جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    جامعة الفروسية تحتفي بأبرز فرسان وخيول سنة 2024    الدراجة المغربية تنهي سنة 2024 بهيمنة قارية وحضور أولمبي    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين        لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تفتك الخمور «في صمت» بصحة المغاربة !
تقارير صادمة ترصد عشرات الأمراض العضوية والنفسية التي تقتل المدمنين في صمت
نشر في المساء يوم 01 - 03 - 2015

ترسم الدراسات الدولية والمحلية صورة قاتمة ل«غزوات» المشروبات الكحولية في صحة المغاربة وتأثيرها الكبير على علاقاتهم الاجتماعية والأسرية، في ظل تغطية صحية ضعيفة لا ترقى لما يوجد في بلدان يعد «الشراب» جزء من ثقافة البلد.
تشير بعض التقارير إلى أن استهلاك المغاربة للمشروبات الكحولية في تزايد، حيث سبق لوكالة «رويترز» أن أشارت في تقرير صادم لها إلى أن المغاربة يستهلكون الخمر «أكثر من الحليب»، موضحة أنهم يستهلكون في العام الواحد ما مجموعه 131 مليون لترا تشمل 400 مليون قنينة جعة و38 مليون قنينة خمر، ومليون ونصف مليون قنينة ويسكي، ومليون قنينة فودكا، و140 ألف قنينة شمبانيا، وتدق تقارير أخرى ناقوس الخطر من التكلفة الصحية المرتفعة لانتشار عادات الشرب حتى بين الفئات العمرية الشابة خاصة تلك التي تقع بين الفئات 28-15.
فحسب تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية بلغ معدل الاستهلاك الفردي للخمر بالمغرب 17 لترا لكل مغربي، وقد تقدم المغرب في استهلاك الخمر على مجموعة من البلدان الغربية، حيث بلغ معدل الاستهلاك الفردي للخمر بفرنسا 12 لترا وبأمريكا 13 لترا، وجدير بالذكر أن معدل الاستهلاك الفردي للخمور كان قد وصل إلى 4.3 لتر عام 2011 بحسب إحصاء رسمي، وقد احتل المغرب هذه السنة-2014- الرتبة الخامسة في استهلاك الخمور على الصعيد العربي لكنه مازال الأول عربيا في إنتاجها منذ ثلاث سنوات0
يحتل المغرب المرتبة الخامسة على صعيد الدول العربية من حيث معدل استهلاك الفرد للمشروبات الكحولية، خلف كل من تونس التي يستهلك فيها الفرد 26.2 من اللترات سنويا، وهو المعدل الذي يفوق المعدل الذي تم تسجيله في كل من فرنسا وروسيا، في حين حلت السودان في المرتبة الثانية ب24 لترا، ولبنان 23.9 لترا، والبحرين 21 لترا، بينما جاءت الكويت في المرتبة الأخيرة من حيث استهلاك الخمر بمعدل استهلاك لا يتجاوز اللتر الواحد سنويا.
المنظمة الأممية كشفت أيضا أن 86 في المائة من المغاربة الذين تفوق أعمارهم 15 سنة لم يستهلكوا الخمر قط في حياتهم، في حين اعتبرت منظمة الصحة العالمية أن 8 في المائة من المغاربة سبق لهم أن استهلكوا الخمور بشتى أنواعها غير أنهم أقلعوا عن الأمر، وأن 5 في المائة من المغاربة مازالوا مدمنين على الكحول إلى اليوم.
ومن بين المفارقات الغريبة التي كشفت عنها الOMS هي أن معدل ما يستهلكه الفرد بالمغرب من الكحول يفوق ما يستهلكه المواطن الفرنسي الذي لا يتخطّى 12 لترا، وكذا اللترات ال13 للأمريكي خلال عام بأكمله.. أما أنواع المشروبات الكحولية المفضلة لدى المغاربة فقد أوضح التقرير أن الجعّة تمثل 44 في المائة من مجموع الاستهلاك، في حين أن 36 في المائة من المغاربة المدمنين على الخمر يستهلكون النبيذ، بينما 20 في المائة يفضلون أصنافا أخرى.
وأظهر تقرير منظمة الصحة العالمية أن الكحول هو السبب في 15.2 في المائة من الوفيات في صفوف الرجال و15.8 في المائة بين النساء، كما أن 1 في المائة من الوفيات تتم جراء حوادث السير المرتبطة بالإفراط في الشرب، كما حملت المنظمة الأممية المسؤولية للحكومة عن وضع خطة للحد من الإدمان على الخمر «لأنه لحدود الساعة ليس هناك أي سياسة حكومية واضحة لمحاربة الإدمان على الكحول» وفق تعبير المنظّمة.
ما هي مختلف التداعيات الصحية لاستهلاك الخمور على صحة وإنتاجية المواطن المغربي؟ وكيف احتل المغرب تلك المراتب المتقدمة في إنتاج الخمور؟ أسئلة ضمن أخرى يحاول الملف التالي الإجابة عنها.
مختصون: انتشار الخمر أنتج مغاربة عاجزين عن التواصل مع محيطهم وأبنائهم
تسبب المشروبات الكحولية في القتل أكثر من السيدا والسل وأعمال العنف في المغرب
المتصفح لآخر التقارير التي تتناول بالرصد والتحليل حياة الشاربين في العالم ومن بينهم المغاربة، يكشف حقائق مثيرة ومعطيات غريبة وسلوكيات أكثر غرابة أسهم فيها بشكل كبير الإدمان على المشروبات الكحولية.
وحسب آخر الدراسات التي تتناول تغير العادات الغذائية للمغاربة، فلا يحمل شرب الخمر والإدمان عليه عللا صحية فقط ويرفع من قتلى حوادث السير التي يتسبب فيها سائقون مخمرون، أو يرفع من طوابير مرضى الكبد والجهاز العصبي، بل يتجاوز الأمر إلى القدرة في التواصل الاجتماعي مع محيطهم ومع أسرهم ومع أبنائهم.
تشير الدراسات أن المغربي الشارب بنهم للخمر يصبح فاقدا للقدرة على التواصل مع محيطه أو أسرته، فالدماغ يتأثر والجهاز العصبي يتأثر ويصبح من الصعب على الشارب المدمن خلق تواصل مع محيطه، حيث أظهرت آخر دارسة بريطانية تناولت حياة الشاربين حول العالم أن الشرب المفرط للكحول لا يؤدي إلى تليف أكباد المدمنين عليه فقط أو يجعلهم يقفون في طوابير المستشفيات، بل وإلى تغير إشارات أدمغتهم وفقدانهم بعض مهارات الاستجابة العقلية وقدرات التواصل مع الآخرين، الدراسة العلمية التي صدرت أخيرا استخدمت الطرائف للتوصل إلى هذه النتيجة، وتوصلت إلى نتائج كارثية للخمر على القدرات التواصلية للشاربين.
الخمر أول قاتل للمغاربة على الطرقات
تفصل التقارير المحلية والأرقام التي يرصدها المهتمون بالاستهلاك المحلي، أن أذواق المغاربة في الشرب، تختلف حسب القدرة الشرائية لكل واحد منهم، فالفقراء وذوي الدخل المحدود يقبلون بشكل كبير على الجعة، أما الأنواع التي تعد فاخرة كالويسكي فهي مخصصة لذوي الدخل المرتفع والميسورين من الشاربين، غير أن الانعكاسات الاجتماعية والطبية لا يبدو أنها تستثني إحدى الفئتين.
