ما زال شبحُ التطرُّف والإرهاب يُطلُّ على المشهد السياسي المنقسم في إسبانيا، تزامناً مع الذكرى الأولى لهجمات برشلونة وكامبريلس، التي أودت بحياة أكثر من 13 شخصا وإصابة 150 آخرين. وتظلُّ الجارة الشمالية للمملكة أوَّل عشٍّ يفرِّخُ الإرهاب في أوروبا، كما تُشكّل مرتعاً خصباً يدلف منه الداعون إلى الجهاد ومبايعة تنظيم "داعش"، الذي باتَ يراهنُ على الأجيال الثانية من المهاجرين الذين يشكلون تهديداً قويا للبلاد. وفي هذا السياق، كشف تقرير نشرته صحيفة "لا ريوخا" عن عجز الداخلية الإسبانية عن السيطرة على مراكز العبادة والمساجد بإسبانيا، مؤكداً أنه بالرغم من إعلان السلطات، بعد الهجمات الإرهابية، إجراءات لتعزيز الضوابط على الأئمة والمساجد في جميع أنحاء البلاد، فإن الداخلية لا تستطيع السيطرة إلا على 10 من مراكز العبادة الإسلامية، في الوقت الذي يوجد أكثر من 1.586 مركزا للعبادة ومسجدا بشكل رسمي، منهم أكثر من 100 مرتبطون بالسلفية، و80 يحملون أفكارا إرهابية. ويبلغُ عدد الجالية المسلمة بإسبانيا حوالي مليوني مسلم، من بينهم من يتبع الأفكار المتشددة التي تدعو إلى الإرهاب والتطرف، وهناك العديد من الذين ينتمون إلى جماعات إسلامية تنشطُ في أوروبا. وفي هذا السياق، أوضح الفاعل الحقوقي، عبد الإله الخضري، أن "إقرار الحكومة الإسبانية بعجزها عن السيطرة على المساجد ومراكز العبادة، وكذلك الحكومات الأوروبية برمتها، لا يعني فشلها أو انهزامها أمام التطرف والإرهاب وعدم قدرتها على مواجهته". وأضاف "نحن أمام حكومات ديمقراطية، ملتزمة بالقواعد الديمقراطية، ومنضبطة لقوانين بلدانها، التي تمنعها من اقتحام خصوصيات الناس دون دليل حاسم، أو التجسس عليهم أو مطاردتهم بدون أوامر قضائية أو قيود قانونية، وهذا يدل على رقي هذه الحكومات والتزامها بروح مبادئ حقوق الإنسان". وتوقف الخضري عند الأجهزة المغربية، المكلفة بمكافحة الإرهاب، التي تشتغل بطريقة فعالة مباشرة وغير مباشرة. وأضاف "ربما قد تكون غير آبهة بأي عقبات أو قيود، كيفما كانت أوصافها، وتحارب على كافة الجبهات الاستخباراتية، تنسيقا مع أجهزة دول أخرى، أو بابتعاث جواسيس ربما، أو بالتنصت على المكالمات، أو أي من الوسائل الكفيلة بالتقاط الخيط الرفيع". ويرى الحقوقي المغربي أن "التنسيق الأمني والاستخباراتي بين المغرب والدول الأوروبية، بشأن تحركات المشتبه بهم، خطوة حيوية وضرورة يمليها الواقع، نظرا إلى تطور أساليب الإرهابيين، لكن مع مراعاة مبادئ حقوق الإنسان في حدودها الدنيا"، مؤكداً أن "الاستهداف يعني أشخاصا تتوفر ضمانات منطقية وموضوعية بتورطهم في تبني فكر الإرهاب، وعزمهم على القيام بسلوكيات إجرامية".