تحركات قوية يقوم بها اللوبي المحسوب على الجزائر والبوليساريو داخل دواليب الإدارة الأمريكية لضرب مصالح المملكة المغربية؛ إذ وافق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون لا ينص على إمكانية استعمال المغرب للمساعدات المالية الأمريكية المقدمة له لتنمية الأقاليم الجنوبية بخلاف مشاريع الميزانيات السابقة؛ وهو ما اعتبرته الجبهة الانفصالية بمثابة "نفي لسيادة المغرب على صحرائه". وأثار مقترح استثناء الصحراء من المساعدات المالية المقدمة للرباط ضمن مشروع ميزانية الولاياتالمتحدةالأمريكية لسنة 2019 جدلا واسعا بين الديمقراطيين والجمهوريين. وكشفت معطيات حصرية حصلت عليها صحيفة "موروكو وورلد نيوز"، الناطقة بالإنجليزية، أن "نص مشروع قانون الإنفاق يُشير إلى منطقة الصحراء ككيان منفصل عن المغرب". وقال مصدر رسمي، في تصريح لهسبريس، إن مشروع القانون هذا تم رفضه فورا من قبل مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، ولكي يُصبح قانونا يجب أن يعتمد من قبل مجلس الشيوخ من خلال زعيم الجمهوريين، مضيفا أن "ما يروج لن تتم الموافقة عليه، خصوصا أحكام مشروع القانون المتعلقة بالأقاليم الجنوبية"، قبل أن يؤكد أن "هذا المشروع ولد ميتاً". وأورد مصدر هسبريس، غير راغب في كشف هويته، أن "مشروع القانون الذي اقترحه مجلس النواب في مجلس الشيوخ لا يشير إلى المغرب بشكل خاص، بل إنه في الواقع نص عام يكرر مشاريع القوانين الستة التي رفضها مجلس الشيوخ العام الماضي"، وأن "المبادرين إلى طرح هذا المشروع في السنة الحالية يعرفون جيدا أن هذه النصوص غير التوافقية سترفض من قبل البيت الأبيض ومجلس الشيوخ". من جهته أكد الخبير الدبلوماسي سمير بنيس أن اعتماد مجلس النواب الأمريكي لمشروع ميزانية هذه السنة جاء مخالفاً لتطلعات المغرب وللغة التي دأبت الغرفة السفلى من الكونغرس اعتمادها بخصوص قضية الصحراء. ولفت المتحدث إلى أنه "على خلاف السنوات الأربع الماضية، لم تقر لغة مشروع القرار بإمكانية استعمال المغرب للمساعدات المالية التي تحصل عليها من الولاياتالمتحدة في الصحراء. والأكثر من ذلك أن لغة هذا المشروع -التي يجب اعتمادها من طرف مجلس النواب والتوقيع عليها من طرف الرئيس دونالد ترامب لتصبح قانونا ساري المفعول- خصصت فقرة للصحراء بمعزل عن الفقرة المخصصة للمغرب؛ ذلك أن هناك مسافة سبع صفحات بين الفقرة المخصصة للمغرب وتلك المخصصة للصحراء المغربية". ويرى بنيس، في تصريح لهسبريس، أنه في حالة اعتماد المشروع من قبل مجلس الشيوخ "قد يشكل كبوة كبيرة للمغرب ويضرب عرض الحائط المكاسب التي حققتها المملكة في الكونغرس خلال السنوات الأربع الماضية، التي اعتمد فيها المشرعون الأمريكيون لغة محابية للمغرب وتدعم سيادته على الصحراء بشكل ضمني". ودعا بنيس إلى التحرك بسرعة من أجل منع الجزائر من نسف المكاسب التي حققها المغرب خلال السنوات الماضية، موردا أنه "ليس هناك مؤشر على أن الصيغة النهائية لمشروع الميزانية الذي سيوقع عليه الرئيس سيتضمن نفس الصيغة ونفس المضمون؛ وبالتالي لا ينبغي تبخيس كل العمل الذي تم القيام به من قبل من أجل الحفاظ على الدعم الضمني للكونغرس في الفترة الماضية، ولا الاستسلام للانهزامية والقول إن الجزائر قد حققت بالفعل اختراقا مهما على حساب المغرب". "طبيعة اللغة النهائية لمشروع الميزانية الذي سيوقع عليه ترامب تتوقف على مدى قوة ونجاعة الجهود التي سيقوم بها المغرب خلال الفترة القادمة من أجل إقناع أعضاء الكونغرس بغرفتيه بأهمية اعتماد لغة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار الموقف المبدئي لواشنطن بخصوص قضية الصحراء، والذي اتسم في الغالب بالحياد الإيجابي مع بعض الميول الحذر تجاه المغرب"، يشرح المستشار الدبلوماسي. ونبه الخبير ذاته إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مستقبلاً أن مجلس النواب كان خلال السنوات السبع الماضية تحت سيطرة الجمهوريين، وزاد: "هذا ما ساعد المغرب على الحصول على لغة لصالحه في الميزانيات التي تم اعتمادها منذ 2013، غير أنه في الوقت نفسه لم يكن للمغرب حضور على مستوى مجلس الشيوخ، الذي يوجد فيه أعضاء جد مؤثرين يعملون في المجلس منذ عقود، وهم ليندسي غراهام (جمهوري) وجيمس إنوه (جمهوري) وباتريس ليهاي (ديمقراطي).. هؤلاء الأعضاء يدعمون البوليساريو ويعملون على التأثير على موقف مجلس الشيوخ بخصوص قضية الصحراء".