أثارت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، على رأسها الموقع العالمي "أفاز"، تدعو إلى منع محو حديقة الشاوية المتواجدة بشارع موسى ابن نصير قبالة الملحقة الإدارية الرابعة بحي "غوتيه"، أرقى أحياء العاصمة الاقتصادية، وتعويضها بمسجد، (أثارت) الكثير من الجدل، وتبادل للاتهامات بين جهات عدة. نعم للمسجد.. لا لمحو الحديقة خلال تواجدنا داخل الحديقة المذكورة، توقفت إحدى السيدات كانت تمر بجانبنا ودخلت في نقاش وإيانا حول ما يتم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي، معبرة عن رفضها لأي خطوة لاجتثاث الحديقة و"قتل" الأشجار المتواجدة بها. وأكدت هذه السيدة الخمسينية أنها من قدامى ساكني حي "غوتيه" التابع لمقاطعة سيدي بليوط، وشددت على أنها ترفض إنشاء مسجد على أنقاض الحديقة، معللة بالقول: "لست ضد بناء المسجد، لكني ضد محو الحديقة، فالدارالبيضاء لم يعد بها أي متنفس لنا كساكنة". مقابل هذا الطرح، يرى بعض السكان أن مطلب إنشاء مسجد بالحي المذكور بات أمرا ملحا، موردين أن هناك عرائض بتوقيعات لأزيد من ألفي مواطن، بالإضافة إلى العديد من الجمعيات، وجهت إلى عدة جهات، على رأسها الملك محمد السادس، من أجل تشييد مسجد للصلاة. أصحاب هذا الطرح أكدوا، في حديثهم لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن ما يتم ترويجه بمواقع التواصل الاجتماعي وببعض وسائل الإعلام لا أساس له من الصحة، على اعتبار أن "مطلبنا هو بناء مسجد مع ضرورة الحفاظ على الحديقة، فلا يعقل أن نكون مع إزالتها ومحوها لأنها متنفس بالحي". الوالي يتحرك الحديث عن بناء مسجد في المكان المذكور ليس وليد اليوم، لكن بعض "اللوبيات"، بتعبير الساكنة، تتحرك لوقف الخطوات التي شرع فيها والي جهة الدارالبيضاءسطات، عبد الكبير زاهود. خلال الدورة العادية لشهر أبريل 2013، صادق مجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء، برئاسة محمد ساجد آنذاك، على النقطة المتعلقة بالدراسة والمصادقة على وضع البقعة الأرضية ذات مطلب التحفيظ رقم 4683 س رهن إشارة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لبناء مسجد بحي "غوتيه" بمقاطعة سيدي بليوط. لكن رغم المصادقة على هذا القرار، إلا أن تفعيله لم يتم إلى حدود يومنا الحالي؛ ما يجعل قرارات المجالس المنتخبة تستوجب المتابعة الفورية بمجرد تأشير السلطات الوصية عليها. ومع قدوم الوالي عبد الكبير زاهود، الذي يحاول تحريك الملفات الراكدة بالعاصمة الاقتصادية وتفعيل المشاريع المسطرة، كانت مقاطعة سيدي بليوط قد منحت رخصة عدد 1625 لجمعية "كوتيي ذاكرة وآفاق" من أجل إصلاح وتهيئة الحديقة. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أنه بمجرد تحرك الوالي زاهود من أجل تفعيل المقررات الجماعية، تحركت بعض الجهات من أجل "التشويش" عبر إطلاق عريضة مفادها رفض محو الحديقة المتواجدة بساحة الشاوية وتعويضها بمسجد. لوبي الخمور "يعرقل" "لا يمكن لأي بشر أن يفكر دقيقة واحدة في أن يزيل وردة، بالأحرى فضاء هكذا"، يقول محمد السعدي، نائب رئيس جمعية "كوتيي جوار"، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، مضيفا: "الحديقة الموجودة في التصميم أفضل بكثير مما هو عليه الوضع الآن؛ فالفضاء الكبير سيشمل مسجدا ومرآبا للمحلات التجارية المتواجدة