مُسلسل شد الحبل بين وزارة الصحة وبين أطباء قطاع الخاص ما زال مستمراً، ولعل آخر حلقاته رفض أصحاب البذلة البيضاء مشروع جديد تقدّم به أناس الدكالي، وزير الصحة، يسمح للأساتذة الجامعيين بممارسة مهنة الطب خارج المؤسسات العمومية؛ وهو ما يرفضه الأطباء، معتبرين إياه "مناقضاً للوظيفة العمومية ولقوانين ممارسة الطب". وأعلنت النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر بالمغرب، في بلاغ لها، رفْضها لمشروع مرسوم جديد يتعلّق بنظام الوقت الكامل المعدل المعروف ب"TPA"، الذي "يتعارض مع القوانين المنظمة للمهنة، خاصة المادة ال3 والمادتين 109 و108 من القانون 131-13 الذي يعتبر هاته الممارسة غير قانونية"، مشددة على أن "الدول التي عملت بهذا النظام رسَّخَتْه داخل المستشفيات العمومية بهدف الرفع من مردوديتها ومدخولها، وليس بالكيفية التي يتم بها تدبير هذا الموضوع في المغرب، على حساب المؤسسات الصحية العمومية والمرضى المغاربة". وكان المشروع المرسوم حول نظام الوقت الكامل TPA، الذي هيّأه وزير الصحة والذي بمقتضاه يسمح للأساتذة كلية الطب بممارسة الطب لهدف ربحي بالقطاع الخاص، أثار نقاشاً بين أطباء القطاع الخاص، داعين إلى "نقاش وطني بخصوص جدوى هذا القرار الذي سيفقر المستشفيات الوطنية". وعبّر المكتب الوطني للنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر عن استيائه من كيفية تدبير وزارة الصحة لموضوع مشاورات تهم بالأساس صحة المواطن المغربي، خاصةَ في الجانب المتعلق بمشروع نظام الوقت الكامل، وقال إن "الوزارة الوصية لا تؤمن بمبادئ المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور، على الرغم من الآثار الوخيمة التي ستترتب عليها إذ ستُفقد الثقة بين الوزارة والممثلين الشرعيين للأطباء؛ وهو ما يهدد مستقبل الحوار بين الطرفين. بدر الدين داسولي، رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، أورد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن "هيئته النقابية كانت قد وضعت عدة طلبات للقاء المسؤولين بالوزارة، قصْد إبداء الرأي وتقديم المقترحات الكفيلة بإخراج القطاع الصحي من الأزمة التي يعيشها"، مستدركاً قوله: "لكننا ووجهنا بالتسويف والمماطلة وصم الآذان، لا سيما أننا ما فتئنا نطالب الوزارة الوصية بتطبيق القانون وعدم الرضوخ لضغط لوبيات معروفة". وقال المسؤول النقابي إن "وزارة الصحة تسْتَقدمُ جمعيات لا علاقة بالقطاع ولا تضمُّ في عضويتها مِهنيين يعرفُون خبايا ومشاكل المهنة"، مورداً أن "الوزارة انبطحت لتغول لوبيات تستغلُّ انعدام الرغبة الحقيقية في الإصلاح لتبسط سيطرتها على القطاع برمته، وها هي اليوم تحاول تمرير مشروع مرسوم الوقت الكامل المعدل، بالرغم من أنه يهدد بإفراغ المنظومة الصحية من محتواها". وتسعى الحكومة إلى إخراج مرسوم يتعلّق بنظام الوقت الكامل المعدل المعروف ب TPAوالذي يقرّ السماح للأساتذة الجامعيين بممارسة الطب خارج المؤسسات العمومية؛ وهو الأمر الذي يَعْتَبِرُه الداسولي "يتعارض مع القوانين المنظمة للمهنة، خاصة المادة 3 والمادتين 109 و108 من القانون 131-13 الذي يعتبر هاته الممارسة غير قانونية". وتطالب النقابة بضرورة تطبيق قانون الممارسة الطبية والقوانين الجاري بها العمل ومحاربة جميع أنواع الممارسة غير القانونية للطب؛ ومن بينها اشتغال الأطباء الأساتذة في القطاع الحر، إضافة إلى مراجعة اتفاقيه التغطية الصحية الإجبارية والتعريفة الوطنية للخدمات الصحية التي لم يتم تجديدها منذ 2006، والتسريع بإنجاز المراسيم التطبيقية للتغطية الصحية والتقاعد لفائدة المهن الحرة، مع ضرورة استبدال نمط الاقتراع العام لانتخاب أعضاء الهيئة الوطنية للأطباء بنمط الاقتراع القطاعي، في انتظار تأسيس هيئة خاصة تمثل أطباء القطاع الحر. كما تدعو هيئاتُ القطاع الخاص وزيرَ الصحة إلى إعادة النظر في التدبير الضريبي للعيادات الطبية وتحويله إلى نظام جبائي مماثل للشركات محدودة المسؤولية، مع تأكيدها على وجوب سن مدونة المسؤولية الطبية بشكل واضح، والتراجع عن المتابعات الجنائية للمهنيين حين ارتكاب أخطاء طبية، وتسهيل المسطرة المدنية من أجل تعويض الضحايا.