين عاما. لكن المعارضة الضعيفة والمنقسمة في العادة وكذلك المنظمات المدنية دعت الاحتجاجات للاستمرار إذا أكد بوتفليقة الموجود في السلطة من 20 عاما ترشحه للانتخابات. وسعت الحكومة لاستغلال مخاوف الجزائريين من العودة إلى إراقة الدماء في تسعينيات القرن الماضي عندما قتل نحو 200 ألف شخص بعد ما حمل الإسلاميون السلاح إثر إلغاء الجيش انتخابات كانوا على وشك الفوز فيها. لكن موجة الاحتجاجات الجديدة اتسمت بالسلمية باستثناء يوم الجمعة عندما أسفرت اشتباكات مع الشرطة عن إصابة 183 شخصا. واحتشد آلاف الطلاب داخل عدد من الكليات الجامعية التي يقع إحداها قرب المجلس الدستوري حيث يقدم المرشحون للانتخابات الرئاسية أوراقهم، ورددوا هتافات تقول "لا للعهدة الخامسة". وكان هناك وجود أمني مكثف حول المجلس الدستوري ومنعت الشرطة الطلاب من مغادرة الحرم الجامعي القريب من المجلس، حيث أغلقت أبوابه الرئيسية. لكن شوهد الآلاف بعد ذلك في مظاهرات في وسط المدينة كما حدث يوم الجمعة. وقدر مصدر دبلوماسي عدد المتظاهرين في الجزائر العاصمة اليوم بنحو 70 ألف شخص وشمل ذلك احتشادا بجامعة باب الزوار، وهي الأكبر في البلاد. وقالت عائشة، وهي طالبة تبلغ من العمر 23 عاما، "لن نكف عن التظاهر حتى نتخلص من هذا النظام". مزيد من الاحتجاجات ووفقا لشهود ولقطات أذاعها تلفزيون محلي، خرج آلاف من المحتجين في مدن أخرى بأنحاء البلاد منها وهران وباتنة وسكيكدة والبليدة والبويرة. وكان أول من قدم أوراق ترشحه في انتخابات الرئاسة هو على غديري وهو لواء متقاعد يتحدى الصفوة الحاكمة التي تتكون من أفراد الجيش والحزب الحاكم ورجال الأعمال. وقال للصحفيين إنه يبشر الشعب بفجر جديد. ووصل مرشح آخر هو رشيد نكاز رجل الأعمال والنشط مستقلا سيارة أجرة وقال لمحتجين إنه ينبغي أن تبقى الاحتجاجات سلمية لتقديم صورة جيدة عن "ديمقراطيتنا". وبحلول منتصف اليوم، تقدم سبعة مرشحين بطلباتهم رسميا. وفشلت المعارضة في الاتفاق على مرشح موحد مما يجعل قيامها بحملة مهمة صعبة في بلد يهيمن عليه منذ الاستقلال حزب واحد هو حزب جبهة التحرير الوطني. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن بوتفليقة استبدل مدير حملته الانتخابية أمس السبت. ولم يتحدث بوتفليقة عن الاحتجاجات بشكل مباشر رغم أنها الأكبر منذ عام 2011. وكان العديد من الجزائريين يتجنبون النشاط السياسي على مدى سنوات خوفا من التعرض للأذى من جانب أجهزة الأمن أو بسبب اليأس من إمكانية تغيير القيادة في البلاد. وبعد تمرد إسلامي استمر عشر سنوات وتمكن بوتفليقة من القضاء عليه في فترة حكمه الأولى أصبح الجزائريون يتحملون نظاما سياسيا لا يترك مساحة تذكر للاختلاف كثمن يدفعونه مقابل الأمن والاستقرار النسبيين. *رويترز