تجمع بضعة آلاف من الطلاب في ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة الجزائرية الثلاثاء، رافضين صيغة إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العدول عن الترشح معتبرين ذلك « تمديدا » لحكمه. ورد د الطلاب شعارا واحدا « طلبة صامدون للتمديد رافضون، بينما استبدلت لافتات رفض الولاية الخامسة التي تراجع عنها بوتفليقة، لتحل محلها لافتات كتب عليها رقم « 4+ » وقد تم شطبه كما ظهرت لافتة كبيرة كتب عليها « يجب إنقاذ الشعب وليس النظام ». وفي تظاهرتهم الأسبوعية الثالثة حمل أغلب الطلاب الأعلام الجزائرية أو توشحوا بها وهم يسيرون عبر شارع ديدوش مراد وجزء منهم يصرخ « بركات بركات من نظام العصابات » وبركات باللهجة الجزائرية تعني « كفى ». والاثنين أعلن الرئيس بوتفليقة غداة عودته من رحلة علاج في سويسرا عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وفي الوقت نفسه إرجاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل الى أجل غير محدد. وبذلك مد د بوتفليقة ولايته بحكم الأمر الواقع. وكتبت صحيفة الخبر الصادرة الاثنين أن بوتفليقة « سيبقى رئيسا دون انتخابات » وهو بذلك « مدد » ولايته الرئاسية الرابعة. وأضحت « رضخ رئيس الجمهورية لمطلب عدم الترشح (…) لكن بالطريقة التي تضمن له البقاء رئيسا دون انتخابات » و »ترتيب انسحابه من الحكم (…) دون الإشارة إلى السند الدستوري الذي اعتمد عليه » عم ت الجزائر منذ 22 فبراير تظاهرات واسعة وحاشدة غير مسبوقة في كل أنحاء البلاد رفضا لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. وعاد بوتفليقة الأحد الى الجزائر بعد غياب لمدة أسبوعين في جنيف أجرى خلالهما « فحوصا طبية »، بحسب الرئاسة. وقال بوتفليقة في خطاب مكتوب للشعب الجزائري مساء الاثنين « لن يجري انتخاب رئاسي يوم 18 من أبريل (نيسان) المقبل » والغرض هو الاستجابة للطلب المل ح الذي وجهتموه إلي « . وتابع الرئيس الجزائري في رسالته أن الانتخاب الرئاسي « سينظم عقب الندوة الوطنية الجامعة المستقلة تحت الإشراف الحصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة ». كما تعه د بتسليم « مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية ». وتشكل تظاهرة الطلاب الثلاثاء مقياسا أوليا لمدى رفض أو قبول الشارع الجزائري لقرارات بوتفليقة الذي يواجه أكبر موجة احتجاج منذ وصوله إلى الحكم في 1999. وينتظر ان تشهد ولايات أخرى تظاهرات طلابية وتجمعات في الكليات كما في عنابة (شمال شرق) التي لم تتوقف فيها الاحتجاجات منذ بدايتها. وبدأ التحضير لتظاهرة كبرى الجمعة 15 مارس بنفس حجم تظاهرات 22 فبراير والأول والثامن من مارس ، وكل النداءات تصدر من مواقع التواصل الاجتماعي. وستكون هي المعيار الحقيقي للغضب الشعبي. كما ستجيب تظاهرة الجمعة على سؤال صحيفة الخبر الثلاثاء » كيف سيتفاعل معه الشارع الجزائري الذي دعا إلى رحيله من الحكم؟ » ومنذ الاعلانات التي جاءت في خطاب بوتفليقة الذي ظهر على التلفزيون الحكومي لأول مرة منذ بداية الاحتجاجات وعودته من سويسرا، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات. وظهر وسم (هاشتاغ) جديد على عدة صفحات: « لا للتحايل على الشعب، موعدنا الجمعة » تحضيرا لتظاهرة 15 مارس. وإضافة إلى قراره العدول عن الترشح وتأجيل الانتخابات عين بوتفليقة وزير الداخلية نور الدين بدوي رئيسا للوزراء، خلفا لأحمد اويحيى المستقيل. كما تم تعيين رمطان لعمامرة نائبا لرئيس الوزراء، ولم يعين أحد في هذا المنصب منذ 2012. وسيتولى لعمامرة، وهو دبلوماسي مخضرم يحظى باحترام في الخارج، أيضا منصب وزير الخارجية. وفي أول رد فعل أكد لعمامرة مساء الاثنين أن « الخطأ غير مسموح » بالنسبة للشعب الجزائري، مضيفا في تصريحات لإذاعة فرنسا الدولية أن الانتخابات المقبلة ستكون « حرة تماما » داعيا كافة الجزائريين في ضوء هذه « المسؤولية التاريخية » للعمل سويا « من اجل مستقبل أفضل ». وعلى المستوى الدولي حيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء من جيبوتي قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة، داعيا الى « مرحلة انتقالية بمهلة معقولة ». وقال ماكرون « أحيي قرار الرئيس بوتفليقة الذي يفتح صفحة جديدة » في التاريخ الجزائري، كما « أحيي تعبير الشعب الجزائري ولا سيما الشباب بكرامة عن تطلعاته ورغبته في التغيير، ومهنية قوات الأمن ».