يعتبر الدولي البرازيلي فيليب كوتينيو، لاعب إفس برشلونة الإسباني لكرة القدم، من نجوم الصف الأول في عالم الساحرة المستديرة، ومن أكثر التعاقدات التي رافقها جدل كبير قبل إبرامها من قبل إدارة العملاق الكتالوني. وضم برشلونة النجم فيليب كوتينيو في صفقة بلغت قيمتها 142 مليون جنيه إسترليني، قادما من ليفربول الإنجليزي، كثالث أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم وأغلى لاعب في تاريخ البارصا. ويقدم الساحر البرازيلي بداية الموسم الحالي مردودا متدنيا في خط المنتصف، فيما ينتظر منه جمهور البلوغرانا تقديم مستواه المعهود، لاسيما بعد خروج الأسطورة الإسبانية أندريس إنيستا لخوض تجربة احترافية جديدة رفقة فريق فيسيل كوبي بالدوري الياباني. ويرى الكثيرون أن المستوى الذي يقدمه كوتينيو لا يرقى إلى التطلعات، ويفصل بينه وكوتينهو ليفربول الإنجليزي الكثير، فالنجم البرازيلي خاض 11 مباراة في "لاليغا"، تمكن من تسجيل أربعة أهداف فيها، فيما أعطى تمريرة "أسيست" واحدة؛ وبلغ مجموع الدقائق التي لعبها في الدوري 789 دقيقة، بينما أشركه فالفيردي في 5 مباريات في مسابقة دوري الأبطال، وتمكن من تسجيل هدف يتيم، كما صنع ثلاث تمريرات "أسيست" ولعب 411 دقيقة، إضافة إلى 37 دقيقة لعبها في السوبر الإسباني في اللقاء الذي جرى بمدينة طنجة المغربية. وإلى حدود اللحظة، بلغ مجمل الدقائق التي لعبها كوتينيو 1237 دقيقة، موزعة على 17 مباراة في مختلف المسابقات، سجل خلالها 5 أهداف وصنع 4 تمريرات "أسيست" لزملائه. ويعاني صانع ألعاب البارصا من إكراهات تكتيكية تتعلق بطريقة توظيفه من قبل إرنيستو فالفيردي، مدرب برشلونة، لعل أبرزها عدم استفادته من الحرية التامة والمساحة الكافية التي كان ينعم بها رفقة "الريدز"، حيث كان يتحرك في النصف الهجومي، سواء كصانع ألعاب أو خلف المهاجمين أو كجناح مزور..لكن مع برشلونة حتى وهو مقيد نوعا ما بواجبات تكتيكية صارمة، فإن أداء اللاعب إلى الآن "محبط" ونفسيته مهزوزة، ما يؤثر على طريقة ترويضه للكرة ودحرجته لها فوق عشب الملعب، وتحكمه بها؛ كلها أشياء تغيرت بشكل كبير مع بداية الموسم الحالي، كأن اللاعب يعاني من خلل ما. قد يكون مشكل كوتينيو "نفسيا"، لأن هناك فرقا بين فريق تعتبر أنت نجمه الأول وآخر تشعر رفقته أنك النجم الثالث أو الرابع، ما يوحي بأن اللاعب يحتاج إلى المزيد من الثقة والتشجيع من قبل أنصار النادي، لكن أسلوب فالفيردي لا يساعد اللاعبين على البروز وتفجير طاقاتهم وموهبتهم، فيما أقبر بعضهم بشكل تام؛ ويبقى اللاعب الشاب دينيس سواريز من أبرز ضحاياه. وأعتقد أن من بين الأسباب التي حجمت قوة كوتينيو "تكتيك فالفيردي"، إذ يلعب بخطة 2/4/4 غالبا ويفضل إشراك لاعب في الوسط مع التضحية بمهاجم جناح من أجل تقوية وسط الميدان، ما يضعف