أقسم الشاب الروسي، ديما (21 عاما) "لن أحتسي الكحول مطلقا"، فقد حرمه الكحول من أن ينعم بطفولة مستقرة مثل باقي أقرانه، "والدي كان يشرب ويشرب بكثرة، وكان في منتهى العنف"، وهذا جعل الطالب الروسي يعلن الحرب على تناول الخمور. ولا ينطبق على ديما النموذج الشائع "الكليشيه" المعروف في الخارج عن تناول الكحوليات في روسيا. وفي الوقت الراهن تعكف الحكومة الروسية على تطبيق إجراءات صارمة من أجل تقليل تناول المشروبات الكحولية والتي بلغت معدلات غير مسبوقة. يسمح في روسيا بشراء المشروبات الكحولية من عمر 18 سنة. في المستقبل، لن يتمكن الشباب من شراء المشروبات ذات نسب الكحوليات المرتفعة حتى يبلغوا 21 عامًا. تبنت خطط الحكومة موقفا إيجابيا بمجرد الإعلان عن هذه الإجراءات. وفي حالة إقرار البرلمان، ستكون الضوابط أشد من القيود الحالية. منذ عام 2013 ، لا يُسمح ببيع المشروبات الكحولية في محلات السوبر ماركت والأكشاك بين الساعة 11 مساء والساعة 8 صباحًا. تسمح العديد من البلدان الأوروبية، للشباب بشراء الجعة والنبيذ من 16 عامًا ، في حين تباع المشروبات الكحولية القوية فقط للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا. من وقت لآخر يتجدد الجدل الدائر حول تطبيق حظر عام على جميع القاصرين في البلاد. هل سيفيد تبني موقفا أكثر صرامة في روسيا أي غرض؟ ديما يشكك في ذلك. ويعتقد أن "الشباب سيحاولون تفادي الحظر". "إنهم يقنعون كبار السن فقط بشراء الكحول، وهذا ما يفعله الشباب تحت سن 18 في الوقت الحاضر". ومع ذلك ، يتوقع ديما تغييرا في طريقة التفكير. ويتذكر ديما "لم يكن والدي يعمل، ولأسابيع كان الشيء الوحيد الذي فعله هو الشرب في المنزل، وكان الأمر صعباً للغاية بالنسبة لنا". في هذه الأثناء، انتقل هو وأمه من شرق روسيا إلى العاصمة، موسكو، بدون والده. يقول فيدوت توموزوف، رئيس لجنة الصحة العامة في مجلس الدوما إن موقف الناس تجاه استهلاك المشروبات الكحولية يشهد تغييرا، مضيفا في برنامج تلفزيوني "في الماضي، كان عدم الشرب، يواجه بنظرة سلبية، اليوم ما يحدث هو العكس". تنشر من حين لآخر، إحصاءات لإظهار أن الروس يشربون أقل فأقل. وفقا للنتائج ، فإن 40 في المئة من السكان لم تعد تشرب الكحول. قبل عشر سنوات ، كانت النسبة 26 في المئة. ومع ذلك ، لا يمكن للإحصاءات إخفاء حقيقة أن استهلاك الجعة والنبيذ والمشروبات عالية تركيز الكحول تمثل ظاهرة واسعة الانتشار في أكبر بلد في العالم. توفي مؤخرا في منطقة بورياتيا جنوبي سيبيريا، أكثر من عشرة أشخاص تجمدوا بعد تناول كميات كبيرة من الكحول. ووفقاً للأرقام التي عرضتها منظمة الصحة العالمية في الخريف الماضي، فإن الروس الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا يشربون ما معدله 11.7 لترًا من الكحول النقي سنويًا. وفي عام 2010 كانت النسبة 8ر15 لترًا. بينما بلغ متوسط النسبة عند الألمان 11.3 لترًا عام 2016. ووفقًا لتقرير وزارة الصحة، تم علاج 1.5 مليون شخصا في روسيا بسبب إدمان الكحول خلال عام 2017. وتشير الدراسة إلى أن الرقم انخفض بنسبة 22 بالمئة مقارنة بعام 2012. في الماضي كانت هناك دائما محاولات للحد من استهلاك الكحول. وفشل آخر رئيس سوفيتي، ميخائيل جورباتشوف فشلا ذريعا في الثمانينيات من القرن الماضي في السيطرة على تعاطي الكحول عن طريق الحد من الإنتاج وزيادة الأسعار. الروس لم يغفروا له مطلقا ذلك التوجه. منذ ذلك الحين، تغيرت أشياء كثيرة. في الوقت الحاضر، على سبيل المثال ، يحظر الشرب في الأماكن العامة. يجري نقاش حاليا حول ما إذا كان سيتم حصر بيع الكحول في المستقبل في المتاجر المتخصصة وليس في المتاجر الكبرى، وما إذا كان يجب حظر الخصومات على المشروبات ذات نسب الكحول المرتفعة. كما توجد أيضا برامج لعلاج المدمنين: فمنذ عام 1988 هناك جمعية مدمني الكحوليين المجهولين وهي جمعية غير حكومية لمساعدة الراغبين تطوعا في التخلص من إدمان الكحوليات. وفقا لبياناتها الخاصة لديها أكثر من 500 مجموعة في جميع أنحاء البلاد. تقول منظمة المساعدة الذاتية: "هذا لا يكفي، لأن إدمان الكحول منتشر على نطاق واسع. هدفنا الرئيسي هو البقاء خالين من الكحول". يعتقد طبيب الإدمان المتخصص الكسندر نيمازوفنو، أن الحظر المطلق للكحول هو فكرة جيدة. ومع ذلك قال لموقع صحيفة لنتا روسيا الرقمية "أولا وقبل كل شيء، هذا مستحيل، وثانيا إنها ليست فكرة جيدة لأن الكحول له تأثير مهدئ رائع". وأضاف الإخصائي "كثيرون يحتاجون الكحول للابتعاد عن توترات الحياة اليومية والتخفيف من حدتها. ومن ثم الكحول يمكن أن يساعد، ولكن ذلك في حالة تناوله باعتدال". *د.ب.أ