لم تشف استجابة السلطات الجزائرية لضغوط الشارع بالتراجع عن الولاية الرئاسية الخامسة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وتأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان من المزمع إجراءها في 18 ابريل / نيسان القادم، وذلك بعد يوم واحد من عودته من رحلته العلاجية في جنيف، غليل الجزائريين وتجمع المئات من الطلاب بساحة البريد المركزي بوسط العاصمة الجزائرية، خلال الساعات الأولى من صبيحة اليوم الثلاثاء. وأعلن المحتجون رفضهم قرار الرئيس بوتفليقة بالعدول عن الترشح لولاية رئاسية خامسة، واعتبروا ذلك ” تمديدا ” لفترة حكمه. واستبدل المحتجون لافتات رفض ولاية رئاسية جديدة لبوتفليقة، بلافتات أخرى كتب عليها رقم “4+” كما ظهرت لافتات أخرى ” لا تمديد لا تمديد الشعب فايق وعنيد “. وخرج المئات من الطلبة في عدد من المدن الجزائرية إلى الشوارع، رغم دخولهم في عطلة ” مبكرة ” بقرار من وزارة التعليم العالي، رافعين شعارات ” لا تأجيل لا تمديد” و”طلبة واعون للتأجيل رافضون “. وتواصل الإضراب العام لليوم الثالث على التوالي في مدن جزائرية احتجاجا على غرار تيزي وزو والبويرة وبجاية التي بدأ عمالها إضرابا أصاب عمليات الميناء في المدينة بالشلل. وينتظر أن تتجدد الاحتجاجات الشعبية، الجمعة القادم، بعد الدعوات التي أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل تعبئة المواطنين للخروج إلى الشارع للتعبير عن موقفهم الرافض للقرارات التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة. واعتبرت المعارضة السياسية في البلاد، هذه الخطوة التي توقعها الشارع من قبل السلطة مع نهاية آجال دراسة المجلس الدستوري لملفات المترشحين لخوض الاستحقاق الرئاسي غدا الأربعاء، وراج حديث قبل خروج الرئيس عن صمته عن إمكانية إلغاء الموعد الانتخابي تحت طائلة تفعيل البند ال 102 من الدستور الجزائري المعالج لشغور منصب رئيس الجمهورية بسبب العجز الصحي، أنها ” التفاف على إرادة الجزائريين “. وقال زعيم حزب طلائع الحريات المعارض، رئيس الحكومة الجزائرية السابق، على بن فليس، إن الجزائر عاشت وعرفت تعدي بالقوة على الدستور الجزائري ( القانون الأعلى في البلاد ) بالإعلان عن تمديد الولاية الرئاسية الرابعة. وأكد أنه ” تمديد من القوى غير الدستورية التي تبقى مستولية على مركز صنع القرار بدون ترخيص أو إذن أ، موافقة من الشعب “. واعتبرت حركة مجتمع السلم ( أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد ) أن الإجراءات التي أعلنها الرئيس الجزائري ” لا ترقى إلى طموحات الشعب الجزائري الذي خرج بالملايين في مختلف الولايات يطالب بتغيير فعلي “. وقالت إن ” هذه الإجراءات هي التفاف على إرادة الجزائريين يقصد بها تفويت الفرصة التاريخية للانتقال بالجزائر نحو تجسيد الإرادة الشعبية والتخلص نهائيا من النظرة الأحادية الفوقية “. وأعلن الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، عدوله ” عن الترشح لولاية رئاسية خامسة “، وأرجأ في الوقت نفسه الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل / نيسان القادم. وقال بوتفليقة ” رئاسيات 2019، لن تجرى في وقتها المحدد، والغرض هن الاستجابة للطلب الملح الذي وجهتموه إلي “، في إشارة إلى المتظاهرين ضد ترشحه. وأضاف “لا محلّ لعهدة خامسة”، مشيرا إلى أنه سيتم تشكيل “ندوة وطنية” تقرّ إصلاحات وتحدد موعد إجراء انتخاب “لن أترشح له بأي حال من الأحوال “. وأعقب قرار بوتفليقة إعلان استقالة رئيس الوزراء أحمد أويحيى من منصبه وتعيين وزير الداخلية نورالدين بدوي خلفا له. وبالموازاة مع ذلك كسر قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعدم الترشح لولاية رئاسية جديدة الصمت الفرنسي، وقد وجه رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، التحية لقرار بوتفليقة، الذي يفتح ” صفحة جديدة في تاريخ الجزائر ” وفي ” تاريخ الديمقراطية الجزائرية ” داعيا إلى فترة انتقالية في زمن معقول “. وأشاد ماكرون بالحراك السلمي الذي تشهده البلاد منذ 22 فبراير / شباط الماضي، وقال إن ” الشبيبة الجزائرية التي عرفت كي تعبّر عن آمالها”، مثمنا أيضا، “مهنية قوى الأمن الجزائرية”، ثم وعد ب”بذل كل الجهود من أجل مرافقة الجزائر في هذا الانتقال، في صداقة واحترام” . وزير الخارجية جان إيف لودريان، هو الآخر حيا قرار بوتفليقة بعدم الترشح للانتخابات، كما وجّه التحية ل”الإجراءات التي ترمي إلى تجديد النظام السياسي الجزائري”. تعليق فرنسا على ما يحدث في البلاد أغضب قطاع عريض من الجزائريين والطبقة السياسية في البلاد، وندد رئيس حزب جيل جديد، سفيان جيلالي بما أسماه ” التدخل الفرنسي في الشأن الداخلي للجزائر “، واصفا إياه بالنقطة ” الحساسة والتي تمس السيادة الوطنية “. وقال المعارض جيلالي سفيان إن ” كل ما نشاهده مع الحراك الجزائري في الداخل والخارج هناك بداية تدخل أجنبي مباشر في القضايا الداخلية للبلاد “، وأضاف ” بالأمس الناطق الرسمي للحكومة الفرنسة واليوم الرئيس الفرنسي نفسه تكلموا على الجزائر لمساندة المسار الذي اقترحه رئيس الجمهورية “.