ويشير أحد المختصين إلى أن عيادات المستشفيات المغربية تظهر ضحايا من الفئتين، الفقراء من شاربي الجعة الرخيصة والميسورين من عاشقي الأنواع الفاخرة.
كما ترتفع نسبة التردد على العيادات والمستعجلات في الأيام والفترات التي تشهد ارتفاعا في الاستهلاك.
وتسجل مبيعات الجعة أرقاما قياسية خلال شهري يونيو وغشت، إذ تشير الإحصائيات إلى أن الفقراء المغاربة يجدون ضالتهم في الجعة، ويرتفع الإقبال على أكثر من 60 ألف نقطة بيع في كل أنحاء المغرب، وهو ما يجعل نقط البيع تتوزع بنسبة 4 نقط بيع لكل 1000 مغربي في الوسط الحضري. وارتباطا دائما بتزايد وتيرة المشاكل الصحية بفترات معينة من السنة، تشير أراء المختصين والساهرين على أقسام المستعجلات في المستشفيات المغربية إلى أن الاستهلاك بحوالي 20 في المائة خلال شهري شعبان ورمضان ينعكس إيجابا على نسبة الزائرين للمستعجلات، كما تسجل نسبة أقل لتسبب الخمر في حوادث سير مميتة، من جهة أخرى يمكن تلمس النسبة نفسها لدى متوسطي الدخل من عاشقي النبيذ، حيث تسجل الأرقام أنهم يقبلون عليه بنسبة 100 في المائة خلال الاحتفالات السنوية أو الدورية أو حتى المناسبات الشخصية.
وكانت معطيات صادرة عن الوزارة المنتدبة المكلفة بالنقل قد كشفت أن تناول الكحول خلال فترة الصيف مباشرة بعد شهر رمضان- يضاعف من خطورة الحوادث، إذ أن حوالي 30 في المائة من عدد القتلى يسجل خلال الفترة الصيفية، كما كانت اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير قد أشارت إلى أن قرابة ألف حادثة سير سنويا في المغرب سببها السياقة تحت تأثير الخمر والمخدرات.
وتشير المعطيات ذاتها إلى أن حوادث السير المميتة ترتبط ارتباطا وثيقا بالخمر، حيث تسجل أغلب الحوادث المميتة تورط سائقين في حالة سكر، وهو ما يجعل الخمر في مقدمة الأسباب المباشرة لحوادث السير القاتلة.
وكان قد سجلت سابقا أرقام مهولة لتسبب الخمر في الحوادث القاتلة، فقد وصلت النسبة إلى 11 قتيلا يوميا على الطرقات بسبب الإفراط في شرب الخمر.
ويتخوف مراقبون من أن إحصائيات رسمية تنشر بين الفينة والأخرى وتشير إلى ارتفاع في إقبال المغاربة على الخمور كما كان الشأن مع تقرير منظمة الصحة العالمية الذي دق ناقوس الخطر حول ارتفاع استهلاك المغاربة للخمر، فالأرقام تظهر أن معدلات استهلاك الخمور في المغرب تشهد ارتفاعا من سنة إلى أخرى، كما قالت إن الحوادث المرتبطة بمعاقرة الخمر أودت بحياة 11 شخصا في اليوم سنة 2008.
تظهر الأرقام المسجلة تطورا مخيفا في علاقة الخمر بحوادث السير في المغرب، ويعتبر معدل قتلى حوادث السير في المغرب عاليا مقارنة بدول أخرى يعد استهلاك الخمر من السلوكيات العادية فيها.
الأرقام التي تنشر الهلع والخوف في صفوف منظمات المجتمع المدني لا تقتصر فقط على الأرقام التي تصدرها منظمات دولية بل أيضا جمعيات محلية، بالإضافة إلى الأرقام الرسمية التي تتسرب من حين لآخر من الجهات الرسمية.
وترتبط أرقام القتلى على الطرقات ارتباطا وثيقا بالأرقام التي ترصد ارتفاع أو انخفاض استهلاك الخمور، وتشكل نهاية الأسبوع وفترات الأعياد الوطنية والدينية والفترة التي تشهد احتفالات نهاية السنة من أبرز الفترات التي تظهر الارتباط الوثيق بين استهلاك الخمور وبين الحوادث، إذ ترتفع فيها الحوادث والجرائم، سواء تعلق الأمر بحوادث السير أو بجرائم القتل أو جرائم السرقة أو الاعتداء بالسلاح الذي يتورط فيه مخمورون، وهي الفترة الزمنية ذاتها التي تشكل ذروة استهلاك الخمور. وتظهر الأرقام أنه بالموازاة مع ارتفاع الجرائم والعنف وحوادث السير، ترتفع أرباح الشركات في الفترة ذاتها، فتحقق الشركات العاملة في هذا الميدان من 35 إلى 40 في المائة من رقم معاملاتها السنوية.
وللتأكيد على ارتباط ارتفاع حوادث السير وخطورتها بارتفاع استهلاك الخمر، تظهر أرقام رسمية أنه يتم تسجيل ارتفاع حاد لحوادث السير خلال يومي السبت والأحد مثلا، كما يتم تسجيل أرقام مشابهة خلال الأعياد الوطنية والدينية، وكل تلك الأرقام الخاصة بالحوادث تظهر ارتباطا وثيقا بين الخمر واستهلاكه.
ويسجل المغرب سنويا سقوط أكثر من 3700 قتيل على الطرقات بسبب حوادث سير مميتة، تعود أسباب معظمها إلى السياقة تحت تأثير المشروبات الكحولية، فيما يظل الإفراط في السرعة بنسبة أقل، وقد تطورت الظاهرة في الآونة الأخيرة، لتصل نسبة تسبب السياقة تحت تأثير الكحول إلى ما يفوق 30 في المائة من حوادث السير التي تعرفها الطرقات المغربية وتنقل أخبارها كل يوم الصحف الوطنية، وكحصيلة إجمالية تصل حوادث السير في المغرب إلى حوالي أربعة آلاف قتيل وأكثر من 120 ألف جريح في كل سنة.
الأمر الذي دفع الحكومة المغربية إلى الإعلان عن عزمها للمرة الأولى تطبيق العمل بجهاز قياس الكحول والمخدرات أثناء القيادة، وهي خطورة تأتي بعد رصد خطورة نسبة الأرواح التي تزهق بسبب السياقة تحت تأثير الكحول، وبحسب المادة 207 من مدونة السير، يمكن أن يخضع ضباط الشرطة السائقين إلى قياس نسبة الكحول في دمائهم عبر النفخ في جهاز الكشف، حيث يمكن الجهاز من كشف نسبة تشبع الهواء من فم السائق بالكحول، وفي حال وجد كحول في الهواء تحرر عقوبة رادعة ضد السائق بمقتضى القانون.
ويأتي العمل بجهاز كشف نسبة تشبع الهواء الخارج من فم السائق بالكحول في ظل انتقادات توجه للسلطات بأنها تقف عاجزة أمام السائقين السكارى ممن يتسببون في قتل العشرات على الطرقات.
وكان الوزير المنتدب المكلف بالنقل، نجيب بوليف قد تناول قضية خطورة الخمور في الرفع من حوادث السير، ولفت بوليف إلى أن الإحصائيات تؤكد أن «استعمال هذه المواد يضاعف، من مرتين إلى خمس مرات، نسب حوادث السير قياسا إلى شخص عادي لا يستعملها»، مؤكداً أنه من هذا المنطلق «لا يعقل أن نقوم بمقاربة للحد من الإفراط في السرعة، وفي المقابل لا نقوم بمقاربة مجتمعية بخصوص المخدرات والكحول.
