"نعمْ إنّ الأمرَ أشبهُ بالجحيمِ" تصرخُ عالياً سيدة مغربية متقدّمة في السّن، بينمَا ينتظرُ عندَ بوابة المعبر مئاتُ من ممتهني التَّهريب في شمال المملكة إجراءات الدخول إلى سبتة المُحتلّة. وأمامَ "القيود" الجديدة التي فرضَتْهَا الحكومة المحلية لمنعِ تسلّل مزيد من المواطنين المغاربة إلى الثّغر، يتّجهُ الوضع إلى مزيد من التوتر، خاصةً أنَّ عدد المقصيِّين من العُبور في تزايد مستمر. ولليومِ الثالث على التوالي، منعتِ الشرطة الإسبانية مئات المغاربة من العبورِ إلى المدينةالمحتلة عبرَ معبر "تاراخال"، بسبب الإجراءات الجديدة التي أجّجت الوضعَ في النقطة الحدودية، حيثُ عمدَ المئات من المغاربة إلى التَّجمع أمام المركز الحدودي، للتنديد بالتدابير الجديدة التي "تعيقُ وصولهم لإحضار السلع، وإعادة توزيعها بالأراضي المغربية". ووفقا للإجراءات التي يرفضها المغاربة، لا يسمحُ بالعبور إلى المدينةالمحتلة إلا للأشخاص الذين يتوفرون على تصريح عمل أو بطاقة الإقامة؛ وهو ما عرقلَ دخول مئات النساء والرجال الذين يمتهنون تهريب السلع في مدينة الفنيدق إلى مدينة سبتةالمحتلة لممارسة نشاطهم اليومي. وقال مسؤول إسباني في حديثه لوسائل إعلام محلية "إنها قواعد جديدة لوضع حد للفوضى التي تعمُّ في المكان مع اقتحام المهربين في الصباح وعودتهم خلال المساء"، مضيفاً: "إننا نريدُ أن "نبلغَ" لأي شخص يرغب في نقل "السلع" يجب عليه أن يفعل ذلك عبر معبر "Tarajal II" دون استخدام المعبر رقم واحد الذي قد يسبب الاكتظاظ فيه فوضى ووقوع وفيات". وبرّرت الحكومة الإسبانية موقفها، حسب ما نقلته صحيفة "الفارو"، بأن "هذا الإجراء فرضته مخاوف من وقوع حوادث تدافع قد تؤدي إلى سقوط ضحايا، كما حدث في المرات السابقة". ووفق لأوروبا بريس، فقد قدرت مندوبية الحكومة الإسبانية بسبتةالمحتلة تجمع قرابة 3000 شخص أمام المعبر، وسط موجات الاحتجاج بسبب هذا الإجراء، كما لوحظ اختناق في حركة مرور السيارات نحو المدينةالمحتلة. واجتمعَ صباح اليوم، حسب ما نقلهُ شريط فيديو من عينِ المكان، عدد من ممتهني التهريب على مستوى المعبر الحدودي، إذ ازدادَ عدد المحتجين مُقارنة بالأسبوع الفارط؛ لأن هناك مغاربة لم يتمكنوا من العبور منذ الأسبوع الماضي وما زالوا ينتظرون عبور الخط الأكثر خطورة في جنوب أوروبا. وتمكن عشراتُ المواطنين المغاربة من دخول المدينةالمحتلة بصعوبة كبيرة، على الرغم من أنهم يتوفرون على وثائق تثبتُ إقامتهم؛ "لأنهم اضطروا لتجاوز العدد الكبير من الناس المتراكمين في المعبر". وقد جاء هؤلاء للاحتجاج. وفقا للبيانات الرسمية، تم عبور 3000 شخص عبر "Tarajal II". وأعلن الجانب الاسباني أنه يريدُ "الحفاظ على هذه القواعد الجديدة". وهذا الاثنين، كانت هناك حوادث مؤسفة خلال الظهيرة بعدما جرى اعتقال مغربيين بسبب احتجاجهم على الوضع الأمني المتشدد. وفي سياق ذي صلة، طالب خوان فيفاس، حاكم مدينة سبتةالمحتلة، بإعادة النظر في طريقة تدبير الحدود والمناطق المحيطة بسبتة بما فيها الميناء والبنيات التحتية ذات الأهمية الاستراتيجية؛ "لأن هذه الحدود ليست أبواب سبتة لوحدها، ولكن أيضا أبواب أوروبا وإسبانيا، وهناك حاجة إلى جهد كبير للتغلب على العجز في المرافق". وقال فيفاس، في تصريحات صحافية، إن بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، يشاطره كل الأولويات التي قدمها إليه وأنه تعهد بالبحث عن الوسائل لتطبيقها، مضيفاً أنه لم يقدم مقترحا لبناء جدار في مدن الحكم الذاتي لوقف الهجرة؛ لأن "الجدار يعني منع الاتصالات، ونحن نريد الأمن؛ ولكن أيضا التواصل مع الدولة المجاورة".