لمْ يعُدِ ركوبُ البحر شأناً يهمُّ الشَّباب العَاطلَ الباحث عن فُرصِ حياة جديدة بعدما ضاقتْ بهم سُبلُ المعيشِ في أوطانهم، بل أصبح يجذبُ الأطفال أيضاً، فقد ذكرتْ تقديراتٌ إسبانيَّة أنَّ عدد القاصرين المغاربة غير المصحوبين فوق التراب الإسباني يقارب ال5000 طفل، غالبتهم يقْطنُ بمأوى في مدينة سبتة الواقعة تحت الاحتلال الإسبانِي، في انتظَار أنْ تسنحَ لهم الظروف كيْ يهاجرُوا سريًّا عبر البحر نحو أوروبا بالرُّغم من المخاطر التي تحفُّ العمليَّة. ووفق ما نقلته جريدة "إلباييس" الإسبانية فإن "الأطفال المغاربة غير المصحوبين الذين تسللوا إلى إسبانيا، إلى حدود الساعة، يمثلون 70 في المائة من مجموع 7145 طفلًا غير مصحوب بالجارة الشمالية من مختلف الجنسيات"، مشيرة إلى أن أغلب هؤلاء الأطفال يعيشون في جهات الأندلس وكتالونيا، وفي مدينتي سبتة ومليلية المغربيتين اللتين تحتلهما إسبانيا. وأورد المنبر الإسباني، نقلاً عن تقرير حكومي حصلت عليه، أن "عدد الأطفال الأجانب غير المصحوبين في إسبانيا قد ارتفعَ في ظرف سنة ونصف السنة، حيث انتقل الرقم من 4000 طفل مع نهاية سنة 2016 إلى 7145 طفلًا اليوم، لتزايد عدد القاصرين المغاربة والقادمين من إفريقيا جنوب الصحراء. وسبق لمنظمة ميغرا وروبا Migreurop""، المتخصصة في الهجرة ومراقبة الحدود، أن دقت ناقوسَ الخطر بشأن تزايد الخطر المحدقِ بهؤلاء الأطفال خاصة أولئك الموجودين في ثغري سبتة ومليلية، حيث أنه "بعيدا عن تثبيط هؤلاء الأطفال، فإنهم يواجهون مخاطر أكبر في ركوب شاحنات "الموت" لبلوغ شبه الجزيرة الإسبانية"، مضيفة أنه "خلال سنة 2017 فقد أكثر من 520 شخصًا حياتهم في البحر المتوسط، 140 منهم حاولوا الوصول إلى إسبانيا". ويذكر أن المغرب وإسبانيا كانَا قدْ وقعا مذكرة تفاهم حول المهاجرين القاصرين غير المرفُوقين، تمَّ تحويلها إلى اتفاق في 2007، يقضي بحقِّ السلطات الإسبانيَّة في ترحيل الأطفال القاصرين غير المرفوقين بعد التعرف إليهم وتحديد عائلاتهم. وفي حال لمْ يجر التمكن من ذلك، يكُون من حقها تسليمهم إلى السلطات المغربيَّة، لتحديد عائلاتهم أوْ إيداعهم في مراكز للطفُولة. منْ جَانبِه، قال عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الانسان، إن "هَؤُلاءِ الأطفال نجحُوا في التسلل عبْر الحُدود البحْرية من شمالِ المغرب إلى جنوب إسبانيا، وبعدما يتمَّ القاء القبض عليهم ووضعهم في مراكز ايواء خاصة بالأطفال، يفرون بطرق مختلفة، ويصبحون في حالة تشرد وتسكع، إلى درجة تسببت الهجرة السرية في ظاهرة أطفال الشوارع". وأورد أن "المغرب ليس له ما يقدمه إزاء هذه القضية، لأننا أمام أطفال مغاربة هاجسهم الأساسي الرحيل إلى الضفة الشمالية، وإذا كان من دور سيقوم به هو ردعهم وتوقيف هجرتهم السرية؛ لكن ستكون كل المحاولات مؤقتة وظرفية"؛ لأننا، حسب الخضري، "أمام موجة متسلسلة من محاولات الهجرة السرية".