يذكر أن الرغبة في الاستعانة بجهاز النفخ للكشف عن نسبة الكحول في فم السائق تعود لسنة 2005 عندما دعت اللجنة الوزارية المشتركة لسلامة الطرق إلى ضرورة أن تقدم الحكومة المغربية على تلك الخطوة في ظل تزايد السياقة تحت تأثير الكحول وتسبب ذلك في المزيد من حوادث السير، لكن رغم ذلك لم يتم إخراج هذه الآلية إلى حيز الوجود حينها، بدعوى انتظار خروج مشروع «مدونة السير الجديدة» التي وعد بها وزير النقل آنذاك الاستقلالي كريم غلاب.
الخمر يقتل أكثر من السيدا في المغرب
فجرت منظمة الصحة الدولية في آخر تقرير لها حقائق صادمة عن ما يسببه استهلاك الخمر من مآسي صحية وكيف يسبب عشرات الأمراض التي تحول الشاربين إلى كائنات لا حول ولا قوة لها.
المثير في التقرير الحديث للمنظمة الدولية أن الأخطار لم تقتصر فقط على إدمان الخمر، بل حتى استهلاك الذي يوصف على أنه معتدل.
في تقريرها لسنة 2014، كشفت منظمة الصحة الدولية أن الخمر يرفع من نسبة تطور في أكثر من 200 مرض، عدد كبير منها أنواع مختلفة من السرطان، إضافة إلى تشمع الكبد، فيما تسبب المشروبات الكحولية في القتل أكثر من السيدا والسل وأعمال العنف في المغرب.
تحذيرات المنظمة الدولية لم تخرج عما حذرت منه تقارير ودراسات أخرى منها المحلي في المغرب أو الدولي، ولعل أحد أبرز الدراسات الصادمة ما جاء على لسان أحد المختصين الفرنسيين الذي تناول قضية الخمر وتأثيره الصحي الخطير، فمدير المعهد الوطني لمكافحة السرطان بفرنسا «دومينيك مارانينشي» أثأر ضجة كبيرة عندما تناول بالتفصيل "العلاقة بين الخمور والسرطان مسألة قاطعة لا تقبل الجدل.»..
البروفيسور «دومينيك مارانينشي» رئيس المعهد الوطني الفرنسي للسرطان، يعد أحد أبرز الأسماء المختصة في أمراض السرطان وممن تحظى آراؤهم بمصداقية كبيرة، أشار في الدراسة بالتفصيل إلى نسبة الإصابة بسرطانات مختلفة نتيجة استهلاك الخمور حتى ولو كان الأمر بشكل معتدل، وأشار إلى أن نسبة احتمالات الإصابة من 9 في المائة بالنسبة لسرطان القولون المستقيم إلى 16 في المائة بالنسبة لسرطان الفم والبلعوم والحنجرة، كما مر البروفيسور في دراسته بأنواع أخرى من السرطان كسرطان المرئ والكبد والثدي.
ويمثل البروفيسوردومينيك مارانينشي، سلطة مرجعية علمية في هذا المجال في فرنسا، إذ فجر جدلا كبيرا عندما قال إن هناك حالة من الغموض تكمن في كون الكحول وبسبب الإيتانول الذي يحتوي عليه مسبب للسرطان، وهذا مؤكد بأدلة قاطعة لا تقبل الجدل.
خلاصات البروفيسور الفرنسي لم تخرج عن دراسات وتقارير مشابهة في القارة الأوربية تناولت الشرب في شمال إفريقيا والقارة الأوربية، فقد كانت دراسة بريطانية قد فجرت مفاجأة من العيار الثقيل في أوساط المروجين للشرب المعتدل، إذ كشفت أن نحو مليونين و500 ألف شخص يموتون سنويا في العالم بسبب الخمور، بل إن عدد الوفيات بسبب الكحول والخمور بكل أنواعها يفوق عدد ضحايا مرض الإيدز والسل، داعية إلى اتفاقية دولية مُلزِمة للحد من سوء استهلاك الكحول.
يقر بعض المختصين في حديثهم ل«المساء» أن ليس من الصواب في شيء استثناء المغاربة من نتائج الدراسات التي غالبا ما تكون عامة، مشيرين إلى أن المغاربة الشاربين ولو على قلتهم تنطبق عليهم نتائج الدراسات التي تعد دوليا من طرف منظمات ومراكز معترف بها ولها صيت عالمي.
ويحذر أحد المختصين من سوء قراءات بعض الدارسات الحديثة التي تتناول سلبيات الشرب الذي يوصف أنه معتدل، مستدلا بآخر دراسة رصدت تأثير الشرب على القدرات المعرفية للشارب.
فقد أصدر باحثون، في معهد «كارولينسكا» الطبي الجامعي بالعاصمة السويدية استوكهولم، دراسة حديثة حملت حقائق مرعبة حول تأثير الشرب على معدلات الذكاء والقدرات المعرفية، وقد خلص الباحثون إلى أن الشاربين في كل بلدان العالم يعانون من ضعف الإدراك، خاصة من فئة الشباب.
الدراسة التي نشرت في مجلة «المجلة الأمريكية لطب الترجمة أظهرت بأرقام وحقائق صادمة أن الخمر بكل أنواعه يؤثر بشكل كبير على القدرات المعرفية لأي شارب، كما يظهر من خلال نتائج اختبارات الذكاء التي تجرى على الشاربين والمدمنين على شرب الخمر.
ودق مختصون ناقوس الخطر من أن الاستهلاك المفرط للخمور في أوساط المغاربة لم يعد يقتصر على الرجال فقط، بل يتجاوز الأمر إلى النساء في الوقت الذي تكون مضاعفات الشرب عند المرأة المغربية أكثر منها عند الرجل، خاصة في حال كانت حاملا.
وقد يولد أبناء النساء المستهلكات للخمور بعيوب خلقية في القلب والدماغ، ويتضاعف خطر تلك العيوب كلما أقبلت المرأة الحامل على استهلاك الكحول أثناء فترة الحمل.
وكانت دراسة أنجزها باحثون أمريكيون لصالح مؤسسة «سابان» وهي مؤسسة خاصة بالأبحاث الطبية في مستشفى الأطفال في لوس أنجلوس، قد أشارت إلى أن التعرض للكحول خلال المرحلة الجنينية يمكن أن يعيق هذا النمو على المدى الطويل، إذ تنخفض شدة النشاط الدماغي عند الأطفال الذين ولدوا من أمهات كن يشربن الكحول أثناء فترة الحمل، إذا أظهرت الأبحاث أن الأطفال المصابين بمتلازمة الجنين الكحولي يعانون من انخفاض على مستوى المنطقة الأمامية والصدغية والجدارية من النشاط الدماغي.
الخمر يجعل السل أكثر انتقالا
تبعات الاستهلاك المتزايد للكحول في الخمر تطال حتى أمراض أخرى تعد قاتلة في المغرب وتعرف نسب انتشار مرتفعة، ويعد داء السل أحد هذه الأمراض التي تصيب الكثير من الشباب المغربي في الفئة العمرية بين 15 و 35 سنة.
وتحذر منظمة الصحة العالمية في آخر تقرير لها من أن تعاطي الكحول على نحو ضار يجعل الأشخاص أكثر عرضة للأمراض المعدية مثل السل والالتهاب الرئوي، في الوقت الذي ترى فيه المنظمة أن جرثومة السل المقاومة للدواء يتعذر علاجها بسهولة، ويصبح حاملها بمثابة «قنبلة» تنقل العدوى في محيطه، وبين الأطر الطبية والتمريضية، في حالة عدم اتخاذ جميع شروط الوقاية، فيما يعد داء السل الرئوي الأكثر انتشارا، إذ يشكل 60 في المائة من بين أنواع السل الأخرى، ويهدد الفئات التي تعاني الهشاشة والفقر.
