نرى حملات كثيرة لصالح الزوجة المُعنَّفة مع إصدار قوانين لحمايتها وتشجيعها على القيام بالدفاع عن حقوقها، ولكن مع الأسف الشديد تغيب البرامج للتعريف بالرجل العنيف وسماته الشخصية، ونكتفي فقط بتطبيق القانون ضد إجرامه بدون أي برامج وقائية لكي يعي اضطراباته ويلجأ طواعية إلى الاستشارة مع الطبيب المتخصص لتشخيص نوع حالته وتحديد مدى الحاجة إلى مساعدة طبية وتأهيله نفسياً أو إخضاعه للعلاج الإلزامي بحكم قضائي. 1. البيانات الشخصية للمُعنِّف - هو رجل عديم الثقة في نفسه ويشعر بوجوده من خلال تهجُّمه واضطهاده وتعديه على زوجته، وبهذا يفرض سلطنته العضلية وسطوته الإرهابية عليها وعلى بقية أفراد بيته. - ينتسب إلى جميع المستويات الثقافية والفئات الاجتماعية، ولا يشترط فيه أن يكون من العاطلين أو من عديمي المؤهلات الدراسية، بل قد يكون إطاراً إدارياً عالياً أو من أصحاب الشهادات الدراسية العليا. - عادة ما تكون له سمعة طيبة في الوسط العائلي والمهني ومع جيرانه وفي حيه. - يبذل كل جهده ليلمع صورته خارج بيته حيث يصفه محيطه بالرجل الطيب، ويحرص على سمعته إلى درجة أن لا أحد يصدق أنه يُعنف زوجته. - يقطن المدن ونادرا ما يعيش بالقرى والبوادي. - يتعاطى للخمور علماً أن الخمر يُسبب اضطراب المزاج والضعف الجنسي، والميول إلى الشك في خيانة الزوجة مما يدفعه إلى تعنيفها. - تَعرض في طفولته إلى العنف وأحيانا إلى التحرش الجنسي؛ ما يجعله بِدوره عنيفاً مع أطفاله وزوجته. - عاش في وسط عائلي حيث الأب يعنف الأم، وبذلك يعيد إنتاج سلوك والده وفي الوقت نفسه يُسقط صورة أمه على زوجته وينتقم منها بوصفها (أمه في المخيال) لعدم إيقافها الأب عن عنفه وحمايته منه في الصغر. ومن خلال تعنيف زوجته، فإنه يعنف أمه. ولهذا نعتبر هذا الزوج العنيف مريضاً وفي حاجة إلى العلاج والتأهيل النفسي. - سريع القلق والغضب كنتيجة لمعاناته في صغره، ويزداد غضبه ومستوى عنفه في حالة تعاطيه للخمور أو المخدرات. - عنيد ولا يعترف بخطئه في التعدي ضد زوجته، بل يبرر ذلك بأنها تستحق الضرب. - شخصيته يغلب عليها طابع "جنون العظمة"، اضطهادي ولا يتقبل الانتقاد، ويُسير البيت حسب هواه وتقلباته المزاجية. 2. هل العنف ضد المرأة أمر طبيعي؟ القانون يجرم العنف بكل أنواعه، سواء كان ضد الزوجة أو الأخت أو الأطفال أو غيرهم. وكما نعرف، فإن العنف هو من خصوصيات الحيوان، وحتى الإنسان من حيث جانبه الحيواني. ولكن هناك اختلافا بين النوعين؛ بحيث إن الحيوان يستعمل العنف كسلاح للدفاع عن نفسه أو صغاره أو للصيد فقط من أجل البقاء، أما الإنسان فيستعمل العنف ليس للأغراض السابقة، بل يتعداها إلى العقاب والانتقام وفرض سلطته وإرضاء نوازعه المرضية من خلال التعدي على من هو أضعف منه جسدياً، وهذا العنف يمارسه الرجل المُعنف ضد الطفل أو المرأة. من هنا، نرى أن العنف غير طبيعي عند الإنسان المتوازن عقليا، ويبقى من أعراض الاضطراب النفسي عند المُعنِّف. وبالتالي "حتى واحدْ مَكَيْسْتَهْلْ الضرب"، بل القوانين الدولية الحديثة تمنع تعنيف المجرمين أو السجناء! 3. هدف الحملات التحسيسية - غرس الوعي والإدراك بأن المُعتدي مريض نفسانيا وبحاجة على العلاج، وهذا لا يعني عدم محاسبته من طرف القضاء. - توعية الزوجة بأنه في حالة تعرضها للضرب من قبل زوجها ولو للمرة الأولى، فلا ينبغي لها التهاون والتعامل مع هذا التعدي على أنه خطأ عابر لن يتكرر، بل هي البداية في سلسلة من التعديات المتصاعدة؛ لذلك يجب عليها إخبار السلطات فورا قبل أن تصبح ضحية في قبضة زوج لا يرحم. - اقتناع المُعنِّف بأن الضرب ليس سلوكا طبيعيا، بل هو نتيجة اختلال واضطرابات نفسية تستلزم زيارة الطبيب قبل فوات الأوان. *خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي