تشكل "سبخة إمليلي"، إحدى المناطق الرطبة الأكثر شهرة بالمغرب، فضاء إيكولوجيا فريدا يعكس غنى وتنوع المجال الطبيعي بجهة الداخلة - وادي الذهب. وتعتبر هذه السبخة من بين المناطق ذات الأهمية البيئية على الصعيد الدولي، بالنظر إلى قيمتها كمجال صحراوي يزخر بتنوع بيولوجي مهم؛ وهو ما يؤهلها لأن تشكل مستقبلا إحدى الدعامات الأساسية للتنمية المستدامة بالجهة. وتمتد "سبخة إمليلي"، التي يصل طولها إلى 13 كيلومترا وعرضها الأكبر إلى 2.5 كيلومتر وعمقها ما بين 0.4 و4.6 أمتار، على مساحة تقدر بنحو 20 كيلومترا مربعا، وبنسبة ملوحة تتراوح ما بين 24 و350 غراما/ لتر. فعلى بُعد حوالي 130 كيلومترا جنوب شرق مدينة الداخلة، جوهرة الجنوب المغربي، تتراءى للزائر عشرات الجيوب المائية الدائمة في هذه السبخة، والتي أسهمت في تشكل أحد الأصناف النادرة من المناطق الصحراوية الرطبة حول العالم. وتضم السبخة، في جهتها الشمالية، أزيد من 160 من الجيوب المائية الدائمة التي تزخر بأعداد هائلة من الأسماك من نوع "تيلابيا غينيا" الموجود بمنطقة غرب إفريقيا جنوب نهر السينغال، بالإضافة إلى أنواع أخرى من النباتات والحيوانات التي توجد بالمنطقة. ويبرز تفرد "سبخة إمليلي" في وجودها بمنطقة ذات مناخ صحراوي جاف، حيث لا يتجاوز معدل التساقطات 30 ميلمترا في السنة وبدون انتظام، إلا أن جيوبها المائية تحافظ على الكميات المائية نفسها الموجودة بها بشكل دائم. وينضاف إلى هذا التفرد تميز آخر يتمثل في وجود أسماك، تعيش بشكل معزول داخل الجيوب المائية للسبخة؛ وهو ما جعل شكلها ولونها وحجمها يتغير ليتلاءم مع خصائص هذا الوسط الطبيعي (ملوحة عالية وحرارة مرتفعة). وبالمقابل، تضم الجيوب المائية الخالية من الأسماك أصنافا أخرى من النباتات والقشريات والزواحف والثدييات والطيور. وقال محمد يداس، المنسق الجهوي للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة بجهة الداخلة - وادي الذهب، في تصريح صحافي، إن الائتلاف يعمل، عبر العديد من المنصات، على التوعية والتحسيس بأهمية "سبخة إمليلي"، لكونها حاضنة لتنوع بيولوجي مهم ومناظر طبيعية خلابة، وباعتبارها فضاء صحراويا هشا يتعين حمايته والمحافظة عليه. وأشار، في هذا الصدد، إلى أن النسيج الجمعوي البيئي بجهة الداخلة - وادي الذهب سجل العديد من الممارسات السلبية للزوار والسياح في حق "الجيوب المائية" التي تضمها السبخة، في تجاهل كبير لوجود لافتات تمنع منعا كليا رمي الأزبال أو السباحة فيها. واعتبر يداس أن "هذه الممارسات غير المبررة من شأنها إلحاق الضرر بمخطط التنمية المستدامة في جهة الداخلة - وادي الذهب، والذي يسعى إلى تثمين كافة المؤهلات الطبيعية والإيكولوجية المحلية كنقطة جذب رئيسية للسياح". وأكد الفاعل الجمعوي على ضرورة توحيد جهود جميع المتدخلين، من سلطات عمومية ومؤسسات منتخبة وفعاليات جمعوية وهيئات إعلامية، من أجل المحافظة على هذه المنطقة الرطبة كمحمية تحظى بتصنيف "رامسار"، فضلا عن تكثيف وصلات إشهارية وحملات للتوعية والتحسيس بأهمية الاستفادة منها من دون الإضرار بها. وأشار المتحدث إلى أن كلا من جمعية "الطبيعة مبادرة" ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط والسلطات المحلية عملت على دراسة هذه السبخة وإدراجها ضمن المحميات الطبيعية الدولية، بهدف إعطاء هذا الموقع الإيكولوجي القيمة التي يستحقها. وخلص يداس إلى أن العناية بهذه المنطقة الرطبة وتثمينها على نحو أمثل، من شأنه تعزيز استغلال مثل هذه المؤهلات الطبيعية كرافد من روافد التنمية المحلية المستدامة بجهة الداخلة - وادي الذهب. وبإدراج "سبخة إمليلي" ضمن لائحة المناطق الرطبة ذات الأهمية الإيكولوجية على الصعيد الدولي، وفقا لاتفاقية المناطق الرطبة "رامسار"، يرتفع عدد المواقع الإيكولوجية المغربية التي تم تسجيلها ضمن قائمة "رامسار" إلى 26 موقعا على مساحة إجمالية تبلغ 274 ألفا و286 هكتارا. *و.م.ع