لهذا يوظف قطاع الخمور 20 ألف مغربي ويجلب 130 مليون أورو
أكدت مصادر بالمديرية الإقليمية للفلاحة بمكناس أن حجم إنتاج العنب الموجه لإنتاج الخمور بمدينة مكناس لم يعرف أي تأثر نتيجة تأخر التساقطات المطرية لموسم 2014 / 2015. وذكرت المصادر نفسها أن إنتاج العنب بصفة عامة بصنفيه (عنب المائدة والعنب الموجه لإنتاج الخمور) لن يعرف أي تراجع بالنظر لاعتماده أساسا على نظام الري بالقنوات، إذ يبلغ حجم المساحة المسقية للعنب الموجه لإنتاج الخمور بإقليم مكناس عبر نظام الري بالقنوات 6.5 هكتار (توجد بالجماعة القروية عين الجمعة). أما حجم المساحة المسقية للعنب الموجه لإنتاج الخمور عبر نظام الري بالتنقيط فتبلغ 263.5 هكتار منها 200 هكتار تقع بالجماعة القروية الدخيسة و30 هكتار بالجماعة القروية عين الجمعة.
وبالتالي فحجم المساحة المسقية الخاصة بالعنب الموجه لإنتاج الخمور بإقليم مكناس بمختلف أنواعه:carignon- mirlot – Sinsault – alicante يبلغ 236.5 هكتار من أصل 350 هكتار من المساحة المزروعة من العنب المخصص للخمور بإقليم مكناس، وتتميز هذه الأصناف التي تم جلبها من الخارج بمردوديتها وجودتها العالية.
وبخصوص حجم إنتاج العنب الموجه لإنتاج الخمور بإقليم مكناس فقد بلغ خلال الموسم الماضي 186600 قنطار تتوزع وفق الآتي: 72000 قنطار من صنف sinsault، 16400 قنطار من صنف alicante، و96600 قنطار من صنف carignon و1600 قنطار من صنف mirlot.
ويبلغ ثمن هذه الأصناف في الأسواق الداخلية خمسة دراهم ونصف للكيلوغرام الواحد.
وتستحوذ أزيد من 9 شركات على إنتاج العنب الموجه لإنتاج الخمور بإقليم مكناس، أشهرها شركةles celliers de meknes لصاحبها إبراهيم زنيبر ملك الخمور بالمغرب.
ويتميز نبيذ مكناس بخصائصه الفريدة في منطقة تتمتع بمناخ معتدل، ولعل هذا ما يفسر إقبال «الذواقة» عليه من ثقافات مختلفة، إذ يلقى رواجا مهما في الولايات المتحدة الأمريكية وفي الأسواق التقليدية بكل من فرنسا وبلجيكا وهولندا، إلى جانب الأسواق الجديدة كالصين واليابان التي تهتم بالخمور القادمة من مكناس، مما يجعل صناعة الخمور بالمغرب تضاهي بعض البلدان الأوربية.
وتنتج شركة les celliers de meknes أرقى أنواع الخمور التي توزع في الخمارات والفنادق والعلب الليلية الراقية ذات الخمسة نجوم.
وتغطي منتوجات إبراهيم زنيبر ما يقارب 85 في المائة من سوق إنتاج الخمور بالمغرب، وتبيع شركته les celliers de meknes أكثر من 27 مليون زجاجة نبيذ سنويا من أصل 40 مليون زجاجة يبيعها المغرب في السوقين العالمي والمحلي، رقم جعل المغرب أكبر منتج للخمور في العالم العربي والإسلامي.
يذكر أن صناعة الخمور تضخ موارد مالية هامة في خزينة المغرب. فحسب أرقام وزارة المالية المغربية يدر هذا النشاط على الدولة عائدات ضريبية تقدر ب 130 مليون يورو، ويشغل حوالي 20 ألف مغربي.
17 لترا لكل مغربي..
كشفت وكالة الأنباء الأميركية « أسوشيتد بريس» أن المغرب أصبح من بين أكبر البلدان العربية إنتاجا للخمر، إذ تم تصنيع 35 مليون قنينة خمر في المغرب، ومن أصل 27 مليون قنينة أنتجتها أكبر شركة للخمر في المغرب السنة الماضية، تم تصدير مليوني قنينة فقط لأوربا والولايات المتحدة الأميركية.
وأوردت « أسوشيتد بريس» أن متوسط استهلاك الخمر لكل مغربي يبلغ 17لترا في السنة، وأوردت الوكالة ذاتها في تحقيق أنجزه الصحافي «ألفريد دي مونتسكيو» من مدينة مكناس أن الدولة المغربية هي أكبر مالك لحقول الكروم بما يقارب 12 ألف هكتار.
وذكر التحقيق أن شركة « سيليي دو مكناس» هي أكبر منتج للخمور في المغرب، بنسبة 85 في المائة مما يعرض في الأسواق، وتقوم المعصرة المغربية التي يقودها زنيبر اليوم بجني 2100 هكتار من الكروم سنويا، كما أن الشركة هي من يقوم بإنجاز مختلف المراحل التي يتطلبها إنتاج قارورة «الروج» من الجني وصولا إلى التعليب من خلال آلات متطورة جدا وتكنولوجيا فرنسية.
ووصف التحقيق الذي نقلته مختلف المواقع الأميركية الشهيرة «إبراهيم زنيبر « ب»ملك» الخمور المغربية، الذي يملك 2500 هكتار من الكروم ووحدتي إنتاج وتعليب متطورتين، وذكرت الوكالة أن زنيبر يعتبر من أغنى أغنياء المغرب وثروته حصلها من الخمور وقد وصلت أرباحه إلى 225 مليون أورو ( ملياران ونصف مليار درهم)، وجنى زنيبر كل هذه الأرباح من منتوج مجموعته الرئيسي وهو «الروج المغربي».
وعلى صعيد الاستهلاك، اعتبرت دراسة أن نهاية الأسبوع وفترات الأعياد ونهاية السنة تشكل ذروة استهلاك الخمور، إذ تحقق الشركات العاملة في هذا الميدان من 35 إلى 40 % من رقم معاملاتها السنوية، ولهذا يلاحظ ارتفاع حوادث السير بشكل كبير يومي السبت والأحد وخلال الأعياد، إذ تعتبر الخمر ضمن الأسباب الرئيسة وراء حرب الطرق.
وحسب المكتب نفسه فإن نسبة كبيرة من مستهلكي النبيذ يتناولونه أثناء الاحتفالات والمهرجانات، سيما في أعياد نهاية السنة.
حسب تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية بلغ معدل الاستهلاك الفردي للخمر بالمغرب 17 لترا لكل مغربي، وقد تقدم المغرب في استهلاك الخمر على مجموعة من البلدان الغربية، حيث بلغ معدل الاستهلاك الفردي للخمر بفرنسا 12 لترا وبأمريكا 13 لترا، وجدير بالذكر أن معدل الاستهلاك الفردي للخمور كان قد وصل إلى 4.3 لتر عام 2011 حسب إحصاء رسمي، وقد احتل المغرب هذه السنة الرتبة الخامسة في استهلاك الخمور على الصعيد العربي، لكنه ما يزال الأول عربيا في إنتاجها منذ ثلاث سنوات0
مرجان يوقف بيع الخمور نهائيا
قررت المجموعة تنفيذ قرار وقف بيع الكحول في جلّ الأروقة 29 داخل أسواقها التجارية في المملكة، مؤكدة عدم وجود دوافع دينية خلف قرارها
وأخيرا استطاعت الحكومة استمالة مجموعة مرجان القابضة (أو»الضغط» عليها)، وذلك لوقف بيع الكحول في متاجرها المنتشرة بالمغرب..
