لمْ يُخفِ أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي، الناشط البارز في حراك الريف، الذي قَضَتْ محكمة الدارالبيضاء بسجنه 20 عاماً على خلفية "احتجاجات الحسيمة"، حَسْرته بعد الأحكام القاسية التي طَالَتْ المُعتقلين الريفيين، لكنه أورد أنه لم يفاجأ بها قائلا: "رغم قَسوَتِها كنت أنْتظرُها ولم تُفاجئ العائلات ولا المعتقلين الذين يتمتعون بمعنويات عالية ولم تُحرِّك فيهم أيَّ شعورٍ بالحزن". وأكد الزفزافي الأب، في حوار بالصوت والصورة يبث لاحقا على هسبريس، أن "ناصر ورفاقه المعتقلين في سجن عكاشة لم يُفاجؤوا بالأحكام التي رفضها الشعب المغربي من أقصى الشمال إلى جنوبه، وكانوا ينتظرون نُطق الحكم الذي لم يُحرِّك فيهم شيئاً، لأنهم استشفُّوا ذلك من خِلال سير المحاكمة، بعدما منع القاضي إحضار شهود من أجل الإدلاء بشهادتهم حول "حراك الريف"، وعوض ذلك سمح بحضور شهود في صالح جهات أخرى لهم سوابق عدلية وأشياء أخرى يعف اللسان عن ذكرها"، وفق تعبيره. وأورد أب الزفزافي وهو يسْتَحْضر وقائع المحاكمة التي امتدت إلى 84 جلسة ماراثونية: "لم نُفاجأ بهذه الأحكام، وخلال زيارتي لابني ناصر في سجن عكاشة، ولبعض المعتقلين الآخرين، وجدتهم بمعنويات مرتفعة، ولم يقيموا وزناً لما صدر ضدهم من أحكام، وواجهوها بنوع من السخرية"، وتابع: "نحن لا نشكك في مصداقية القضاء، لكننا نشكك في هذه الأحكام التي صدرت"، متسائلاً: "من أين أتت هذه الأحكام؟". وتابع الزفزافي في تصريح خص به هسبريس: "الورقة الأخيرة التي لعبُوها تمثلت في الإتيان بشهود لا تتوفر فيهم معايير الإدلاء بالشهادة؛ أشخاص لهم سوابق عدلية"، مستدركا: "لكن معتقلي الريف استقبلوا الأحكام بسخرية ومعنوياتهم مرتفعة والعائلات كانت تتوقع الأسوأ". وعن الوضع في منطقة الريف، أقر الزفزافي بأن "المنطقة تعاني من ركود اقتصادي قاس جداً فُرض عليها فرضاً"، قبل أن يتساءل: "هل هو انتقام أم شيء آخر؟"، متابعاً: "الحسيمة تعيش حالة نكبة، معظم شبابها منهم من فرَّ إلى الضفة الشمالية ومنهم من مات في البحر ومنهم من مكث بمنزله خوفا من الاعتقال ومنهم من فرَّ إلى مدن مغربية أخرى"، وزاد: "هناك جهات تريد أن يظل الاحتقان مستمراً في هذه المنطقة". وقال الزفزافي الأب أيضا: "الحكم الذي صدر في حق ناصر أبْطله الإجماع المغربي..مادام الإجماع المغربي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب يؤيد هؤلاء المعتقلين في مطالبهم الاجتماعية فإن هذه الأحكام القضائية تبقى باطلة إذا كنا نؤمن بالاستفتاء الوطني؛ وإذا كنا لا نؤمن به فالكل سيذهب إلى الجحيم"، على حد تعبيره. "ناصر الزفزافي الوحيد في المغرب الذي استطاع أن يُوحِّد الشعب المغربي من الشمال إلى الجنوب"، يقول أحمد الزفزافي، مشدداً على أنه "ما لم يستطع أي حزبٍ أو جمعية أن يفعله فعله ناصر خلال ستة أشهر"، لافتا إلى أن "كل المغاربة رفضوا هذه الأحكام القاسية إلا الذين أصدروها في حق معتقلي الريف"، قبل أن يضيف: "إذا كان هؤلاء الذين يتواجدون في مراكز القرار يضربون إرادة الشعب عرض الحائط فهذا شأنهم، وإن كانوا يلبون نداءات الشعب فليفرجوا عن المعتقلين". وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء وضعت نهاية لملف معتقلي "حراك الريف"، ليل الثلاثاء، بعد عام من سير المحاكمة، إذ وزعت أحكاماً تراوحت بين 20 سنة و10 سنوات سجناً نافذا. وقضت الغرفة المذكورة بالحرمان من الحرية طيلة 20 عاما في حق كل من ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق وسمير اغيد والبوستاتي، وبعقوبة سجنية مدتها 15 عاما في حق كل من الحاكي وأدهشور بوهنوش. أما محمد جلول، الذي سبقت إدانته بخمس سنوات سجنا في احتجاجات سنة 2011، فتمت مؤاخذته بجميع التهم الموجهة إليه، واعتبار الأفعال المنسوبة إليه تشكل مؤامرة للمس بالسلامة الداخلية للدولة، وأدين بعشر سنوات سجنا نافذا، رفقة آخرين. جدير بالذكر أن باقي الأحكام التي جرى الكشف عنها في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي وزعت على باقي المعتقلين بما يزيد عن ثلاث سنوات لأغلبهم، مع غرامات مالية، دون أن تتم تبرئة أي واحد؛ فقد أدين كل من محمد مجاوي وشاكر مخروط وربيع الأبلق وإلياس حاجي وسليمان فحيلي ومحمد الاصريحي والحنودي وأبقوي بخمس سنوات سجنا نافذة، وغرامة مالية قيمتها 2000 درهم.