أرْخت الأحكام الصادرة في حق ناصر الزفزافي، أيقونة "حراك الريف"، ورفاقه المعتقلين في الدارالبيضاء، بظلالها على الندوة الصحافية التي نظَّمتها "اللجنة الوطنية للتضامن مع المعطي منجب والنشطاء الستة"، اليوم الأربعاء؛ حين اعتبر رفاق الباحث المتخصص في التاريخ، الذي يُتابع بتهم ثقيلة، أن "هذه الأحكام مُنذرة بأفق مُظلم سينعكس سلباً على مسار قضيته المَعْرُوضةِ على القضاء". ويتابع المعطي منجب، الباحث المتخصص في التاريخ ورئيس مركز ابن رشد للدراسات والتواصل، رفقة ستة من الإعلاميين والنشطاء والحقوقيين، وهم مرية مكريم ورشيد طارق وهشام المنصوري وعبد الصمد أيت عائشة وهشام خريبشي ومحمد الصبر، بتهم "المس بسلامة أمن مؤسسات الدولة"، و"الحصول على تمويل أجنبي غير شرعي". منجب، في تدخله خلال الندوة الصحافية التي عقدتها اللجنة الوطنية للتضامن مع النشطاء الستة بحضور مراقبين دوليين، قال: "لا نعرف متى سينْتهي هذا العبث وهذه المسرحية؛ لأن مساعدة صحافيين شباب على العمل يمثل مساساً بالسلامة الداخلية للدولة، التي تصل عقوبتها في حالات أخرى إلى الإعدام"، متسائلاً: "أليس هذا عبثا؟". وأورد المتحدث ذاته "من بين الذين يمثلون أمام القضاء، والذين يحاكمون في الواقع بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان، هناك خمسة متهمين بالمس بأمن الدولة لأنهم نظموا دورات تدريبية حول برنامج معلوماتي معروف في العالم، هو سْتُورِي مِيكْر؛ التطبيق المتاح تنزيله مجانا عبر الأنترنيت، وتصل عقوبة هذه التهمة إلى خمس سنوات من السجن". وقال الباحث المتخصص في التاريخ إن "مثوله في الجلسة الثانية عشرة يأتي في سياق يطبعه تراجعات كبيرة في مجال حقوق الإنسان، فقد قامت السلطة مؤخراً باتخاذ إجراءات قمعية ضد حركة الاحتجاج في الريف وجرادة، أسفرت عن سجن ومحاكمة مئات الناشطين الشباب والمواطنين الصحافيين، عن طريق تلفيق التهم الباطلة"، مورداً أن "هذا التراجع تجلى في الأحكام الظالمة الصادرة أمس في حق معتقلي حراك الريف؛ وفي مقدمتهم ناصر الزفزافي، الذي حكم عليه بعشرين سنة سجنا نافذة". وتابع منجب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بالقول إن "القضاء لم يجِدْ في الملف المعروض عليه أي معطى يدين المتابعين"، مورداً "ليست هناك أسس قانونية ولا أدلة واضحة عن التلاعب في الأموال"، مضيفا أن الجهات المانحة والداعمة ماليا لتلك الهيئات "قالت إنها أجرت افتحاصا ماليا داخليا، وكانت كل التقارير سليمة". من جهته، كشف الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني أن "الدورات التدريبية تم تنظيمها كجزء من برنامج لتشجيع الصحافة المواطنة في المغرب من لدن الجمعية المغربية لصحافة التحقيق AMJI، بشراكة مع المنظمة الهولندية فري بريس أنليميتد"، وأضاف: "هناك نشطاء يتابعون بتهمة عدم إخطار الأمانة العامة للحكومة بتلقي التمويل من الخارج لصالح جمعية أمجي، بمقتضى قانون يعتبر تطبيقه عملاً بهلوانياً الهدف منه سوى إخراس الأصوات المزعجة". وبينما وصف المومني بأن "الوضع الحقوقي ماضٍ في التأزم ومزيد من التضييق"، اعتبر المفكر المغربي عبد الله حمودي أن "الدولة العميقة قامت باستعمال جميع الوسائل لتشويه سمعة المتهمين السبعة عبر منابر إعلامية معروفة بعلاقاتها بالأجهزة الأمنية. وأمام هشاشة التهم المزعومة، عمدت الشرطة إلى وسائل عدة غير قانونية (مثل التنصت على الخطوط الهاتفية، وحظر مغادرة البلد، تسريب مضمون التحقيق إلى الصحافة)؛ لتضليل الرأي العام، وربما التأثير على السلطة القضائية". ويقول حمودي، ضمن كلمة له، إن "حملة إعلامية تشهيرية استهدفت النشطاء؛ من بينهم المعطي منجب. وقد وصل عدد المقالات التي تستهدفه ما يفوق أربعمائة مقال، وتنشر هذه المقالات في جرائد ومواقع معروفة بقربها من دوائر السلطة". وانتقد المتحدث ذاته ما اعتبره "صمت الحزب الأغلبي الذي لم يُعلق على ما يعيشه المجتمع من أحداثٍ وهزات اجتماعية"، مورداً أن "حملة المقاطعة كشفت المستور، وفضحت أساليب الدولة العميقة والشركات المستحوذة، وقريبا ستفضح المسؤولين الذين عاثوا في البلد فساداً"، على حد قوله. وفي بيان لها، رصدت اللجنة الوطنية للتضامن مع منجب ما تراه "مُضايقات" يتعرض لها المتابعون في الملف؛ ومنها "الحرمان من الحق في حرية التنقل، والاتهام بالتورط في اختلالات مالية"، والتي قالت إن المنظمات المانحة الشريكة لمركز ابن رشد للدراسات والتواصل، الذي كان منجب أحد المساهمين فيه، "نفتها مرارا"؛ فيما تورد أن ملف "منجب والنشطاء الستة" "يسيء إلى صورة المغرب الحقوقية لدى المنتظم الدولي".