قرار عدم استئناف بيع الكحول في أسواق مرجان بعد نهاية شهر رمضان، كإجراء ضد «تجار السوق السوداء المتزايدين»، الذين يشترون الكحول من هذه المحلات، حسب ما صرح به مسؤول لبعض المصادر الإعلامية..
ويذكر أنه من جملة دواعي القرار أيضا «إنهاء العراك المتكرر بسبب عشرات السكارى والمخمورين الذين يحومون حول رواق الخمور في المحلات التي تقرر إغلاقها»..
كما أن قرار الإغلاق جاء بالنظر إلى «قرب المحلات المعنية من الأحياء الشعبية»، على أنه لم يتخذ تحت ضغوط من الإسلاميين.
إلا أن تبريرات المسؤولين ليست مقنعة، إذ أن القرار لم يتخذ إلا بعد صعود الإسلاميين لتدبير الشأن العام بالمغرب، ثم إن هذه الأسباب كانت موجودة من قبل، ولم يتم اتخاذ قرار منع تسويق الخمور بهذه المحلات..
وفي هذا الإطار تحدثت بعض الأنباء عن كون هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية للشركة للتأقلم مع الوضع الجديد الذي تتحكم فيه حكومة بنكيران، والتي تعارض فيها تيارات متشددة ترويج الخمور في المحلات والمراكز التجارية..
وكان الداعية أحمد الريسوني، أحد قادة حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي، دعا المغاربة في وقت سابق إلى عدم التبضع من المحلات التي تقدم منتجات كحولية لكونها حراما شرعا.
يشار إلى أن القانون المغربي يحظر بيع الكحول للمسلمين وفق ظهير يعود إلى يوليوز 1967، الذي ينص في بنده ال28 على منع بيع المشروبات الكحولية للمغاربة المسلمين أو منحها لهم مجانا. إلا أن المتاجر لا تفرض عمليا أية شروط على بيع الخمور للمسلمين، كما أن أغلب زبائن الحانات المنتشرة في العديد من المدن الكبرى مغاربة، وهي محلات لا تعمل في السر..
ويتراوح إنتاج الخمور في المغرب ما بين 30 و40 مليون لتر سنويا، أكثر من نصفها من النوعية الممتازة، ويتم استهلاك معظم هذا الإنتاج (85 في المائة) محليا.
رفع الضرائب لا يمنع الاستهلاك
يبدو أن رفع الضريبة على الخمور الذي اعتمدته الحكومة قد بدأ يؤتي ثماره في التقليص من استهلاكها، والحد من المشاكل التي تترتب عن ذلك، حيث سجلت سنة 2014 تراجعا بنسبة 5 في المائة مقارنة بسنة 2013، وكانت أعلى نسبة تراجع من نصيب النبيذ ب 10،67 في المائة، فيما لم تتراجع مبيعات الجعة (البيرة) إلا بنسبة 3 في المائة.
ونشرت جريدة «لافي إيكو» الناطقة بالفرنسية مقالا عن انخفاض حجم استهلاك الخمور بالمغرب خلال سنة 2014، والذي نسبت معطياته إلى مديرية الجمارك، ويظهر أن الأرقام لا تعكس حقيقة السوق الذي سجل تراجعا كبيرا، حيث يعتقد المهنيون أن بيع الخمر تراجع بنسبة 15 في المائة، عكس ما قدمته مديرية الجمارك لاعتمادها فقط على وحدات تخزين والمنتجات المستوردة.
وكانت الحكومة قد نصت في قوانين المالية على اعتماد زيادات متتالية في الضرائب المفروضة على الخمور، إذ من المنتظر خلال السنة المالية 2015 أن تصل المداخيل المترتبة عن الرسوم المفروضة على الخمور والكحول 54 مليار سنتيم، والمداخيل المترتبة عن الرسوم المفروضة على أنواع «البيرة» ما مجموعه 77 مليار سنتيم.
وفي سياق متصل، كشفت مجلة «جون أفريك» الفرنسية، عن انخفاض مبيعات الخمور في المغرب بنسبة 13 في المائة خلال النصف الأول من السنة الماضية.
وفسرت المجلة هذا الانخفاض بعدة أسباب منها توقف أسواق «مرجان» عن بيع الخمور، وانخفاض الطلب جراء زيادة الحكومة في الضرائب المفروضة على المشروبات الكحولية، هذا إلى جانب تصادف فصل الصيف مع شهر رمضان، الشيء الذي أدى إلى انخفاض أرباح الشركات المنتجة للخمور بما يناهز 43 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2013.
توزيع الخمور بالمغرب يفرض شروطا صحية صارمة
على الرغم من تناقص الإنتاج والتوجه نحو سياسة أخرى تعتمد على إنتاج خمور عالية القيمة، وعوض الخمور العادية الكثيرة التي كانت تنتج في الستينيات والسبعينيات، فإن المغرب ينتج اليوم حوالي أربعمائة ألف هكتوليتر في السنة، وذلك راجع للاهتمام البالغ بهذا المنتوج نظرا للأرباح التي يوفرها لمروجيه، ورغما عن الإكراهات المناخية: فالكروم المخصصة للخمر تحتاج إلى ما لا يقل عن450 إلى 500 ملليتر من ماْء السقي، وخلال فترات مختلفة ومحددة من السنة، في الخريف، وفي نهاية فصل الشتاء، إضافة إلى عاصفة ممطرة صغيرة في شهر يوليوز.
بعد هذه النظرة المقتضبة عن الإنتاج، كيف يتم التوزيع؟ فمن الحقل إلى البقال هناك العديد من المتدخلين في ترويج هذه الآفة الاجتماعية والصحية، غير أن الواقع في المغرب جعل أن أغلب، إن لم يكن كل منتجي الخمور أصبحوا يتوفرون كل على أرضيته الخاصة بالتوزيع، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. وهو ما يعني أن الأثمنة تبقى تحت مراقبة المنتج إلى أن تصل إلى آخر متدخل قبل الاستهلاك النهائي. وكمثال على ذلك فإن «طالفان» توزع خمورها عن طريق «إيبيرطيك» و»إم.إير.رونوفو» وهما شركتا توزيع في ملكية شركة «إيبيرطيك» التي تملك الشركة المنتجة نفسها «طالفان»…أما بالنسبة لمجموعة «كاسطيل «فهي تتحكم منذ سنة 2003 في مجموعة توزيع المشروبات سواء الكحولية أو الغازية في المغرب «براسري دو ماروك» وكذلك فإن مجموعة كروم مكناس تتوفر على شركتها الخاصة بها للتوزيع. وإذا كانت هذه الشركات تتحكم في أثمنة البيع لدى «البقالات» الصغرى فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لعالم المطاعم الكبرى والفنادق السياحية. يقول هشام الرخى المدير التجاري لشركة التوزيع «بورشانمان» التي توزع خمور صحاري التي أصبحت في ملكية «كاسطيل»: «منذ وقت قصير عندما كنت في زيارة لزبنائنا أصحاب المطاعم الكبرى في مراكش، وجدت أن هناك من يبيع الخمور بخمسة أضعاف ثمن الشراء».
