سجل حقوقيون شاركوا في ندوة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مساء الأربعاء، حول "حقوق الإنسان والديمقراطية"، أنّ تعاطي المغرب مع حقوق الإنسان يتسم بتناقض صارخ يتمثل في المصادقة على المواثيق الدولية دون الالتزام بتنفيذ مقتضياتها. عبد الرحمان بنعمرو، المحامي والناشط الحقوقي، قال في معرض مداخلته إنّ الدستور ينص على أن المغرب يتعهد بالالتزام بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا، لكنّه لم ينص على عدد من الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مثل الحق في الضمان الاجتماعي. واعتبر بنعمرو أنّه لا يكفي التنصيص على حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا في الدستور وفي نصوصه التطبيقية، "بل يجب احترام هذه الحقوق وتطبيقها في الواقع من قبل السلطة التنفيذية الموكل إليها تطبيق القانون، وحمايتها من أي خرق قد تتعرض له". في هذا السياق أشار بنعمرو إلى أنّ الفصل السادس من دستور المملكة نص على أنّ القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، "لكنّ الواقع المعاش يثبت أن سيادة القانون كثيرا ما تنتهك من قبل السلطات منذ الاستقلال إلى غاية تاريخه"، على حد تعبيره. واستعرض المتحدث ذاته عددا من مظاهر خرق القانون، مثل "رفض تسليم الوصولات المثبتة لتأسيس العديد من الجمعيات والمنظمات الجادة ذات الطابع السياسي أو الاجتماعي والحقوقي، وحرمان المنظمات الجادة من تنظيم أنشطتها، وحرمانها من استعمال القاعات العمومية، وقمع العديد من التجمعات والمسيرات المطالبة بالحقوق المشروعة". ويرى بنعمرو أنّ حماية حقوق الإنسان تتطلب توفر سلطة قضائية مستقلة ومحايدة ونزيهة، معتبرا أنّ "القضاء المغربي، مع استحضار وجود استثناءات، يشكو من أعطاب غياب النزاهة والحياد والعجز عن تنفيذ الأحكام، خاصة حين يكون المحكوم عليهم الدولة المغربية أو الوزارات والمؤسسات العمومية". وانتقد بنعمرو كذلك البرلمان بقوله: "إن الجهاز التشريعي بدوره معطوب لأنه لا يمثل الإرادة الشعبية، ولا يفعّل حتى الصلاحيات المحدودة المخولة له، مثل ملتمسات المحاسبة والرقابة وتشكيل لجان البحث، أو تشكيلها دون تنفيذ مهامها، وإظهار الحقيقة التي أنشئت من أجلها". محمد الزهاري، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال إنّ حقوق الإنسان ترتبط ارتباطا وثيقا بالديمقراطية، معتبرا أنّ أي بلد ترتكب فيه تجاوزات لحقوق الإنسان لا يمكن اعتباره بلدا ديمقراطيا. من جهته قال المصطفى براهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، إنّ احترام حقوق الإنسان هو مقياس الديمقراطية، مضيفا: "الدستور المغربي لم يغير الوجه التقليداني للمخزن، والديمقراطية المنصوص عليها وكذا حقوق الإنسان هي فقط للواجهة، لأن الحقوق تُفرغ من مضمونها إذا كان جوهر السلطة استبداديا وغير مرهون بالمحاسبة". محمد مدني، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أشار إلى أنّ "الزبونية هي الوسيلة المستعملة من أجل تجميل عمل السلطة، إذ يتم توسيع دائرة الموالين للنظام السياسي وكسْب موالين جدد عبر آليات اجتماعية قائمة على الامتيازات وعلى تبادل المصالح". وأضاف مدني أنّ القرارات المتحكمة في حاضر ومستقبل المغرب "تُتخذ من طرف مجموعة قليلة من الأشخاص، ولا يمكن للمجتمع أن يناقشها؛ كما أن السلطة تتمتع بحصانة ولا يمكن محاسبتها رغم ربط الدستور للمسؤولية بالمحاسبة".