بالرغم من أنّ شهادة الباكالوريا لم تعُد لها تلك القيمة الاعتبارية التي كانت تحظى بها في الماضي، فإن اجتياز امتحان "الباك" ما زال يجري في أجواء خاصة، ملؤها الخوف والترقب، سواء من لدن التلاميذ أم من لدن أولياء أمورهم، مما ستتمخض عنه أيام الامتحان من نتيجة. ترقّب وانتظار أمام بوابة ثانوية الشريف الإدريسي التأهيلية في حي الرياض بالعاصمة الرباط، ربَض عشرات الآباء والأمّهات تحت أشعة الشمس منتظرين أن ينتهي أبناؤهم وبناتهم من اجتياز الفترة الصباحية لامتحان الباكالوريا الموحّد، المنطلق صباح اليوم الثلاثاء. أمّهات وآباء جعلهم "هَمُّ" النتيجة، التي سيحصل عليها أبناؤهم وبناتهم المُمتحَنون، يخلقون مجموعات نقاش أمام المؤسسة التعليمية يناقشون فيها ظروف استعداد التلاميذ للامتحانات ومرحلة ما بعد الحصول على شهادة الباكالوريا، ويمتدّ النقاش إلى الوضعية العامة للتعليم في البلاد. تقول سيدة وهي تترقب أن ينفتح باب المؤسسة التعليمية لاستقبال ابنها: "اللي علينا درناه. عاوناهم فالمراجعة ديال الدروس. ربي ما يخيبهومش"، قبل أن تتقدم بضع خطوات نحو باب المؤسسة التعليمية، مع اقتراب الساعة الحادية عشرة، موعد انتهاء امتحان الفترة الصباحية. وفيما كان الآباء والأمهات منشغلين بالنتيجة التي سيحصل عليها أبناؤهم وبناتهم، كان أصحاب المعاهد العليا الخاصة وأصحاب مراكز "الدعم والتقوية" منشغلين بالبحث عن "زبناء" من بين التلاميذ، حيث كان عدد من عملاء هذه المعاهد يوزّعون منشورات إعلانية أمام باب المؤسسة التعليمية. لا للغشّ على غرار السنوات الماضية، كان هاجس الغش والتسريبات في الامتحانات حاضرا بقوة مع انطلاق امتحانات الباكالوريا لهذه السنة. على واجهة ثانوية الشريف الإدريسي التأهيلية، التي زارَها سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، صباح اليوم، عُلقت لافتة كبيرة تحثُّ التلاميذ والتلميذات على تجنب الغشّ في الامتحان. "لا للغش، لننجحْ باستحقاق... لا للغش، لننجح بشرف"، كان هذا هو الشعار المكتوب بالبنط العريض الذي توسّط اللافتة التوعوية، وتحتها ورقة بيضاء تحمل تذكيرا للتلاميذ بقائمة الأشياء الممنوع إدخالُها إلى المركز، منعا كلّيا، وهي الهاتف والحاسوب المحمول واللوحة الإلكترونية، تفعيلا للقرار الوزاري الصادر بالجريدة الرسمية عدد 605 بتاريخ 4 يونيو 2012. وتحاول الوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم التقليص من حالات الغشّ في امتحانات الباكالوريا، خاصة بعد تواتُر التسريبات خلال السنوات الماضية؛ لكنَّ الحدّ نهائيا من الغش يستحيل أن يتحقق، حسب رأي أحد الآباء، موضحا أن "الغش في الامتحانات ظاهرة عالمية، ماشي غير فالمغرب، وقدما المسؤولين شددوا الإجراءات التلاميذ كيجيبو حيل جديدة". تفاؤل وخيْبة من خلال تقاسيم وجوه التلاميذ، يُمكن قراءة النتائج المتوقع أن يحصلوا عليها؛ فمنهم من لفظته بوّابة مركز الامتحان وهو مبتسم، ومنهم من كان الوجود مخيّما على وجهه، ومنهم من لم يتمكن من التحكم في نفسه فترك دمعات الخيبة تنزل على خديه. "ما تبكيش، لا ما جبتيش نقطة تعوضي بالإنجليزية"، تقول تلميذة لزميلة لها كانت تبكي، فيما كانت تلميذات وتلاميذ آخرون يبادلون العناق مع آبائهم وأمهاتهم، بعد أن اجتازوا أولى مراحل امتحان "الباك" بسلام. أغلب التصريحات التي استقتها هسبريس من التلاميذ كانت مُفعمة بالتفاؤل بالحصول على نقطة جيدة، ومنهم من بلغت به الثقة في النفس إلى حد التأكيد على أنّه سيحصل على نقطة كاملة. "غادي نجيب عْشرين"، يقول تلميذ بثقة عالية في النفس، بعد أن اجتاز امتحان الفيزياء. التفاؤل بإمكانية الحصول على نقط في المستوى المطلوب لم يكن مرتسما فقط على وجوه التلاميذ، بل على مرافقيهم أيضا. يقول حارسُ عامّ إحدى الثانويات التأهيلية الذي رافق تلاميذ المؤسسة لاجتياز امتحان الباكالوريا في ثانوية الشريف الإدريسي التأهيلية بالرباط "جاو معايا ثلاثين تلميذ، كلهم خرجو ضاحكين، من غير واحد التلميذة خرجات كتبكي". ويضيف الحارس العام الذي كان يستقبل تلاميذ مؤسسته، ويوجّههم إلى الحافلة التي أقلّتهم إلى حي الرياض، "هاد العام امتحان الفيزياء كان في المستوى، ماشي بحال العام الفايت، كان صعيب بزاف، وأغلبية التلاميذ جابوا نقطة ضعيفة".