في كثير من الدلائل السياحية، خاصة منها الأجنبية، وبصفة أخص في مرحلة الحماية الفرنسية، يتم الحديث عن عين شالة كعين تنسب إليها عدة خوارق وقدرات علاجية، ونادرا ما يتم التطرق إلى مرجعيتها العمرانية والتاريخية. ومن بين تلك الخوارق وتلك القدرات العلاجية، ما يلي: "تحت ظلال أشجار، بموقع شالة الأثري بالرباط، توجد "عين المدافع" التي تنسب إليها مجموعة من الخوارق. فهي تأوي أسماك الأنقليس (les anguilles) التي تقرض لها قدرة علاج العواقر. تحترق حولها شموع نذرية. وبحسب الرواية الشفوية، توجد بها جنيات السلطان مولاي يعقوب التي ما زالت تحرس الكنوز المختبئة في هذا الموقع الأثري. كما لا تغفلها المقالات الصحافية الأجنبية المرتبطة بالسياحة؛ وذلك بالمنظور السابق نفسه، وبالعنوان المثير التالي: "عين الجزة" لمداواة الأمراض وسمك النون بركة للعاقر في قلعة شالة. وقد اقتبسنا منها ما يلي من الأوصاف: قلعة قديمة تقع في ضواحي مدينة الرباط تُدعى شالة، وهو المكان الذي تقصده النساء طلباً للشفاء أو للحمل أو للبحث عن عريس تأخر قدومه. خمس أساطير مهمة في الميثولوجيا المغربية، هي "عيشة قنديشة، بغلة القبور، بابا عيشور، مغارة إمي نفري، وقلعة شالة". وقلعة شالة أهم بكثير من الأساطير السابقة، لكونها واقعا موجودا، ويمكن لمن يشاء أن يزورها، ويطلع على زواياها، وما تبقى من معمارها، ليزيل بعض الغموض الذي أشيع عنها من قصص غريبة. كثيرات يصدقن الروايات التي تحكي عن أسماك النون، وكون هذه الأسماك تمظهرا لجنيات تسكن هذا الحوض المبارك. ويمكن للزائر أن يرى الينبوع السحري الذي أطلق عليه اسم "عين الجزة"، وهو ما تبقى من دار الوضوء القديمة. ويطعم الزائرون أسماكه التي تشبه الأفاعي أجزاء من البيض المسلوق، الذي يباع في القلعة لإطعام هذه الأسماك، وهي تسبح مؤدية رقصات جماعية تسحر العيون. وتمس الأسماك الأجساد الطالبة للشفاء، التي تستحم في الحوض مسا لطيفا، ويقول من قصدها للشفاء إن المطلوب تحقق، ونال مراده بذلك المس لهذه الأسماك التي تسمى أسماك النون. ويوجد ركن ظليل بأشجار كثيفة الأغصان يسمى "ركن العاقرات"، يقع قريبا من الحوض يستر النساء عند تغيير ملابسهن بعد الاستحمام. والكثيرات ممن ألقين بالقطع النقدية في الحوض وطلبن من الله تعالى أن يرزقهن بالزوج، تحقق لهن ذلك". أما حوض النون، فيقع في الجهة الجنوبية الغربية للخلوة وقد كان في الأصل قاعة للوضوء لمسجد أبي يوسف، وقد نسجت حوله الذاكرة الشعبية خرافات وأساطير جعلت منه مزارا لفئة عريضة من ساكنة الرباط ونواحيها. *باحث في الأنثروبولوجيا