ولكن التوزيع داخل المغرب يختلف عنه خارجه، فالتوزيع في أوربا يقتضي الالتزام بعدة التزامات تفرضها الضوابط الصحية للدول الموجه إليها المنتوج، مثل احترام مبادئ معينة في تهيئة الظروف للمنتوج حتى يصل في أحسن الظروف، وكذلك بالخصوص الكتابة بخط واضح على البطاقة الخارجية لكل قنينة عبارة «الإفراط في تناول الكحول مضر بالصحة». وهو ما ليس المنتج ولا الموزع ملزما به بالنسبة لما يوزع في المغرب.
بما أن السلطات العمومية هي صاحبة القرار الوحيد في هذا المجال فإن الرخص تسلم حسب رغبة التوجهات الاستراتيجية. وحتى يمكن بيع الكحول، هناك نوعان من الرخص يتم تسليمها، وهي رخص البيع بالجملة ونصف الجملة؛ وهذه يقدم من أجلها طلب إلى مديرية حماية النباتات والمراقبة التقنية ومحاربة الغش، بوزارة الفلاحة. وتحتاج الرخصة قبل تسليمها إلى موافقة عامل المدينة المعنية. ثم تقوم مديرية محاربة الغش بزيارة إلى المحلات المعنية للتأكد من صلاحيتها، وترفع تقريرا إلى المكتب المركزي للمديرية الذي يقدمه بعد الموافقة عليه للتوقيع من طرف وزارة الفلاحة. وهناك رخصة البيع بالتقسيط، وهذه تسلمها ولاية المدينة المعنية مباشرة. ومع أنه وطبقا للقانون وللمبادئ العامة لا يجوز أن تسليم الرخص في الأحياء التي يقطنها المسلمون فإن هذا ما لا يحترم إطلاقا. بل إن المغاربة المسلمون هم أكثر مستهلكي الخمور. وهذا يتم على مرأى من السلطات، بل وتحت حمايتها. تكفي نظرة إلى أبواب الخمارات للتأكد من ذلك. وهنالك أيضا البيع غير الرسمي وهو يقدر بحوالي 15% من مجموع مبيعات الخمور في المغرب.
المغاربة يستهلكون 9 ملايين لتر من الجعة «البيرا» سنويا
حدد قانون المالية للسنة الجارية المبالغ التي تم استخلاصها من الخمور والكحول في 524 مليون درهم، كما تم استخلاص 793 مليون درهم من الرسوم والضرائب على الجعة. وهكذا فإن مستهلكي هذه المواد ساهموا في ميزانية السنة الجارية بما يعادل مليار و 317 مليون درهم. إذ لجأت الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية إلى الزيادة في الرسوم المفروضة على الخمور بدعوى المساهمة في التقليل من استهلاكها، لكن الإحصائيات المتعلقة باستهلاك الخمور تشير إلى أن هذه الزيادات لم تنفع في ثني المغاربة عن استهلاك الخمور، بل على العكس من ذلك سجل ارتفاع في الاستهلاك، حسب ما تعكسه الإحصاءات المتعلقة بسوق الخمور والمشروبات بالمغرب.
وتشير المعطيات المتوفرة أن المغاربة استهلكوا، خلال 2014، أزيد من 118 مليون لتر من مختلف المشروبات الكحولية. وسجل الاستهلاك ارتفاعا بنسبة 0.5 في المائة، بالمقارنة مع الكميات المستهلكة خلال 2013. وجدير بالذكر أن الإحصائيات تهم المنتوجات المسوقة في قنوات التسويق الرسمية، أي أنها لا تأخذ بعين الاعتبار المنتوجات المهربة والمصنعة في إطار النشاطات غير المهيكلة، ما يعني أن الكميات المستهلكة تتجاوز تلك المصرح بها من طرف المصادر الرسمية.
وتعكس المعطيات المتوفرة تراجعا في استهلاك الجعة بناقص 1.9 في المائة بالمقارنة بين 2012 و 2013. وأرجع فاعلون في القطاع هذا التراجع إلى الزيادات في الرسوم المفروضة على هذا الصنف من المشروبات الكحولية، إذ تقرر في يناير 2010 رفع الضريبة الداخلية على الاستهلاك على الجعة إلى 45.5 في المائة إضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة، وارتفعت خلال يونيو 2012 بنسبة 12.5 في المائة، وهكذا انتقلت قيمتها في ظرف سنتين من 550 درهما للهيكتوليتر إلى 900 درهم. إضافة إلى ذلك اعتمد منذ أكتوبر 2010، نظام التأشير الجبائي (Marquage fiscal)، إذ خول لشركة خاصة تتبع إنتاج وتسويق المنتوجات الكحولية لفائدة مصالح الضرائب والجمارك، ما نتج عنه تكاليف إضافية انعكست على سعر الجعة، إذ أقرت زيادة بما يعادل 20 سنتيما عن كل قنينة.
لكن ما تزال الجعة تمثل ثلثي الكميات المستهلكة من الخمور، إذ استهلك من الجعة من صنف «فلاغ سبيسيال»، ما يناهز 48 مليون لتر، تليها «ستورك» ، التي استهلك منها 20 مليون لتر، واحتلت «هينيكين» الرتبة الثالثة، إذ استهلك المغاربة من هذا الصنف 9 ملايين لتر. لكن رغم ذلك، فإن الاستهلاك الإجمالي لهذه الأصناف الثلاثة تراجع بناقص 2 في المائة، بالمقارنة مع الكميات المستهلكة خلال 2012.
بالمقابل، ساهم ارتفاع الرسوم على الجعة وانعكاس ذلك على أسعارها إلى تحول استهلاك المغاربة إلى أنواع أخرى من الخمور، خاصة النبيذ، إذ ارتفع الاستهلاك من هذا الصنف بنسب تتراوح 7.1 و 10.2 في المائة، خلال 2013، وذلك حسب مختلف أصناف النبيذ، ليصل الاستهلاك الإجمالي إلى 32.1 مليون لتر من أصل 118.1 مليون لتر المستهلكة من مختلف أنواع الخمور والمشروبات الحكولية. وكان الإقبال أكثر على النبيذ المنتج بالمغرب، الذي ارتفع استهلاكه بنسبة 7.7 في المائة، بالمقارنة مع 2012، مقابل تراجع النبيذ المستورد، الذي تراجع استهلاكه بناقص 11.8 في المائة.
ويأتي نوع «مغربي» Moghrabi» في الرتبة الأولى، إذ استهلك منه 21.5 مليون لتر، ما يمثل 67 في المائة من إجمالي استهلاك النبيذ، ويأتي نوعي «كروان» و»les Cuvées Président» على التوالي في الرتبة الثانية بحصة سوق تصل إلى 11.2 في المائة والرتبة الثالثة بحصة سوق في حدود 6.5 في المائة.
من جهة أخرى، أشارت المعطيات الإحصائية إلى شبه استقرار في استهلاك «الويسكي»، إذ سجلت نموا في حدود 1 في المائة، ويمثل استهلاك هذا النوع من الخمور 4.5 في المائة من إجمالي الاستهلاك، إذ ناهزت الكميات المستهلكة 5.3 ملايين لتر.
