يسعى الناخب الوطني هيرفي رونار إلى إثباث نفسه رفقة "أسود الأطلس" أمام كبار كرة القدم العالمية، في أول ظهور له في منافسات كأس العالم، بعد أن سطع نجمه على مستوى القارة السمراء باعتباره واحدا من أحسن المدربين في السنوات الأخيرة. وكسب رونار تحدي التأهل لكأس العالم لأول مرة في مسيرته، بعد أن قاد أسود الأطلس لمعانقة العرس العالمي لخامس مرة في تاريخ كرة القدم المغربية، ودون اسمه كثاني مدرب فرنسي، ورابع مدرب أجنبي يحجز بطاقة التأهل مع المنتخب المغربي، علما أن الراحل عبد الله بليندة يعتبر الإطار الوطني الوحيد الذي قام بإنجاز مماثل في مونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 1994. ونجح رونار في تكرار إنجاز مواطنه الراحل هنري ميشال، الذي كان وراء آخر موعد للمنتخب الوطني مع كأس العالم في مونديال فرنسا سنة 1998، موقعا رفقة العناصر الوطنية على مشاركة متميزة، كانوا أقرب خلالها من التأهل للدور الثاني، لولا الهزيمة التاريخية والمفاجئة للمنتخب البرازيلي في مباراته الأخيرة أمام النرويج بهدفين لواحد. وبالرغم من االبداية المتعثرة في الإقصائيات، بتعادل خارج الميدان مع منتخب الغابون (0-0)، وآخر داخل الميدان مع المنتخب الإيفواري (0-0)، لم يقدم خلالها "الثعلب الفرنسي" نفسه بالسمعة التي تليق بمدرب سبق له التتويج بكأس إفريقيا في مناسبتين، فإنه استطاع تكوين فريق منسجم تحذوه الإرادة والرغبة في تحقيق الفوز؛ وهو ما انعكس على أداء الأسود في نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017 بالغابون، بتأهله للدور الثاني بعد انتظار دام 13 سنة، وإقصائه لحامل اللقب المنتخب الايفواري بعد الفوز عليه في المباراة الأخيرة بهدف للاشيء. وكانت كلمة السر التي يركز عليها رونار هي روح المجموعة، وقدرته الكبيرة على تحفيز لاعبيه، مستعينا بالخبرة الواسعة التي راكمها في الملاعب الإفريقية، من خلال اشتغاله في البداية كمساعد لمواطنه كلود لوروا الذي أشرف على تدريب العديد من المنتخبات الإفريقية كالكاميرون الذي توج معه بكأس إفريقيا سنة 1988 والسنغال وغانا، والكونغو الديمقراطية. وبعد ذلك استطاع رونار أن يفرض نفسه كشخصية متفردة في عالم التدريب بإفريقيا، بعد قيادته للمنتخب الزامبي المغمور للفوز بكأس افريقيا للأمم سنة 2012 لأول مرة في تاريخه، حارما المنتخب الإيفواري من التتويج باللقب القاري على أرضه وبين جماهيره، قبل أن يعود ثلاث سنوات بعدها لحمل الكأس الإفريقية مع الفيلة بغينيا الاستوائية. وكان لهذه الخبرة وروح الفوز التي تميز شخصية رونار أثر استثنائي على عناصر المنتخب المغربي، حيث استطاعوا أن يجدوا إيقاعهم، ونجاعتهم الهجومية بعد نهائيات كأس إفريقيا بالغابون، الشيء الذي سمح لهم بالتفوق على المنتخب المالي بستة أهداف للاشيء بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وانتزاع صدارة المجموعة بعد الفوز على الغابون بثلاثية نظيفة بالمركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء. ووضع الفوزان الحاسمان المنتخب الوطني على بعد نقطة واحدة من التأهل للنهائيات؛ وهو ما تعامل معه رونار باحترافية كبيرة، بتحمله للجزء الأكبر من ضغط المباراة، وابعاده عن لاعبيه، وتسييره لفترات اللقاء أمام كوت ديفوار بكل ثقة في النفس، جعلته يخرج منتصرا بهدفين للاشيء، وقيادته لأسود الأطلس لتحقيق حلم التأهل لكأس العالم بروسيا، الذي ظل يراود الجماهير المغربية لمدة 20 سنة. وبعد إضافة اسمه إلى سجل المدربين الذين بلغوا المونديال مع أسود الأطلس، أبى رونار إلا أن يسهم في إنجاز آخر لكرة القدم المغربية، عندما ظل قريبا من مجموعة الإطار الوطني جمال السلامي، التي تمكنت من الفوز ببطولة إفريقيا للاعبين المحليين التي احتضنها المغرب مطلع هذه السنة، وتوج ذلك باستدعائه للهداف التاريخي للشان أيوب الكعبي، والمدافع بدر بانون للائحة النهائية التي ستشارك في مونديال روسيا. والأكيد أن الإطار الفرنسي لن يكتفي بالتأهل للنهائيات، أو المشاركة من أجل المشاركة، ربارغم من أن القرعة أوقعت أصدقاء العميد المهدي بنعطية في مجموعة صعبة إلى جانب المنتخب الإسباني الفائز بكأس العالم سنة 2010، والمنتخب البرتغالي الفائز بكأس أوروبا سنة 2016، والمنتخب الإيراني الذي سبق له الفوز بكأس آسيا ثلاث مرات. إن المتتبع لمسيرة رونار يعرف أن الرجل يجعل من الصعوبات حافزا لتحفيز لاعبيه، والدفع بهم لتقديم الأفضل، ولن يرضى بظهور مغاير للصورة التي ألفها عنه المتتبعون، كمدرب يتمتع بروح الفوز، وعاشق للتحدي، وتقديم نفسه للعالم عبر مشاركة تاريخية مع أسود الأطلس في المونديال الروسي. ويعدّ الفرنسي هيرفي رونار خامس مدرب يتأهل مع أسود الأطلس إلى نهائيات كأس العالم، بعد اليوغوسلافي بلوغوجا فيدينيك سنة 1970 بالمكسيك، والبرازيلي المهدي خوسي فاريا سنة 1986 بالمكسيك، والمغربي الراحل عبد الله بليندة سنة 1994، والفرنسي الراحل هنري ميشال سنة 1998. وقاد هيرفي رونار أسود الأطلس في 27 مباراة، خمس منها في تصفيات كأس إفريقيا تأهل خلالها إلى دورة الغابون 2017، وواحدة أمام الكاميرون التي تستقبل النهائيات سنة 2019، وأربع في نهائيات الغابون، وست عن الإقصائيات المؤهلة إلى المونديال، فضلا عن 12 مباراة ودية. وحققت العناصر الوطنية رفقة هيرفي رونار 16 فوزا، وستة تعادلات، مقابل خمس هزائم، ثلاث منها رسمية.