صدر حديثا عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ضمن سلسلة ندوات ومناظرات، كتاب جديد حول أدب الهجرة والمنفى نسّقه كل من فاتحة الطايب، أستاذة الأدب المقارن بجامعة محمد الخامس، وإدريس اعبيزة، الأكاديمي المتخصص في الأدب المقارن، وعُنون ب"الأدب المقارن والهويّات المتحرّكة (أدب الهجرة والمنفى)". ويجمّع هذا الكتاب الجديد أعمال الندوة العلمية التي نظّمها مختبر "الدراسات المقارنة" وماستر "الأدب العام والنقد المقارَن" بعنوان "الأدب المقارن والهُوّيات المتحرِّكة.. أدب الهجرة والمنفى"، بتعاون مع جامعة محمد الخامس والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، بمناسبة الاحتفالية العاشرة باليوم العربي للأدب المقارَن وحوار الثقافات. ويتناول الكتاب الجماعي بالبحث في محوره الأوّل "ثابت ومتحوّل مفهوم الأدب الوطني في ظل حركات الهجرة"، ويطرح فيه الباحث حسن الطالب قضايا أدب الهجرة والمنفى وإشكالاته النّظرية، ويبحث، بالمحور نفسه، عبد النبي اصطيف في الأدب العربي المهجَري الجديد. ويعالج الباحثون في المحور الثاني للكتاب دور الدراسات الأدبية المقارنة في إضاءة خصوصيات أدب الهجرة والمنفى والدياسبورا؛ حيث بحث محمد الداهي في تجربة إدوارد سعيد بالمنفى، وتناول أنور المرتجي موضوع جمالية المنفى وسياسة الهجنة بمقاربة ما بعد استعمارية، وبحث مزوار الإدريسي في تمثيل معيش الهجرة في "الوصية السابعة" لحسَين مجدوبي، وتناول حميد الإدريسي سيميوطيقا النص والذاكرة في "حقيبة في يد مسافر ليحيى حقي"، وبحثت نورة لغزاري في محرقة الهجرة الكبرى انطلاقا من تجربة جواد الأسدي في مَسْرَحَة المنفى. وتناول إبراهيم الحجري موضوع الرواية المهجَريّة والهويات العربية المتصدّعة، وبحث تلكماس المنصوري في المتخيَّل السردي للقصة القصيرة الأمازيغية المغربية بهولندا، وساءل محمود طرشونة كون أدَبَي الهجرة المكتوبين باللغتين العربية والفرنسية وجهين لعملة واحدة، بينما بحث شرف الدين ماجدولين في الدياسبورا السورية المعاصرة، وناقش العربي قنديل أدب الهجرة والمنفى من منظور الدرس المقارَن، بينما بحثت فاتحة الطايب، بالمحور الثالث من المنشور الجديد، في الكيفية التي ينبغي بها ترجمة العالم الثالث. واستحضر الكتاب الأهداف الكامنة وراء تخصيص يوم عربي للأدب المقارَن، من أجل تبرير تناول موضوع "الأدب المقارن والهويات المتحركة: أدب الهجرة والمنفى" بالبحث، وهي: تعميم تدريس الأدب المقارن في الجامعات العربية، وتوسيع أفق المقارَنة بهدف التحرّر من سيطرة مظهرها الغربي في الجامعات العربية أثناء مرحَلَتي التأسيس والتّرويج، والتأكيدُ على تجاوز مرحلة الاستهلاك والتوجُّهُ إلى الإنتاج. ويوضّح الكتاب أن تحسين أوضاع المقارَنة بالعالم العربي يقتَضي الاستفادة من المراحل التي قطَعتها به، لتوَفُّر جامعاتها، لحسن الحظ، على مثقّفين جعلوا من تأسيس وتطوير الأدب المقارَن مشروع حياة، على الرغم من إكراهات قلَّة الوسائل، عبر التكوين، وتأطير الباحثين، وإصدار مؤلَّفات تواكب التطوّرَ السريع للحقل نظرا لِتَماسِّه مع مختلف مجالات الفكر الإنساني من تاريخ، وفلسفة، وقانون، وعلم تجريبي، وفنون تشكيلية وموسيقية وسينمائية.. تعميم وترسيخ الأدب المقارَن بمفهومه الجديد، حسب الكتاب، لم يتأتّ بَعْدُ على الرغم مرور أزيد من عشر سنوات على مؤتمر القاهرة الذي انبثقت عنه فكرة اليوم العربي للأدب المقارَن باقتراح من المغرب؛ وهو ما تُترجمه تمثيلية الدول العربية المشاركة في المؤتمرات المنعقدة بجامعات تونس والجزائر والمغرب، وحصيلة دراسة واقع وآفاق الأدب المقارَن في العالم العربي بالندوات التي تمّ تنظيمها قبل التفكير في تناوب الجامعات العربية على عقد احتفاليات دولية باليوم العربي للأدب المقارَن.