زنيبر «ملك» خمور السوق الوطنية
في تحقيق ل»واشنطن بوست»، كشف أن المغرب أصبح من بين أكبر البلدان العربية إنتاجا للخمر، إذ تم تصنيع 50 مليون قنينة خمر في المغرب خلال سنة 2014، ومن أصل 27 مليون قنينة أنتجتها أكبر شركة للخمر في المغرب السنة الماضية، تم تصدير مليوني قنينة فقط لأوربا والولايات المتحدة الأميركية، رغم قرار الحكومة الحالية بقيادة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، سن ضرائب جديدة على إنتاج واستهلاك مختلف أنواع الخمور والكحول، بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2012 .
وأوردت الصحيفة الأمريكية أن متوسط استهلاك الخمر لكل مغربي يبلغ 17 لترا في السنة، مضيفة في التحقيق الذي أنجره الصحافي «ألفريد دي مونتسكيو» من مدينة مكناس أن الدولة المغربية هي أكبر مالك لحقول الكروم بما يقارب 12 ألف هكتار. وذكر التحقيق أن شركة « سيليي دو مكناس» هي أكبر منتج للخمور في المغرب، بنسبة 85 في المائة مما يعرض في الأسواق، وتقوم المعصرة المغربية التي يقودها زنيبر اليوم بجني 2100 هكتار من الكروم سنويا، كما أن الشركة هي من يقوم بإنجاز مختلف المراحل التي يتطلبها إنتاج قارورة «الروج» من الجني وصولا إلى التعليب من خلال آلات متطورة جدا وتكنولوجيا فرنسية.
ووصف التحقيق الذي نقلته مختلف المواقع الأمريكية الشهيرة «إبراهيم زنيبر « بملك الخمور المغربية، الذي يملك 2500 هكتار من الكروم ووحدتي إنتاج وتعليب متطورتين، وذكرت اليومية أن زنيبر يعتبر من أغنى أغنياء المغرب وثروته حصلها من الخمور، حيث تشغل مجموعته 6500 شخص، أغلبهم مسلمون، وقد وصلت أرباحه إلى 225 مليون أورو (ملياران ونصف مليار درهم) ، وجنى زنيبر كل هذه الأرباح من منتوج مجموعته الرئيسي وهو «الروج المغربي». وتملأ خمور زنيبر الذي شغل لسنوات منصب مستشار للملك الراحل الحسن الثاني مختلف حانات المغرب، حيث يعتبر «صانع الخمر» المغربي الأول الذي يكتسح السوق الوطنية ب85 في المائة من الإنتاج الوطني من الخمر، كما يصدر مليوني زجاجة (4 في المائة من الإنتاج) إلى أوربا والولايات المتحدة واليابان.
من جهة أخرى ذكرت إحصائيات مستوردي الخمور بالمغرب أن استهلاك زجاجات خمر «الشامبانيا» يصل إلى 200 ألف وحدة، وأن ثمن الزجاجة الواحدة يتراوح بين 500 و1500 درهم، وهو سعر في متناول الفئات الميسورة، وهو ثمن لا يسير مقارنة مع الإقبال الكبير على هذه الخمور بكل أصنافها من قبل المغاربة.
أمراض الخمور تكلف ميزانية الدولة
كشفت معطيات مكتب الصرف التفصيلية بخصوص واردات المغرب من الخمور خلال السبعة أشهر الأولى من سنة 2014، عن تراجع واردات المغرب من المنتجات الكحولية، وبلغت 6145 طنا في الفترة الممتدة ما بين فاتح يناير و31 يوليوز 2014، مقابل استيراد ما مجموعه 11052 طنا في الشهور السبعة الأولى من العام المنصرم، لتبلغ نسبة تراجع واردات المغرب من الخمور، حوالي 44 في المائة.
وتعكس معطيات مكتب الصرف، التحول الذي حدث في استيراد المغرب للخمور خلال سنة، حيث سجلت أرقام السنة الماضية ارتفاع واردات المغرب من المشروبات الكحولية خلال 2013 إلى أزيد من 18 ألف طن، مقارنة مع سنة 2012 التي بلغت فيها قيمة الواردات 16 ألف طن.
وتأتي معطيات مكتب الصرف أيضا، لتؤكد ما ذهبت إليه أسبوعية "لافي ايكونوميك" الفرنسية المتخصصة في الاقتصاد، التي سبق وأن أفادت بأن «المبيعات القانونية» للكحول بالمغرب، بشكل عام انخفضت ب18في المائة ما بين يناير وغشت 2014، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، ليتراجع حجم المبيعات من 760 ألف هكتوليتر إلى حوالي 630 ألفا فقط، وهو ما أثر، حسب المصدر ذاته، على مبيعات النبيذ، حيث انخفضت إلى النصف تقريبا بتراجع بلغ 46,14 في المائة، خلال الفترة نفسها، وبلغ حجم مبيعاته 134 ألف هكتولتر مقابل 248 ألف في 2013.
ويرى البعض أن قرار الحكومة المغربية برفع الضريبة على الاستهلاك المحلي للخمور، من 500 درهم للهكتولتر إلى 700 درهم، ساهم بدرجة كبيرة، وقال الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، معلقا على أرقام مكتب الصرف، «تراجع واردات المغرب من الخمور له انعكاسات وآثار إيجابية بالنسبة للمغرب على المدى المتوسط والبعيد»، ويرى المتحدث، بأن «تراجع واردات المغرب من الخمور، من النتائج الإيجابية للحكومة المغربية، التي سعت إلى الرفع من أثمنة بيعها من خلال الزيادة في الضريبة على الاستهلاك». وشدد المتحدث على أن «المرونة الاقتصادية تنعكس بشكل كبير على الاستهلاك، وكلما ارتفع السعر ترتفع المرونة». يضيف الكتاني، «صحيح أن جزءا من مالية الدولة يتضرر، لكن نحن كمسلمين نقول أولا لا خير في أموال الخمور ولا بركة فيها، ومبدئيا مداخيلها حرام، ولن تنفع الدولة ولا المجتمع»، لكن، يؤكد المتحدث، «إذا تضررت مالية الدولة اليوم، فإن الأثر الاقتصادي الإيجابي لانخفاض استهلاك الخمور بالمغرب سنجنيه بكل تأكيد من خلال تراجع حالات العنف ضد النساء بسبب الخمور، ومن خلال انخفاض نسبة الإدمان بين الشباب المغربي خصوصا، ومن خلال أيضا الحد من الأمراض التي تكلف ميزانية مهمة للدولة، التي تنتج عن تناول الخمور والإدمان عليها». ودعا الخبير الاقتصادي إلى تنظيم حملات رسمية للتوعية بخطر استهلاك الخمور، على غرار ما يقع في أوربا اليوم، والتي تشهد حملة كبيرة ضد استهلاك الخمور لأثرها السلبي على صحة المواطن.
عبد الإله بنزاكور*: أضرار الكحول قد تصل إلى عيوب خلقية وفقدان الذاكرة القريبة الدائم
الكحول يسبب كثيراً من المشاكل الصحية قد تؤدي إلى الموت أحيانا
- كيف يمكن تعريف الكحولية ؟
تعني الكحوليَّة أو الاعتماد على الكحول (إدمانه) أن يكون الشخص مُعتمداً على الكحول، ويكاد لا يستطيع السيطرةَ على كمِّية الكحول التي يشربها. وتعدُّ الكحوليَّة مرضاً لا يشفى تماماً، بل يسوء مع مرور الوقت عادةً إذا لم يُعالَج. ولكنَّه، ولله الحمد، يُمكن أن يسير في طريق التعافي بالمعالجة والالتزام. يشرح هذا البرنامج التثقيفي ما هي الكحوليَّة، والمشاكل الصحِّية التي تصاحبها، وكيف يمكن التخلُّص منها.
