يشهد العالم العربي والإسلامي في السنوات الأخيرة موجات من الفتاوي " الصادمة " والغريبة في أفكارها والتي تعبر في احدى مضامينها عن ترهل البيت العربي وانحطاط الفكر الإسلامي. فتاوي " الغباء" و" الغرابة " كما سماها البعض لمضامينها السخيفة التي تحتقر العقل العربي وترمي به في مزبلة التاريخ . لماذا يتطلع " العلماء " إلى استصدار مثل الفتاوي وهل بالفعل المسلمون في احتياج إليها في الوقت الراهن؟ أم يطمح هؤلاء " العلماء " إلى الشهرة على حساب المقدس والثابث في الدين الإسلامي ؟ فلنتأمل في سلسلة هذه " الفتاوي" التي أضاعت الحكمة والمعرفة وزاغت عن جادة الطريق... جاءت الفتوى الأولى التي تبطل زواج من يخلعان ملابسهما كاملة أثناء ممارسة العلاقة الزوجية الحميمة، الفتوى الثانية برضاعة الكبير المبيح للخلو خمسة رضاعات والفتوى الثالثة التي تمنع ألعاب البوكيمون لأنها تشجع الأطفال على القمار المحرم في الاسلام، وحلت رابعا فتوى لبعض شيوخ القرى في باكستان تحرم تطعيمات شلل الأطفال بدعوى أنها مؤامرة من الغرب لنشر العقم بين المسلمين، ثم فتوى جلد الصحفيين لشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (الصورة)، وفتوى التبرك ببول النبي لمفتي مصر علي جمعة. وا ختار الشيخ سلمان العودة فتوى بعنوان"ما حكم تهنئة الكفار بأعياد الميلاد وهل يجوز الإحتفال معهم بهذا العيد ؟ وفحواها أن: "تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، .... مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه". العودة "بحاجة" بينما ظلت فتوى الخميني باهدار دم الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي في الأذهان وحلت خامس أغبى فتوى في العالم الاسلامي حسب قناة دريم ومجلة فورين بوليسي الأمريكية والعربية نت. وكانت "العربية.نت" نشرت فتوى للدكتورعزت عطية في 16 مايو 2007أثارت جدلا شديدا استمر عدة أسابيع في جميع أنحاء العالم، حيث أفتى بإرضاع المرأة لزميلها في العمل، منعا للخلوة المحرمة، إذا كانت وظيفتهما تحتم عليهما التواجد في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما. وشرح ذلك في تصريحات ل"العربية.نت" في ذلك الوقت بأن ارضاع الكبير المبيح للخلوة 5 رضعات، وهو لا يحرم الزواج، وأن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالبا بتوثيق هذا الارضاع كتابة، ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلانا. وتسببت الفتوى في موجة غضب عارمة اجتاحت العالم العربي، مما أدى لقيام جامعة الأزهر بوقف الدكتور عزت عطية عن العمل واحالته إلى مجلس تأديب، ثم قررت عزله من منصبه كرئيس لقسم الحديث بكلية أصول الدين، وابقائه على المعاش، معتبرة أن تلك الفتوى توجب العزل من الوظيفة لأنها سببت بلبلة في العالم العربي والاسلامي وعلى المستوى العالمي، إلى جانب كونها اهانة للاسلام بعد أن أصبحت مصدرا للنكات والتشنيع على الدين، كما صارت وسيلة لبعض الشباب لمعاكسة البنات وجرح حيائهن وفق ما نقلته صحيفة الأهرام المصرية في 17-9-2007. وأعلن عطية تراجعه عن فتواه بعد 4 أيام من نشرها في "العريية.نت" معتذرا للمسلمين في بيان وقعه ووزعته جامعة الأزهر، قائلا إن ما أفتى به كان اجتهادا مبنيا على واقعة خاصة، وأن الرضاعة بالصغر هي التي ثبت بها التحريم، وأنه بناء على ما تدارسه على اخوانه العلماء يعتذر عما بدر منه. وبخصوص فتوى المفتي علي جمعة الخاصة بالتبرك ببول الرسول والتي تنافس "ارضاع الكبير" في استفتاء فضائية دريم، فقد وردت في كتابه "الدين والحياة.. الفتاوى العصرية اليومية" وأثارت جدلا شديدا أيضا بعد أن تسربت إلى الصحافة، وفيها يرد على سؤال حول مدى ثبوت تبرك أحد الصحابة ببول الرسول صلى الله عليه وسلم، فأجاب: نعم أم أيمن شربت بول الرسول، وقال لها "هذه بطن لا تجرجر في النار". أما "أغبى فتوى" وفق استفتاء المجلة الأمريكية (فورين بوليسي) فقد أفتى بها الشيخ رشاد حسن خليل العميد السابق لكلية الشريعة بجامعة الأزهر، ببطلان زواج أي رجل وامرأة يخلعان ملابسهما أثناء ممارستهما لعلاقتهما الزوجية، وقد أثارت هذه الفتوى أيضا غضبا عارما . وكانت فتوى منع البوكيمون خاصة باللجنة العلمية للبحوث العلمية والشريعة الإسلامية في السعودية، واعتبرته مشجعا للأطفال على لعب القمار الذي يحرمه الاسلام، ثم انضم شيوخ الامارات إلى هذا الرأي لأن "البوكيمون" يروج لنظرية النشوء والتطور التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية، ثم انتقلت الفتوى إلى الكنيسة الكاثوليكية في المكسيك التي اعتبرت "البوكيمون" من عمل الشيطان. إن هذه الفتاوي وبهذه السذاجة ماهي إلا تعبير عن الإستخفاف بعقلول المسلمين واغلاق باب الإجتهاذ وتعبير عن ما لحق الفكر العربي من قصور واسفاف . فقدت أصبحت هذه " الفتاوي الغبية" في الفضائيات العربية تجد مكانها لجدب أكبر عدد من المشاهدين على حساب القيم الإسلامية والإنسانية الرفيعة لديننا الحنيف.