حاليا في السوق إلى جانب الحديقة". وشدد المتحدث نفسه على أن الساكنة بأكملها مع مطلب إنشاء مسجد، وضمنها المغاربة اليهود "الذين وقعوا على العرائض المقدمة إلى السلطات ومستعدون للمساعدة والمساهمة في بنائه، وكذا تجار السوق". وأوضح أن "لوبيات الكحول والعقار هم من يقف ضد ذلك"، مضيفا: "نحن نقول لهم لكم دينكم ولنا دين، ولي بغا المسجد يمشي ليه ولي بغا البار يمشي ليه". بدوره، رئيس الجمعية، سعيد الصبيطي، أكد أن أصحاب المصالح هم من يعرقلون ويرفضون إنشاء المسجد الذي لن يؤثر على المساحة الخضراء، مشيرا إلى أن السلطات تعمل حاليا على إخراج البناية المذكورة. من جهته، موسى سيراج الدين، رئيس جمعية أولاد المدينة، أعرب في تصريح لهسبريس عن تفاجئه، وقال: "بعد قرار المجلس السابق الذي صادق فيه على بناء مسجد، يقوم مجلس سيدي بليوط بمنح رخصة لتهيئة الحديقة التي كان هدفها هو عرقلة بناء المسجد". ولفت المتحدث نفسه إلى أن حزب العدالة والتنمية الذي يرأس مقاطعة سيدي بليوط "كان هدفه من منح الترخيص هو عرقلة المشروع"، مشيرا إلى أن "لوبي الخمور والعقار يتحرك بعد خطوات الوالي لمحاولة منع بناء المسجد بدعوى أنه سيؤثر على الحديقة، وهذا باطل، لأن الواقع أنه سيتم تشييد مسجد به مرآب، فيما ستظل الحديقة كما هي". ووجه رئيس الجمعية المذكورة نداءه إلى الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين، يناشده من خلاله ب"حماية المسجد وحماية قرار المجلس، لأن هذا اللوبي أقوى من الوالي ومن قرار المجلس". وتنتشر على مقربة من الحديقة المذكورة مجموعة من المطاعم والمحلات الخاصة ببيع الخمور وتقديمها للزبائن؛ الشيء الذي يجعل مصالحها قد تتأثر بفعل إنشاء المسجد. الأوقاف تبشر والمقاطعة تتحدث عن إكراهات إذا كانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أكدت، على لسان مندوبها بالدارالبيضاء، في حديث لهسبريس، أن "هناك أملا لإنشاء المسجد، وهناك تنسيق مع السلطات"، وأن "المنطقة لا تتوفر على مسجد وهاجسنا هو أن يكون بها مسجد، ونحن نشتغل على ذلك مع مختلف السلطات"، فإن مسؤولي مقاطعة سيدي بليوط يؤكدون وجود "إكراهات حقيقية تعوق ذلك". وقال حفيظ البقالي، نائب رئيس مقاطعة سيدي بليوط، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، "هناك إكراهات حقيقية، ومنها وجود سوق تجاري به أرزاق الناس، ويجب إيجاد حل وسط لهم عبر مقاربة تشاركية". وأضاف: "لقد صادقنا على القرار بالإيجاب، لكن هناك اكراهات، ونحن نبحث عن حلول لذلك؛ فالتجار يطلبون منا مكانا محاذيا للحديقة في الفترة التي يكون فيها التشييد"، مقرا بكون المنطقة "في حاجة ماسة إلى هذه البناية"، مشددا على أن "المسطرة القانونية قمنا بسلكها لإخراج المسجد، وتنفيذ المقرر يعود إلى السلطة الوصية، ونحن ذهبنا في ذلك إلى آخر رمق". وكانت الساكنة قد وجهت عريضة إلى الملك محمد السادس تحمل توقيعات جمعيات المجتمع المدني، تطالب ببناء مسجد بساحة الشاوية، مشددة على أهمية احترام البيئة وإعادة هيكلة السوق واستفادة التجار الحاليين من المحلات التجارية، مشيرة في مراسلات إلى المسؤولين إلى أن الحي يقطنه أكثر من 25 ألف نسمة ويتواجد به 17 معبدا ما بين كنائس وبعثات يهودية وقنصليات، بالإضافة إلى العديد من المطاعم والحانات، بينما لا يتوفر على مسجد.