الكحوليَّةُ، أو إدمانُ الكُحول، هي مرضٌ يتَّصف بأربع خصائص أساسيَّة:
- الاشتهاء أو الرغبة الشَّديدة
– الحاجة القوية إلى تناول الكحول.
- فقدان السيطرة
– عدم القدرة على وقف الشرب بعد أن يبدأ.
- الاعتماد الجسدي على الكحول: أعراض الحرمان أو الامتناع، مثل الغثيان والتعرُّق والارتعاش بعد التوقُّف عن الشرب.
- التحمُّل
– الحاجة إلى شرب كمِّيات أكبر من الكحول للوصول إلى «حالة النشوة». تحمل الكحوليةُ الكثيرَ من المخاطر الجدِّية، لأنَّ الإفراط في الشرب يزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان؛ ويمكن أن يسبِّب ضرراً في الكبد والدماغ والأعضاء الأخرى. كما يمكن أن يسبِّب عيوباً خلقيَّة أيضاً، وهو يزيد من خطر الموت بسبب حوادث السيَّارات والإصابات الأخرى، علاوةً على خطر الانتحار والقتل.
- كيف يبدأ الإدمان ؟
يؤدِّي الكحولُ إلى اختلال في التوازن ما بين مواد مُعيَّنة في الدماغ، ويجعل الشخص الذي يشربه يشعر بالسعادة. كما أنَّه يجعله أكثر اندفاعاً وتهوُّراً أيضاً. يتلاشى تأثيرُ الكحول بعد فترة قصيرة، فيسعى الشخص إلى تناول كمِّيات إضافية كي يستعيد شعوره بالسعادة ثانية. وهذا ما يجعل الكحوليين يستمرُّون بالشرب كي يحافظوا على شعورهم بالسعادة؛ فالكحوليَّة هي إدمان الكحول. هناك عدَّةُ عوامل يُمكن أن تقودَ الشخص إلى إدمان الكحول. أمَّا أهمُّ هذه العوامل فهو العامل الوراثيُّ، حيث إنَّ الشخص الذي ينتمي إلى عائلة كحوليَّة مُعرَّض أكثر من غيره لأن يُصبح كحولياً. يُمكن أن يقودَ التعرُّضُ لضغوط نفسيَّة شديدة، أو مُعاناة عاطفيَّة أو قلق، الشخصَ إلى الشرب على أمَل أن يُخفِّف الكحول من مشاعر الألم والاضطراب التي يُعاني منها. كما أنَّ الشخص قد يتَّجه إلى الشرب بكثرة عندما يُعاني من الاكتئاب. يرى المُجتمع المحيط بالفرد، في بعض الثقافات، أنَّ الشرب بكثرة أمر «عادي»، الأمر الذي يُعطي انطباعاً بأنَّه لا بأس من تناول كمِّيات كبيرة من الكحول.
يُمكن أن يُسبِّب الكحولُ كثيراً من المشاكل الصِّحية؛ حيث يسبِّب الإفراط في الشرب مشاكلَ كبديَّة، مثل التهاب الكبد والتشمُّع، وهي مشاكل غير معكوسة، أي أنَّها غير قابلة للإصلاح. كما أنَّ الكحول يُمكن أن يضرَّ بالبنكرياس وبطانة المعدة أيضاً. قد تؤدِّي الكحوليَّةُ إلى فشل القلب والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم واعتلال العضلة القلبية، وهو مرضٌ يُؤذي عضلة القلب. يُمكن أن يُسبِّب الإفراطُ في شرب الكحول فقدانَ الذاكرة القريبة الدائم، وضعفاً في عضلات العين، ومشاكل في العظام تؤدِّي إلى كسور، وخلل انتصاب القَضيب، ومشاكل في الطمث، وخدراً في اليدين والقدمين، وزيادة خطر حدوث أنواع مُعيَّنة من السرطان. قد يؤدِّي تناولُ المرأة الحامل للكحول إلى صغر حجم رأس الوليد، وإلى قِصَر شديد في جفنَيه، وإلى عُيوب قلبية وإعاقات في النموِ.ّ
- هل يمكن القضاء على الكحولية بالعلاج ؟
الكحوليَّةُ مرضٌ يمكن أن يكون وراثياً. وقد تكون المُعالجةُ الطويلة الأمد وقبول النصائح والإرشادات، والانتماء إلى إحدى مجموعات الدعم، ضروريةً لنجاح المُعالجة. تُسبِّب الكحوليَّةُ كثيراً من المشاكل الصحِّية الخطيرة؛ ويُمكن أن يكون بعضُ هذه المشاكل دائمةً، وقد تؤدِّي إلى الموت أحياناً، كالتشمُّع على سبيل المثال. يستطيع الكحوليُّ، ولله الحمد، أن يضعَ قدَمه على بداية طريق الشفاء من هذه الحالة، بقبوله الخضوعَ للمُعالجة والالتزام بالتوقُّف عن الشرب.
عندما يكون الشخص معتمداً على الكحول، فإنَّ مجرَّد تخفيف الكمِّية التي يتناولها لا يكفي؛ فالامتناعُ أو التوقُّف عن الشرب تماماً هو الذي يجب أن يكون الهدف المنشود من المعالجة. يحتاج الأمر إلى مساعدة فرد من العائلة، أو زميل عمل، أو صديق غالباً لإقناع الشخص الكحوليِّ بمعالجة مرضه، لأنَّ رفض العلاج مألوف عند الكحوليين؛ حيث يُنكر الكحوليُّ أنّه يُعاني من مشكلة عادة، أي أنَّه يرفض النظرَ إلى معاقرته للكحول على أنَّها مشكلة. هناك طرقٌ عديدة أمام الشخص المُعتمِد على الكحول للحصول على المُعالجة. ومن أشكال المُعالجةِ المألوفة كثيراً المشاركةُ المُنتظمة في مجموعات الدعم؛ فمثلاً، تمثِّل مجموعة «الكحوليين المجهولين» إحدى أكثر مجموعات الدعم انتشاراً في بلاد أوربا وأمريكا. ويعدُّ الانتماءُ إلى إحدى مجموعات الدعم طريقةً لمساعدة الكحوليِّ نفسه على البقاء متيقِّظاً واكتشاف العادات الصحِّية في الحياة. يعدُّ القيامُ بزيارات منتظمة إلى اختصاصي طبِّي ذي دراية بمعالجة الإدمان على الكحول أسلوباً آخر في المُعالجة. ومن الأمثلة على هؤلاء الاختصاصيّين اختصاصيُّ علم النفس أو الطبيب النفسي أو اختصاصي الطب الباطني. يحتاج بعض الكحوليين إلى الإقامة مؤقَّتاً في مرفق خاص للمعالجة؛ وهذا ما يُسمَّى رعاية المريض في المرفق، حيث يخضع المريض إلى مُعالجة مُضادَّة للإدمان ومُعالجة دوائيَّة ومشورة. لا تتمُّ المُعالجةُ إلاَّ إذا أقرَّ الكحوليُّ بأنَّه مُدمن، وأنَّه عاجز عن التحكُّم في الكمِّية التي يشربها. تقوم الطريقةُ المُثلى للوقاية من الكحوليَّة، عند الأشخاص الذين لم يشربوا بعد وينتمون إلى عائلات كحوليَّة، على معرفتهم الجيّدِة بالتاريخ الكحولي لأُسرهم والامتناع عن الشرب في المقام الأوَّل.
* رئيس قسم الجراحة في مستشفى مولاي يوسف بالبيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.