أجواء من الترقب، أمهات افترشن الأرض وهن ينتظرن أبناءهم للخروج من باب ثانوية جابر بن حيان التأهيلية بالدار البيضاء، بعد اجتيازهم امتحانات نيل شهادة الباكالوريا. كان تلاميذ السنة الثانية باكالوريا الذين يغادرون قاعات الامتحان فرادى؛ بعضهم تبدو عليه علامات الرضا، وآخرون لم يتقبلوا ظروفه وأسئلته. أمهات وآباء يمتحنون سيارات هنا وهناك، على متنها آباء وأمهات التلاميذ، نساء يتبادلن الحديث فيما بينهن وهن يفترشن الأرض، وأعينهن ترقب المغادرين للبوابة الرئيسية للثانوية، ينتظرون خروج أبنائهم الذين يجتازون الامتحانات بشعبة علوم الحياة والأرض. بالرغم من إيصالهم لهم صباحا إلى الثانوية لإجراء الامتحان؛ فإنهم عاشوا أجواء الممتحنين، إذ أصروا على البقاء طوال ساعات الامتحان جوار الثانوية ينتظرون أخبارا سارة عن أبنائهم. كانت النسوة، اللواتي عاينتهن جريدة هسبريس الإلكترونية، يسألن كل تلميذ أو تلميذة غادر بوابة المؤسسة عن أجواء الامتحان: "كيف دوزتوا يا ولدي؟ واش صعيب؟". هاجس الحراسة كان حاضرا لهن، خاصة أن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي شرعت في تطبيق مضامين قانون زجر الغش، حيث بادرت إحدى النساء لسؤال تلميذ التقى بوالده الذي كان ينتظره أيضا: "كيف كانت الحراسة، واش خلاوكم دخلوا التيليفونات؟ ياكما زيروكم؟". تذمر من امتحان حصاد توالى خروج التلاميذ الذين ينتمون إلى أربع مؤسسات تعليمية وهي "شوقي، ابن البخاري، ابن تومرت، فيردان"، الذين اجتازوا الامتحان في شعبة علوم الحياة والأرض؛ لكن غالبيتهم بدوا متذمرين من أول امتحان في عهد الوزير "التيكنوقراطي" محمد حصاد الذي لبس عباءة حزب الحركة الشعبية في آخر لحظات تشكيل حكومة سعد الدين العثماني. فقد عبر غالبية التلاميذ، حتى الذين يعد مستواهم جيدا، عن تذمرهم واستيائهم من نوعية الأسئلة التي وضعت في مادة الفيزياء، والتي لم تخطر على بال أحد، ناهيك عن كونهم لم يدرسوا ذلك في المؤسسات التي ينتمون إليها بحسب تعبيرهم. وقال أحد التلاميذ، في تصريح لهسبريس: "هادشي صعيب بزاف، ما فهمنا فيه والو، وهادشي لي حطو لينا ما قريناهش"، وهو الرأي نفسه الذي زكاه تلميذ آخر بقوله: "منين جابو هادشي، راه ما قريناهش، وهادشي لا يساعد أصلا على ولوج سوق الشغل، الله يدير لي فيها الخير". حال الفتيات ليس بأفضل من حال الذكور، بدورهن كشفن أن مادة الفيزياء التي افتتحوا بها أول أيام امتحانات الباكالوريا لهذه السنة صعبة جدة، إذ قالت إحداهن للجريدة: "ثلاث ساعات ما درت فيها والو، هادشي صعيب بزاف وماموجدينش ليه". ووسط هذا التذمر والغضب من الوزير محمد حصاد، اعتبر تلميذ، من بين الذين تحدثت إليهم هسبريس، أن الامتحان كان في المتناول، كما أكد الوزير في تغريدة له على موقع "تويتر"؛ فقد بدا التلميذ مسرورا بإجابته عن الأسئلة، وهو يتحدث إلى زملائه عن الأسئلة، لكن آخرين لم يرقهم ذلك مؤكدين أنها كانت صعبة جدا. أم إحدى التلميذات وهي تحضن ابنتها انتقدت واضعي هذه الأسئلة، معتبرة أنها صعبة وليست في المتناول، مشيرة إلى أن العديد منهم خرج في الساعة الأولى بعدما تبين لهم عدم القدرة على الإجابة عنها. الغش ورمضان إجراءات زجر الغش، التي شنتها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي هذه السنة، أرخت بظلالها على أجواء الامتحان؛ فقد منع التلاميذ من إدخال هواتفهم، كما ضربت حراسة مشددة داخل القاعات. التلاميذ داخل ثانوية جابر بن حيان التأهيلية بالدار البيضاء امتعضوا من الحراسة المشددة التي تؤثر على نفسيتهم، إذ أكد أحدهم في تصريحه للجريدة أنه "لا يعقل أن تجري امتحانا في مثل هذه الظروف، ثلاثة أساتذة يحرسون القاعة، ورجل أمني في الباب، هذا أمر يؤثر على نفسيتنا وعلى تركيزنا". لكن بعض التلاميذ كانوا أكثر "حظا" بالنظر إلى كون الحراسة في القاعات التي اجتازوا داخلها الامتحان لم تكن مشددة، إذ خاطبت إحدى التلميذات زميلتها: "حنا كانوا عندنا واحد جوج مابيهمش، ولكن واحد اللحية كان تايميك علينا بزاف". كما وجهت انتقادات إلى وزارة التربية الوطنية لبرمجتها امتحانات نيل شهادة الباكالوريا تزامنا مع شهر رمضان، حيث يجتازونها وهم صيام، إذ قال أحد التلاميذ: "تجي مع 8 وأنت صايم، راه بزاف، خاصة أننا تانسهروا في رمضان"، مضيفا "لا يجب أن يتم إجراء الامتحانات بتاتا في هذا الشهر؛ لأنه يؤثر على التلاميذ".