من جديد، فشل حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، في إقناع أحزاب الأغلبية بالتصويت لصالح مرشحه في انتخابات تجديد رئيس مجلس المستشارين، في الوقت الذي يؤكد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن حكومته وأغلبيته "قوية ومتماسكة ولن يتوقف عملها لمجرد تراشقات سياسية بين مكوناتها". واستطاع بنشماش، عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، أن يحصل على 63 صوتا من مجموع 91 من الأصوات المعبر عنها، بينما حاز نبيل شيخي، عن حزب العدالة والتنمية، على 19 صوتا. وقد امتنع 28 مستشارا عن التصويت، فيما بلغ عدد الأصوات الملغاة 9 أصوات. وصوتت لصالح زعيم "الجرار" أربعة فرق من أحزاب الأغلبية الحكومية، هي فريق التجمع الوطني للأحرار، والفريق الحركي، والفريق الاشتراكي، والفريق الدستوري، بالإضافة إلى فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في حين قرر 28 مستشارا ينتمون إلى فريقي الاستقلال والكونفدرالية الديمقراطية للشغل مقاطعة عملية التصويت رفعا للحرج عنهما بسبب الاصطفافات بين "البام" و"البيجيدي." ويظهر من خلال نتائج التصويت أن جل المكونات بمجلس المستشارين ترفض إبرام أي اتفاق سياسي مع حزب العدالة والتنمية، وهو وضع يصفه البعض ب"الشاذ والعبثي"، بينما يعتبره آخرون نتيجة حتمية "لمحاولة "البيجيدي" التحكم في المشهد السياسي." المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة يرى أن النتائج التي أفرزتها انتخابات تجديد الثقة في بنشماش "طبيعية، باستثناء أصوات الاتحاديين التي ذهبت إلى البام." وأوضح العمراني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأغلبية الحكومية ولدت بشكل قيصري، وطوال هذه المدة بذل رئيس الحكومة محاولات للحفاظ على تماسك فريقه." وأضاف أن العثماني "يحاول أن يضع خلافات أغلبيته جانبا، لكنه في تصريح سابق أعلن بصراحة بأن ما يجمع مكونات الأغلبية هو البرنامج الحكومي، وهي الصراحة التي كان على بنكيران أن يتحدث بها منذ تشكيل الحكومة". تصويت الاتحاد الاشتراكي لصالح بنشماش اعتبره العمراني ب"مثابة رد للجميل إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تمسك بمشاركته في الحكومة الحالية"، مضيفا أن "بقاء مرشح "البيجيدي" وحيداً فيه إشارة قوية إلى أنه حزب غير مرغوب فيه من قبل باقي التنظيمات السياسية." وتوقع المحلل السياسي أن يشتد التنافس مستقبلاً بين حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب العدالة والتنمية، مستبعدا أن يكون هناك ائتلاف حكومي سيجمعهما في محطات أخرى قادمة. من جهته، قال حكيم بنشماش، في تصريح لهسبريس، بعد انتخابه رئيسا لمجلس المستشارين، إن "الفائز هو المؤسسة البرلمانية وتجربتنا الديمقراطية التي تنتظر منا الكثير من المبادرات." وزاد قائلاً: "أعي جديا ثقل المسؤولية بعد تجديد الثقة في شخصي، خصوصا في هذه المرحلة الهامة جدا التي تجتازها بلادنا، وفي ظل التحديات المتفاقمة والأوراش التي لم تعد تقبل التأجيل." وأضاف أنه سيعمل بروح وطنية وسيواصل منهجية انفتاح المؤسسة البرلمانية على المجتمع المغربي، مشيرا إلى خطاب الملك محمد السادس الذي جاء فيه أن "المغرب يحتاج إلى وطنيين حقيقيين وليس إلى انتهازيين".