الأطراف، وهي من بين أهم أسلحة برشلونة، الذي اعتاد على خطة 3/4/4 ومشاركة ثلاثة لاعبين في الخط الأمامي بينهم مهاجم رأس حربة ولاعبان على الجناح. ويطلب فالفيردي من لاعبه فيليب كوتينيو العودة إلى الخلف للمساندة الدفاعية، أضف إلى ذلك أن مدرب البارصا أصبح يزهد ويضحي بفلسفة الاستحواذ على الكرة، ويسمح للخصم بالتقدم إلى الأمام من أجل ضربه بالمرتدات الهجومية، وقد يكون هذا عاملا مهما في خفوت بريق الساحر البرازيلي، لاسيما أنه ضعيف من ناحية افتكاك الكرات وتقديم الأدوار الدفاعية، وقوته تتجلى في صناعة اللعب والتسديد من بعيد والربط بين وسط الملعب والخط الأمامي. وكان يرتقب فور تعاقد برشلونة مع كوتينيو أن يكون الإسباني جوردي ألبا، الظهير الأيسر، الضحية الأكبر لهذا التعاقد، لأن الهجوم على الجهة اليسرى سيتكلف به البرازيلي، وألبا لن يصعد كثيرا وسيعاني بعد تكبيله بالواجبات الدفاعية، فإذا بالعكس هو ما حصل، إذ أصبح جوردي هجوميا أكثر توهجا وشكل ثنائيا قويا مع ميسي الذي ينسل إلى معترك العمليات لاستقبال تمريرات "الفيراري" قبل إسكانها داخل الشباك، وبات دور كوتينهو هو الاستلام والتسليم والتمرير..وفي أحسن الأحوال البحث عن تكتيك التسديد من بعيد لمباغتة الحارس، وبنفس الطريقة سجل أغلب أهدافه الموسم الحالي. ما يؤكد أن مشكل كوتينهو "نفسي وتكتيكي" في برشلونة هو الأداء الذي يقدمه رفقة المنتخب البرازيلي، إذ لاحظنا جميعا كيف تألق بشكل لافت في المونديال الروسي 2018، حتى إنه خطف الأنظار والأضواء من نجم البرازيل الأول نيمار داسيلفا، مهاجم باريس سان جيرمان الفرنسي؛ ولكن بمجرد ما يأتي إلى برشلونة يكون أداؤه مغايرا، ولم يقدم أوراق اعتماده بشكل مقنع إلى الآن. المحبط لجماهير برشلونة هو أن كوتينيو لم يقدم الإضافة المرجوة بالشكل المرتقب إلى الآن، وفي الوقت ذاته يعاني ليفربول في الموسم الحالي مع يورغان كلوب بسبب خسارته صانع ألعاب بحجم كوتينهو، أضر خروجه "الريدز" الذي يحتاج إلى صانع ألعاب متمرس في وسط الملعب، لكنه إلى الآن لم يقدم ما يشفع له كي يكون البديل الأحق بخلافة الأسطورة أندريس أنيستا مع "البلوغرانا". وبخصوص الدولي التشلي أرثور فيدال، ورغم أنه جاء كورقة بديلة، فقد تألق بشكل لافت أمام أيندهوفن الهولندي برسم مسابقة دوري الأبطال الأوروبية يوم الأربعاء الماضي، حيث قاتل بشراسة في المباراة واستعاد الكثير من الكرات وكان تمركزه رائعا ومكان وجوده أثناء الهجمة والارتداد الدفاعي مثاليا، ويستحق العلامة الكاملة على أدائه البدني والتكتيكي الذي قدمه خلال اللقاء، وكيف أنقذ برشلونة من كرات خطيرة..وأصبح صاحب "الأعمال الخفية" في برشلونة والمتعلقة بتخريب الهجمات والتصدي لصناع اللعب وإيقاف خطورتهم وارتكاب الأخطاء التكتيكية وحماية تقدم ميسي وبقية المهاجمين.